* عندما تبيح الدولارات المحظورات , فاعلم أن كل شئ جاهز للبيع والشراء . كل شئ بما تحتويه الكلمة من معنى . الفتاوى سوف تباع جاهزة وحسب المقاس , الوطن سوف يباع ليصير فندقا للمبيت . الدماء سوف تباع فى سوق الخيانة والنذالة . المواقف السياسية سوف تباع وتشترى حسب الثمن المدفوع فيها . الأحزاب السياسية ستصبح كظهور الأنعام لتركبها أي سلطة وزينة أمام المجتمع فقط لتحسين الصورة والديكور . . الكلمة سوف تباع فى سوق القنوات الفضائية حسب الأوامر الصادرة وسوف يتحول الاعلامى إلى بوق للسلطة يردد كالببغاء مالا يعلم ولا يفقه . الساسة سيتحولون إلى ديكور فى حجرة جلوس أى سلطة حاكمة لزوم الديكور والزينة والزركشة السياسية . سوف يصبح السيد " الدولار " هو صاحب الكلمة العليا , يأمر فيطاع , وينهى فينتهي الجميع . سوف يتحول الإنسان إلى مخلوق غريب له ألف وجه وألف لسان وألف أذن . سوف يبيت المرء إنسانا ويصحو فى الصباح ليجد نفسه شخصا آخر هو نفسه لايعرفه من كثرة وسرعة تبدل وتغيير المواقف والآراء . * جاء فى الحديث الشريف " ملعون ذو اللسانين , ملعون ذو الوجهين " . إن صاحب الوجوه المتعددة ملعون . إن صاحب الألسنة المتعددة ملعون . لان مثل هولاء لاتقوم على أكتافهم أوطان , ولا يتقدم بسواعدهم دولة , ولا يرقى ولا يسمو بمثلهم شعب ولا أمة . إن هولاء مثل نبات " اللبلاب " يتسلقون على كل الجدر , ويزحفون على كل الأسوار , ويمتدون من أسفل إلى أعلى طولا وعرضا . يحرفون الكلم عن مواضعه ويلوون عنق الكلام ليتوافق مع هواهم لأنهم فى الأصل أصحاب هوى وزيغ وانحراف . لايأتمنون على دين ولا وطن , ولا يرجى منهم خير وليس فيهم نفع ولا خير , لا لأنفسهم ولا لأسرهم ولا لأوطانهم . لان الذي سهل عليه بيع دينه بدنيا غيره , يكون أشد سهولة عليه أن يبيع وطنه وأهله وعرضه وشرفه بثمن بخس دراهم معدودة . لان المبدأ والقاعدة أن" الدولارات تبيح المحظورات" *هولاء المتلونون دائما مع من دانت له الحياة وابتسمت له الأقدار . وكما يقول الشاعر وهو يخاطب المتلونين : عادني الدهر نصف يوم.... فانكشف الناس لي وبانوا ..... أيها المعرضون عنى عودوا.... فقد عاد لي الزمان . هولاء يبيعون كل شئ , ويشترون أى شئ , بشرط أن يكونوا شيئا مذكورا فى المجتمع . احذرهم ولا تصاحبهم ولاتؤاكلهم ولاتشاربهم ولا تجالسهم لأنهم كالخمر إثمهم أكبر من نفعهم . ليس لهم قضية محددة يدافعون عنها ويؤمنون بها . فليست النائحة كالثكلى , وهولاء مستأجرون يلطمون فى كل مأتم ويبكون فى كل جنازة ولكنهم كالنائحة المستأجرة التى تلطم الخدود وتشق الجيوب ولا تذرف دمعة واحدة من عينها لان الميت لايعنيها لأنها مستأجرة تبكى وتلطم مقابل الأجر المعلوم...!؟. احذرهم أن يخدعوك بحسن كلامهم وطلاقة ألسنتهم فما خفى كان أعظم . * إن آفة أي مجتمع هو انتشار المتلونين بين الناس انتشار النار فى الهشيم . هولاء يمثلون نقطة الضعف الكبيرة داخل المجتمع , وهم الشرخ الذي يصيب بنيان المجتمع ويجعله فى أى وقت آيل للسقوط والانهيار . تراهم فى الصباح بلسان , وفى المساء بلسان , تراهم معك بوجه , ومع غيرك بوجه آخر . بل إن شئت فقل أنهم دائما مع أصحاب السلطة والقوة , وهم مع من دانت لهم الحياة واقتربت وبشت فى وجوههم وضحكت . لايعاملون الناس بما يستحقون أن يعاملونهم به , لكن يعاملونهم حسب ميزان المصالح ودائما هذا الميزان مختل ومعتل ولايستقيم أبدا لان الدنيا لاتدوم لأحد . والسلطة لاتدوم لأحد , لذا فهم يميلون مع كل سلطان , ولايستقرون على حال أبدا وأولئك هم المنافقون حقا . * لقد جاء فى الحديث الشريف فيما معناه " يكون فى آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا , ويمسى الرجل مؤمنا ويصبح كافرا , يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل . " وهذا الحديث الشريف يدل يدل دلالة قاطعة على سرعة تحول المرء من الإسلام إلى الكفر ومن الكفر إلى الإيمان . هذا فضلا عن الاستعداد لبيع أي شئ حتى لوكان الدين أو الوطن أو العرض مقابل عرض من الدنيا قليل . لان فى ملتهم وعقيدتهم " الدولارات تبيح المحظورات ..!؟. " وعليه فكل شئ جاهز للبيع والشراء مادام الدين والضمير فى أجازة مفتوحة . إنه لأمر مخزي ومشين وعار كبير على أى إنسان ينتمي للإنسانية أن يبدل وجهه فى اليوم ألف مرة ويغير لسانه فى اليوم آلف مرة وكأنه يجيد التحدث بكل لغات العالم . * فمادامت الدولارات تبيح المحظورات فانتظر المفاجآت , وانتظر البيع والشراء , وانتظر التحول فى المواقف والآراء كل دقيقة وكل ثانية وكل لحظة . لان الأهواء هى التي تسير صاحبها , والمصلحة الفردية هى التي تقوده بصرف النظر عن العقل والمنطق والصواب لان بريق الدولارات تذوب معه كل المحظورات , ويصير الحلال حراما والحرام حلالا , وكل شئ مباح من المساء حتى الصباح . لذا حذر القران الكريم بل توعد المنافقين المتلونين بالعذاب والنار فقل عز وجل " إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار " فهم ليسوا فى النار فقط بل فى قاع الجحيم لأنهم افسدوا البلاد والعباد وأضاعوا الدنيا والدين ولوثوا كل شريف واتهموا كل برئ وشوهوا كل حر . * قال أحد الحكماء : "هناك رجل رجل , ورجل نصف رجل , ورجل ربع رجل , ورجل شبه رجل ورجل لارجل . " ولايمكن أن يقوم المجتمع ويعلو صرحه ويقوى بنيانه على أكتاف أنصاف وأرباع وأشباه الرجال فى السياسة والاقتصاد والتعليم وكل مجالات الحياة . لان هولاء ذكور وليسوا رجالا والفرق شاسع بين الذكورة والرجولة . مصر اليوم فى حاجة إلى رجال أقوياء لايتلونون ولا يتغيرون ولا يبيعون دينهم ووطنهم بمنصب زائل أو بمال لاقيمة له . لك الحق أن تحزن عندما ترى إعلاميين أنصاف رجال . لك الحق أن تتجرع الحسرات عندما ترى ساسة أرباع رجال . لك الحق أن تتألم عندما ترى ميزان العدالة مختلا ومتأرجحا ومائلا فى يد بعض من يجلسون على منصة العدالة . لك الحق أن تأسى وتبلع آهاتك وحسراتك عندما لاترى فى بعض من يعتلون مناصب الدولة من ينطبق عليه لفظ "رجل " لأنهم ليسوا على قدر ضخامة المسؤولية وأعبائها وتكاليفها . ويبدو أن معادن الرجال قد أصابها الغبار والصدأ فأصبحت عملة نادرة قليلة الوجود إلا مارحم ربك .