ننشر السيرة الذاتية لسكرتير عام مساعد القليوبية الجديد اللواء دكتور محمد معوض عقل    «الضرائب»: مد أجل تقديم إقرار القيمة المضافة عن شهر سبتمبر 2025    وزير الخارجية يبحث مع نظيره البولندي سبل تعزيز العلاقات الثنائية    سفير الصين: بكين تؤكد دعمها لإقامة الدولة الفلسطينية وتثمن الجهود المصرية    نجم الأهلي السابق: توروب مازال يطبق فكر عماد النحاس حتى الآن    خالد مرتجي: علاقتي الخطيب قوية.. والجمعية العمومية للأهلي ستظل مصدر القوة والدعم    أحمد السيد: توروب مازال يطبق فكر عماد النحاس حتى الآن    جمارك الدخيلة تحبط تهريب مبيدات حشرية محظورة داخل شحنة كالسيوم قادمة من الصين    إحالة التيك توكر مداهم للمحكمة الاقتصادية بتهمة بث فيديوهات خادشة    إصابة شخصين فى حادث انقلاب موتوسيكل بقنا    سفير تركيا يشيد بالمتحف المصري الكبير: صرح حضاري وثقافي فريد    هيئة الدواء: 108 مستحضرات مغشوشة ومهربة وغير مطابقة للمواصفات في 2025    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    عضو بالتحرير الفلسطينية: مصر تقود تحركات من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بغزة    نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر: عمر والدي كان 12 عامًا وقت الاكتشاف    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    أمن الجيزة يكشف لغز العثور على جثة شاب غرق في نهر النيل بإمبابة    رئيس مياه القناة: قريباً التشغيل التجريبي لمحطة رفع صرف صحي الهوانية بالإسماعيلية    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    التنسيق الحضاري: توثيق 365 شارعًا بعدة محافظات ضمن مشروع حكاية شارع    ب4 آلاف جنيه.. فيلم درويش يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    ملفات ساخنة على طاولة أول لقاء يجمع المستشار الألمانى ورئيس تركيا    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    تعرف على الوظائف المطلوبة بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رئيس «الناشرين العرب»: صناعة النشر العربية تمر بمرحلة دقيقة تتطلب مبادرات جادة لإعادة بنائها    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلتذهب سيادة الأمة للجحيم
نشر في المصريون يوم 25 - 07 - 2011

شعرت بالأسف عندما سمعت عن نية المجلس العسكري اعداد ما يسمي "مبادئ فوق دستورية" ليتم وضعها – رغم أنف الجميع – في الدستور الجديد. وقد استغربت كثيرا من ردة فعل الرافضين لهذه الخطوة , حيث أعلن أغلبهم ان تلك الوثيقة تتنافي مع نتائج استفتاء 19 مارس, هذه المعلومة صحيحة فعلا ولكنها لا تلخص الموقف القانوني لهذه المبادئ .. وانتظرت كثيرا ان اري احد فقهاء القانون يفند مميزات وعيوب هذا الموضوع ولكن هذا لم يحدث للأسف .. أو ربما حدث دون ان أراه , لذلك آثرت انا الفقير لله أن أضع لكم تصور مستوحي من بعض كتب الفقه الدستوري لتوضيح القيمة القانونية لما يسمي " المبادئ فوق الدستورية "
من البديهي ان هناك بعض المواد التي يجب ان توضع في أي دستور يتم اعداده في أي دولة في العالم ,تلك المبادئ التي تتعلق بالركائز الاساسية التي ستقوم عليها الدولة مثل النص علي ان نظام الدولة رئاسي او برلماني بالاضافة الي المبادئ المتعلقة بالحرية والمساواة وعدم التفرقة , فلا يصح ان يضع احدهم دستورا ويكتب في مادته الاولي " جميع البيض متساويين في الحقوق والواجبات , أما السود فلا حقوق لهم " لأن هذا يدخل في نطاق العنصرية البغيضة والتفرقة بين المواطنين علي اساس الجنس او اللون او الدين أو العرق .. وإذا كانت تلك هي المبادئ التي يقصدها المجلس العسكري فنحن جميعا نعرفها ونؤمن بها ولم نكن في حاجة الي الدكتور اسامة الغزالي حرب ليعلمنا إياها , أما اذا كان الجيش يقصد بعض المبادئ التي تتعلق بهوية الدولة فيجب ان نقف عند هذه النقطة ..
ما معني كلمة " مبادئ فوق دستورية " ؟ هذا يعني انها مبادئ غير قابلة للتعديل وإلا فلماذا سموها "فوق" دستورية ؟ , حتي هذا المسمي لا يتفق مع الترتيب المنطقي للسلطات .. فمن المعروف ان الدستور "يسمو" علي جميع القوانين الاخري لانه الاصل والمصدر لكل نشاط قانوني في الدولة , فما معني ان يتم اعطاء بعض المبادئ مكانة أعلي من الدستور نفسه ؟ هذا هراء دستوري, وتلك المبادئ الفوق دستورية تسمي في فقه القانون الدستوري بأسم " الجمود المطلق الجزئي" ..
وبعد الفحص والدارسة تبين أن هناك خمسة أراء بصدد ما يسمي "الجمود المطلق الجزئي" , اربعة اراء منها ترفضه وتجرده من أي قيمة قانونية تعتبره بمثابة اماني ورغبات شخصية لا تتمتع بأي صفة الزامية ومن اشهر مؤيدي هذا الرأي الفقيه الفرنسي الاستاذ جورج بيردو .. والفقيه الدستوري ثروت بدوي والدكتور يحيي الجمل حتي وإن اختلفنا مع بعض ارائهم جميعا بصدد امور اخري ..
وقد استند هؤلاء جميعا علي حق الامة في تعديل دستورها كليا او جزئيا وقتما تشاء لأنه "لا يجوز للسلطة التأسيسية التي تضع الدستور لجيل معين من الأمة أن تقيد السلطة التأسيسية للأجيال القادمة"
أما الرأي اليتيم الذي يؤيد "الجمود المطلق الجزئي" فقد استند الي حجج ضعيفة جدا منها ان حظر تعديل بعض مواد الدستور – حتي وإن تعارض مع مبدأ سيادة الامة – إلا انه لا يجوز تعديل الدستور الا بالطرق التي حددها الدستور نفسه ويجب الالتزام بهذا الحظر لانه تم النص عليه في الدستور , وكأنهم يقولون بمنتهي الصراحة نحن ضد سيادة الامة , فلتضرب الامة رأسها في الحائط ولتحيا المبادئ فوق الدستورية ..
ولقد نصت المادة الاولي من دستور الثورة الفرنسية الصادر عام 1791م أن " الجمعية الوطنية التأسيسية تعلن أن للأمة حق لا يتقادم في أن تغير دستورها" أي ان الفرنسيين وصلوا الي هذه البديهيات منذ عام 1791 بينما نحن لانزال نحاول اختراع العجلة ولا نستفيد من تجارب الشعوب الاخري , وحتي إن حاولنا الاستفادة فأننا نأتي بأسوأ القيم والقانونين الموجودة في الخارج ونحاول تطبيقها , والويل كل الويل لمن يرفض هذا ..
ومن المخاوف التي تراود البعض ايضا ان يتم وضع مادة معينة تتيح للجيش حماية تلك المبادئ الفوق دستورية بكل الوسائل , وفي هذه الحالة يجب ان نتذكر ما حدث في تركيا حينما كان الجيش يتدخل كل خمسة دقائق لعزل حكومة تلو الاخري بدعوي الحفاظ علي مبادئ العلمانية التي ارساها مصطفي كمال اتاتورك ,, ونحن وإن كنا نحترم المؤسسة العسكرية المصرية ونعترف بدورها المشرف في الثورة إلا اننا نرفض مثل هذه المبادئ لانها تتنافي مع مبدأ الفصل بين السلطات كما انها لم تثبت نجاح يذكر في أي مكان طبقت فيه , بالاضافة الي ان هذا يعد انتهاكا صارخا لدولة القانون لانه لا يوجد سلطة أعلي من الدستور لانه هو الذي ينشئ السلطات ويحدد الاختصاصات , ولكني نفس الوقت متأكد ان المؤسسة العسكرية لن تورط نفسها في هذه البدعة الدستورية لأنها اكبر وأشرف من هذا ..
ولو حاولنا ان نتأمل الدول التي طبقت المبادئ فوق الدستورية فسوف نجد ان دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة الصادر عام 1946 نص علي عدم جواز تعديل الشكل الجمهوري للدولة وهو شرط بديهي لان الفرنسيون قاموا بأكثر من ثورة وفي كل مرة يأتي شخص ما يستبد بسلطته ويعود بالدولة للشكل الدكتاتوري حتي ان احدي الجمعيات التأسيسية – يا للهول – استبدت بسلطتها ووضعت كل سلطات الدولة في يدها ! لذلك اثر الفرنسيون وضع هذا النص لحماية النظام الجمهوري وهو أمر لا اعتراض عليه .. وقد سارت ايطاليا ووتركيا علي نفس النهج , ونحن وضحنا بعض مساوئ الجانب التركي – قبل حكم اردوغان – منذ قليل ..
أما الدستور المصري الصادر عام 1923 الذي يتشدق به ادعياء القانون فقد نص علي عدم جواز تعديل المواد الدستورية الخاصة بنظام توارث العرش وسارت الكويت علي هذا الدرب في دستور 1962 وتبعتها المغرب بدستورها الصادر عام 1972 .. بالاضافة الي الجزائر التي يحكمها الدكتاتور بوتفليقة الذي نكل بالاسلاميين بعد ان نالوا الاغلبية في الانتخابات التي تبعت الثورة .. والقاسم المشترك في كل هؤلاء أنهم مجموعة من الملوك يحاولون الحفاظ علي عروشهم ولا يؤمنون بالمبادئ الديمقراطية بل يريدون الجلوس علي الكرسي حتي الممات ومن بعدهم ابنائهم .. هذه هي قصة المبادئ فوق الدستورية بإختصار شديد , مدعمة بالحجج والبراهين و أؤكد انها تعد انتهاكا صارخا لدعائم الديموقراطية لذلك فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام تغييب دولة القانون بهذا الشكل الغريب الذي يفتقد أي حجة أو برهان وحجته الوحيدة هي "فلتذهب سيادة الأمة للجحيم"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.