انتقد وزيران للعدل في نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي قرار إحالة 60 قاضيًا لمجلس التأديب والصلاحية، بدعوى التوقيع على بيان لدعم الرئيس الذي أطاح به الجيش في يوليو 2013، فيما وصفاه ب "القرار "المعيب لفقدانه للأهلية القانونية". وقال المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق، إن القرار بإحالة 60 قاضيًا من مختلف الدرجات القضائية، إلى مجلس التأديب والصلاحية، "حكم مُسيّس كباقى الأحكام الأخرى التى أصبحت تنهال علينا بطريقة مفزعة"، موضحًا أن "قضاء مصر الآن أصبحت أحكامه القضائية مُسيّسة، وهى الأحكام التي تراوحت ما بين القمع والتعسف لمعارضي النظام بالسجن والإعدام". وأشار إلى أن "عددًا من القضاة أصبح مجرد أداة من أدوات النظام للتنكيل بمعارضيه، وأن أحكام هؤلاء القضاة منحازة للنظام، مما أدى إلى فقدان الثقة في القضاة، بسبب مجموعة من التصرفات غير المقبولة. مستنكرًا أن تتم إحالة 60 قاضيًا لمجلس التأديب والصلاحية للتعبير عن رأيهم في واجب وطني وليس عملاً سياسيًا، وأيضًا إحالة 600 شخص فى جلسة واحدة للنظر فى إعدامهم، مطالبًا من النظام الحالي بالابتعاد عن السلطة القضائية حتى لا يتم تشويش أحكامه. ورأى أن "الأحكام ليس لها أى مبرر أو سند، ومنها على سبيل المثال معاقبة قاضٍ لتلميذة لأنها وضعت إشارة رابعة، وكذلك فتيات 7 الصبح، كل هذا خروج عن المألوف". وقال مكي إن القضاة يمر الآن بأزمة ثقة، مؤكدًا أن ثقة الأمة فى القضاء هى المصدر الوحيد الذى يؤكد نزاهته، وحياديته، مطالبًا فى الوقت ذاته بأن يتحرك الشعب المصرى لرفع يد النظام عن السلطة القضائية. ورفض مكي أن يتم منح مشايخ الأوقاف الضبطية القضائية، مضيفًا أن من مصائب هذا العصر أيضًا وضع رئيس الجامعة طلاب للتجسس على زملائهم، كل ما يحدث يدل على أننا نعيش فى ظل نظام بائد مستبد خرج من رحم النظام الذى اعتزم القضاة تبرئتهم وإطلاق سراحهم، وهم رجال نظام مبارك رغم جرائمهم الكبيرة التى تنوعت بين القتل والنهب والتعذيب والفساد. وأكد وزير العدل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، أنه يعتز بهؤلاء القضاة رغم مخالفته الرأي لهم، مشيرًا إلى أن "هؤلاء سيأتي يوم ويصبحون أبطالاً ورموزًا، وكنت أتمنى أن أكون معهم"، حسب قوله. وأضاف أن التحقيقات التى انتهى إليها المستشار محمد شيرين فهمي، قاضى التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، بإدانتهم بمناصرة فصيل سياسى هو جماعة الإخوان المسلمين، من خلال توقيعهم على بيان بهذا الشأن فى 24 يوليو 2013، تلاه المستشار محمود محيى الدين من داخل مقر اعتصام رابعة العدوية لا يعتبر عملاً سياسيًا كان مجرد تعبير عن الرأي، وإلى أن كل هذا لا يستدعى إحالة 60 قاضيًا من مختلف الدرجات القضائية إلى مجلس التأديب والصلاحية، والمطالبة بعزلهم من مناصبهم. فيما وصف المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، قرار إحالة 60 قاضيًا للجنة الصلاحية، وإحالة المستشار هشام جنينة، والمستشار أحمد مكي، والمستشار محمود مكى إلى محكمة الجنايات بأنها "مذبحة قضائية جديدة، سيتحمل النظام نتائجها"، مشيرًا إلى أن "هناك نية مسبقة من النظام للعصف بالقضاة". وقال إن "البيان صدر دفاعًا عن الدستور الذى عطل وعن القضاء الذى أهين بإهدار نتائج الانتخابات، والاستفتاء على الدستور الذى تم تحت إشرافهم". واعتبر أن "البيان هو مجرد رأى فى أحداث جسام وقعت ببلادهم وهو حق دستورى بصريح نص المادة 65 من الدستور الذى كفل الحق فى إبداء الرأي والتعبير عنه بكل صوره". وأشار إلى أن "البيان قد صدر من خيرة قضاة مصر الذين يعرفون واجبهم نحو أنفسهم ونحو القضاء وأمتهم، ومن ثم فقد نادوا جميع القوى السياسية بالمسارعة فى إجراء مصالحة وطنية". ولفت إلى أن "البيان دعا إلى نبذ العنف وحقن الدماء، وأن القضاة الموقعين عليه أكدوا من خلاله أنهم لا ينحازون لأحد ولا للجماعة، وأن انحيازهم الوحيد للشرعية والقانون والدستور الذي هو مبرر وجود القضاء وسنده". واعتبر إلى أن قرار إحالة 60 قاضيًا يمثل حالة من الثأر والانتقام من معارضى النظام، مشيرًا إلى أنها "دعوة صريحة لكل واحد يخرس على قول الحق وأن يصمت على الباطل وإلا كان مصيره كمصيرهم"، في ظل وجود "نية للعصف بهؤلاء القضاة الشرفاء". وقال وزير العدل الأسبق إن "مصر الآن تشهد حالة من التدهور الشديد، فمن يقول كلمة الحق يعتبر خائنًا، مستغربًا اتهام المستشار محمود محيى الدين بتزوير توقيعات القضاة رغم أن البيان لا يحمل أى توقيعات حتى يتهم بتزويرها، مؤكدًا أن أنه ليس له أى أدنى صلة بإعداد البيان واستطلاع رأى القضاة بشأنه، وإنما اقتصر دوره على تلاوة البيان. وتابع: "كل ذلك يؤكد اتجاه النية للعصف بقضاة تيار الاستقلال والزج بالمستشار هشام جنينة والمستشار أحمد مكي ومحمود مكي بالتحريض على إصدار البيان رغم أنهم لا صلة لهم على الإطلاق بذلك، وإنما كان الزج بهم فى القضية ليس إلا تصفية للحسابات". وكشف سليمان أن المستشار محمد شيرين فهمي تربطه صلة صداقة بالمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، وقد اعترف له بذلك، الأمر الذي يمنعه من التحقيق فى شكوى مقدمة منه ومن رفاقه، وقد طلب القضاة تنحيه عن مباشرة التحقيق وأقام بعضهم دعاوى لرده إلا أنه قُضى برفضها. ورأى أن "المستشار محمد شيرين فهمي فقد حياديته فى تحقيق القضايا التى أسندت إليه المتعلقة بقضايا تيار الاستقلال؛ حيث حاول قاضى التحقيق بشتى الطرق خلق اتهامات بإسنادها إليهم، فعلى سبيل المثال قضية المستشار حسن ياسين الذى قضى مجلس التأديب ببراءته، مما أسند إليه وأورد فى أسباب الحكم أن التحقيقات لم تتضمن ما يمكن إسناده للمستشار حسن ياسين". واعتبر سليمان أن "التحقيق الذى أجراه فهمي باطل لاستناده بقرار صادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة فى الوقت الذى تنص فيه المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يكون الندب بقرار من الجمعية العامة للمحكمة أى فيه مجموع القضاة الذين يشكلون الجمعية العامة وليس برئيس المحكمة منفردًا، وقد دفع القضاة هذا الإجراء ببطلان التحقيقات ولكن لا مجيب فى دولة تؤكد كل يوم إهدارها لأحكام القانون"، بحسب قوله. فيما اعتبر المستشار عبدالستار إمام، رئيس نادى قضاة المنوفية، أن قرار إحالة عدد من القضاة إلى مجلس التأديب والصلاحية، لاتهامهم بالتوقيع على بيان دعم الرئيس المعزول محمد مرسى أو الانضمام إلى حركة قضاة من أجل مصر أو غيرهم، فإن هذا لا يعد استبعادًا لهم من مناصبهم القضائية المختلفة. وأكد أنه لا يجوز استبعاد أي قاضٍ من الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة، على خلفية قرار إحالتهم إلى مجلس التأديب والصلاحية بتهم الاشتغال بالسياسة، مشيرًا إلى أن القاضي الذي يجلس على منصة القضاء محل ثقة، قائلا: "المتهم بريء حتى تبت براءته". وأضاف أن التحقيقات إذا توصلت إلى اشتغال القضاة بالسياسة بالمخالفة لقرار مجلس القضاء الأعلى وثبت تعسف القاضى وأساء استخدام السلطة القضائية تتم إحالته لمجلس الصلاحية ولها أن يحكم بإعادته للمنصة أو إحالته لوظيفة إدارية أو إحالته للمعاش. من جانبه، قال المستشار ناصر شعشع، مساعد وزير العدل لشئون التفتيش، وأمين عام اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، إن مجلس التأديب والصلاحية هو الذى سيحدد مصير القضاة الذين تمت إحالتهم على خلفية توقيعهم على بيان رابعة. وأضاف أن القضاة المحالين للصلاحية لم يتم وقفهم عن العمل طبقا لقانون السلطة القضائية، مشيرًا إلى أن القضاة أو المستشارين الذين يحقق معهم لا يتم وقفهم عن العمل طبقًا لقانون السلطة القضائية أما بالنسبة لمن تمت إحالتهم لمجلس التأديب فهؤلاء القضاة يكونوا في إجازة لحين الانتهاء من محاكمتهم طبقا للمادة 103 من قانون السلطة القضائية التى تنص على أنه "عند تقرير السير في إجراءات المحاكمة يجوز لمجلس التأديب أن يأمر بوقف القاضي عن مباشرة أعمال وظيفته أو يقرر أنه في إجازة حتى تنتهي المحاكمة وهو ما يعنى أن جميع القضاة والمستشارين المحالين لتأديب تم استبعادهم من الإشراف على الانتخابات البرلمانية لوجودهم في إجازة.