خبراء الاقتصاد: النظام تجاهل الأموال المهربة للخارج ولم يحدد أوجه إنفاق أموال صندوق تحيا مصر سياسيون: الفقير فى مصر هو الضحية والنظام لن يجرؤ على مواجهة رجال الأعمال
"دائمًا يدفع المستضعفون الثمن لأنظمة الحكم المتوالية فى مصر والتى دائمًا ما تزين المستقبل للفقراء فى مصر بالآمال الوهمية"؛ فبعد وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى كرسي الرئاسة حلم المصريون بغد أفضل وأن تكون هناك حالة اقتصادية كريمة وحياة معيشية أفضل بعد ثلاث سنوات من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مصر، لكن المصريين استيقظوا على كابوس رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية إضافة إلى رفع بعض أسعار المنتجات الغذائية؛ مما ساهم فى إحباط المواطن المصرى بأن الدولة بالرغم من هذه الإجراءات التقشفية التى فرضت على الفقراء إلا أنها لم تمس رجال الأعمال وأصحاب رءوس الأموال من قريب أو من بعيد؛ فلم يفرض عليهم أي ضرائب ولم تمتد يد النظام إلى تحميل مَن حصلوا على الأراضى من الدولة بدون وجه حق فاتورة الإجراءات التقشفية ولم يتجه النظام إلى محاولة استرداد الأموال المهربة من الخارج بل تخصص فى جمع التبرعات لصندوق تحيا مصر الذى لم يعلن حتى الآن عن أوجه صرف هذه الأموال والى أين سيتوجه.
السيسى ورجال الأعمال.. وجهًا لوجه لم يستطع الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يفرض ضرائب على رجال الأعمال منذ توليه الحكم حتى الآن وكل ما فعله هو مطالبتهم التبرع لصندوق تحيا مصر على الرغم من حصولهم على أراضٍ من الدولة بأسعار بخسة لا تتناسب مع سعرها الحقيقي إضافة إلى أنهم هم الوحيدون القادرون على انتشال مصر من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.
أراضى الدولة.. متى تعود للوطن؟ هناك عمليات تمت على أراضى الدولة لحساب مجموعة من الأشخاص أقاموا القرى والمنتجعات وحصلوا على هذه الأراضى بأسعار رمزية وحققوا مكاسب ضخمة ولم يصدر قرار إلى الآن من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى بتسوية هذه الأراضي.
الأموال المهربة.. محلك سر يبدو أن محاولات استرداد أموال مصر لن تتوقف، كذلك لن يتوقف تقديم مشروعات القوانين والمبادرات لاستردادها من الخارج، فبعد مرور ثلاثة أعوام على ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأكثر من عام مضى على أحداث يونيو وبعد قدوم الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الرئاسة إلى الآن لم تسترد مصر من أى أموال منهوبة لها بالخارج.
صندوق تحيا مصر.. لمَن؟ صندوق تم الإعلان عنه ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لدعم اقتصاد مصر والتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ودعم العدالة الاجتماعية وهو صندوق تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، مما يثير الشكوك حول وجهة صرفه خاصة مع عدم الإعلان حتى الآن حول أوجه صرف أموال هذا الصندوق. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء خبراء الاقتصاد والسياسة فى أسباب قيام نظام السيسي بتحميل فقراء مصر فاتورة التقشف وعدم مواجهة رجال الأعمال. تقول الدكتورة علياء المهدى، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه لا توجد حتى الآن أية معلومات متعلقة بالأموال المهربة إلى الخارج وعملية استردادها وكيف تم تهريبها، مشيرة إلى أن الحكومة بالفعل شكلت لجنة لبحث هذا الأمر لكن دون جدوى من ذلك، موضحة أن الحكومة قامت برفع جزء بسيط من الدعم على الكل لأن الدعم في مصر لا يوجه إلى الفقراء فقط بل للجميع لكنه أثر فى الفقراء أكثر من الأغنياء، لأنهم الأكثر احتياجًا فى حين أن الحكومة لم تفرض أية ضرائب على الأغنياء وهذا أمر غريب لكن نستطيع أن نقول إن اعتبارات العدالة الاجتماعية لم تتحقق بعد؛ فالحكومة قد تكون لا تريد أن تغضب رجال الأعمال لكي لا يؤثر ذلك على عملية الاستثمار. فمن المفترض على الحكومة عندما رفعت الدعم أن تعوض الأسر الفقيرة تعويضًا كافيًا بما يعادل 500 جنيه شهريًا لكل أسرة لمدة سنتين أو ثلاثة لكن لم يحدث ذلك وقامت الحكومة بتقليل الدعم جزئيًا ولم تعوض الأسر الفقيرة وسيكون لهذا الأمر تأثير سلبى بعد ذلك. ويقول الدكتور محمود عبدالظاهر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن الحكومة الحالية من نبت هذا البلد ومن نبت ثقافة هذا الشعب وإن لم تحدث طفرة نوعية نستطيع أن نقول إنها لم تحدث نوعًا من أنواع التغيير الحاد والجازم الذى يشعر به الإنسان العادى، فأداء الحكومة هو أداء تقليدي كأى حكومة حكمت مصر قبل ذلك قد تكون هناك أوضاع ساءت لكن هناك آمالاً من الممكن أن تكون، لكن الأوضاع الحالية والواقع المعاش تقول إن الضغوط زادت على المواطن العادى وخاصة بالنسبة لأسعار السلع والمواقف المختلفة التى تمس حياة الإنسان اليومية بل ساء الأداء كثيرًا أيضًا ما يشعر به الإنسان أن الشارع المصري الآن لم يعد فى قبضة الحكومة والمحليات إنما أصبح فى قبضة مَن يستطيع أن يفرض سطوته ونقصد هنا بنماذج محددة ومعينة. وأضاف عبدالظاهر أن الحكومة قد تكون بصفة عامة لها مشغوليات أخرى لكن الإنسان المصري يحتاج من الحكومة إلى نوع من الرعاية والاهتمام أكثر من الموقف الحالي الذى تمارسه حكومة محلب ليست الأمور بأن تكون هناك اجتماعات أو متابعات فقط لكن نريد نتيجة فعلية من هذه المتابعات وما مدى جدواها. وأكد عبدالظاهر أن الشارع المصرى منفلت والانفلات ليس له رادع والأسعار ليست لها حدود من الارتفاع متسائلا من يحدد السعر ومن يحدد هامش الربح كل هذه الأمور تحتاج مراجعة جيدة لأن هذا الأمر فى النهاية له مردود سلبى على هذا المواطن المصرى، لافتًا إلى أننا فى هذا الوقت نطمع أن يكون هناك نوع من التغيير ولابد من انتهاء هذه المعاناة وأن يلمس المواطن المصري أن هناك نوعًا من التغيير الجاد، مشيرًا إلى أن المتابعة الحكومية ليست بالظهور أمام شاشات التليفزيون والصور فى الصحف و لمجلات حتى يقال المواطن إن هناك نوعًا من الإجراء، لكن المتابعة معايشة جادة للمشاكل وحل جذري لها فوريًا وإن كانت تستعصي على من يستطيع اتخاذ هذا القرار فلابد أن يتفاعل بها إلى أن تحل. من ناحيته، يقول النائب محمد حامد النائب السابق عن حزب الوسط، إن النظام الحالي لم يقترب إلا من الفقير فقط عن طريق رفع الدعم عنه تارة وزيادة الأسعار تارة أخرى وذلك لعلمه أن الفقير لا حول له ولا قوة وهو دائمًا يكون الضحية، أما رجال الأعمال فإن السيسى ونظامه لا يستطيعان الاقتراب منهم مهما حدث لأنها يعلمان أنهم أقوياء وباستطاعتهم زعزعة الأمور خاصة رجال الأعمال أصحاب المليارات، مشيرًا إلى أن الدولة حتى لو قررت أن تقف فى وجه رجال الأعمال ستقف فقط فى وجه رجال الأعمال أصحاب عشرات الملايين أو مئات الملايين لكنها لن تمس أبدًا أصحاب المليارات وهم أسماء معدودة تخشى الدولة من الصدام معهم. وأشار حامد إلى أن الدولة بدلا من أن تلجأ إلى سحب الأراضى المستحقة من رجال الأعمال الذين قاموا بسرقة الملايين من أفدنة الدولة فى عهد نظام الرئيس المخلوع مبارك لجأوا إلى طرق أخرى كالاعتماد على التمويل الخارجي من دول بعينها أو عن طريق رفع الدعم عن الفقراء. وأضاف حامد أن رجال الأعمال كل أموالهم بالخارج ولن يستطيع أحد أن يستردها من الخارج وهذا يظهر جليًا فى أنه إلى الآن لم تسترد الأموال المنهوبة منذ ثورة يناير، خاصة أن رجال الأعمال إذا وجدوا أن الدولة تقوم بمواجهتهم سيفرون إلى الخارج وسيتركون بضعة من الجنيهات فى مصر ويرحلون، مشيرا إلى أن النظام الحالى نفسه قد وضع عدة عراقيل أمام استرداد الأموال المنهوبة فى الخارج أمام النظام السابق حتى لا يثبت نجاحه وهم أيضًا حاليًا يسيرون على نفس الدرب. ويقول الدكتور صلاح هاشم، رئيس المركز المصرى للدراسات السياسية والاجتماعية، إن النظام الحالى يتعامل مع رجال الأعمال بنظرية "حفوا ولا تجوروا"؛ حيث إن السيسى ونظامه لا يريدان الصدام مع أصحاب رءوس الأموال ولا يريد فتح عدة جبهات للصراع حاليًا خاصة أنه أمام جبهة صراع قوية حاليًا وهو صراعه ضد الإرهاب. وأضاف هاشم أن النظام خير أصحاب رءوس الأموال بين خيارين هما الإسهام التطوعى والحر أو الإسهام القصرى، فآثر النظام بأن يبدأ الإقناع فى مساهمة رجال الأعمال فى تنمية الاقتصاد المصرى عن طريق صندوق تحيا مصر وقناة السويس والمشروعات الاقتصادية الأخرى التى أعلن عنها النظام مؤخرًا.