فيما يعد صفعة قوية للمزاعم الأمريكية عن أرواح جنودها المعنوية، ونفوسهم العلية، كشفت الصحف الأمريكية وعلى رأسها “كريستان ساينس مونيتور” عن استطلاع أجرى بين عناصر من الجيش الأمريكي أكد أن 72% من المستطلعة آراؤهم يرغبون في سحب القوات الأمريكية من العراق في خلال سنة على أكثر. وأجرى الاستطلاع المثير مؤسسة “زغبي” الدولية لاستطلاعات الرأى، ونشرته مجلة “Stars and Stripes” الأمريكية المتخصصة في شئون الجيش وأخباره، وأظهر الاستطلاع أن 23% فقط يرون أنه يجب على الولاياتالمتحدة البقاء في العراق ما دام كان ذلك ضروريًا. وبالرغم من أن الاستطلاع، الذي أجرى في شهري يناير وفبراير الماضيين تم بدون موافقة وزارة الدفاع الأمريكية، إلا إن مؤسسة زغبي أكدت أنها حصلت على موافقة قادة الجيش الأمريكي في العراق لإجراء هذا الاستطلاع. ومن بين ال 72 % المطالبين بالانسحاب من العراق، قال 22% إن القوات الأمريكية يجب أن تنسحب خلال الأشهر الستة القادمة، فيما طالب 29% بانسحاب القوات الأمريكية فورًا، وقال 21% إن الوجود العسكري الأمريكي في العراق يجب أن ينتهي خلال سنة؛ بينما أكد 5% مطالبتهم بالانسحاب إلا إنهم لم يحددوا موعدًا لذلك. وقد موّل إجراء هذا الاستطلاع مركز “لو مويني” للسلام والدراسات العالمية، والذي تلقي بدوره التبرعات بشأن هذا الاستطلاع من ناشط مجهول ضد الحرب، غير أن جون زغبي رئيس مؤسسة زغبي أكد أنه لا المركز الدراسي ولا المتبرع تدخلا في محتوى الاستطلاع أو طريقة إجرائه، مشيرًا إلى أنه 75% ممن تم استطلاع آراؤهم شاركوا في عمليات انتشار متعددة في العراق، وتقل أعمار 63% منهم عن 30 عامًا، وتبلغ نسبة النساء 25%. حرب العراق “انتقام من صدام حسين”! ومن النتائج المفاجئة في هذا الاستطلاع، بخلاف الرغبة العارمة في الانسحاب بالطبع، ظهر أن 85% من القوات الأمريكية تعتقد أن الحرب التي شنتها واشنطن على العراق كان سببها الانتقام من الرئيس العراقي صدام حسين لدوره المزعوم في هجمات 11 سبتمبر 2001، وذلك على الرغم من أن لجان أمريكية عديدة ودراسات متفرقة لم تستطع العثور على دليل على وجود دور عراقي في هجمات 11 سبتمبر. وأكد 93% أنهم لا يعتقدوا بأن تدمير أسلحة الدمار الشامل التي يزعم أن صدام حسين كان يمتلكها، كانت هي السبب وراء العدوان على العراق، وعن هذه النتائج قال جون زغبي: “لقد فؤجنا بهذه النتائج، خاصة رقم ال 85%”، وأضاف زغبي: “بشكل واضح؛ هذه النتائج أعلى بكثير من إجماع الشعب الأمريكي في هذا الشأن، كما أن إدراك الناس لهذا الموضوع أعلى بكثير من الحقيقة الفعلية للوضع”. وفي مناقشة لنتائج هذا الاستطلاع أجريت على موقع مؤسسة “زغبي” الدولية على شبكة الإنترنت، وجهت المؤسسة سؤالاً للمشاركين: لماذا، في اعتقادك، يريد بعض الأمريكيين الانسحاب بسرعة من العراق، وكانت نتائج الإجابة على هذا السؤال كالتالي: اعتبر 37% أن من يطالب بانسحاب القوات الأمريكية من العراق ليسوا وطنيين، فيما قال 20% إن الناس في الوطن لا يعتقدون أن الاحتلال سوف يواصل مهمته، وقال 16% إن أولئك الذين يفضلون الانسحاب بسرعة من العراق يعارضون استعمال الجيش في الحرب الوقائية، وقال 15% إن الذين يطالبون بالانسحاب من العراق لا يتفهمون الحاجة الملحة للقوات الأمريكية في العراق. من جهة أخرى أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الاستطلاع أظهر اختلافات قوية بين قوات الاحتياط وجنود الانتظام، فبينما أعلن 49% من قوات الاحتياط و43% من قوات الحرس الوطين عن رغبتهم في انسحاب الولاياتالمتحدة الفوري من العراق، طالب 9% من مشاة البحرية الأمريكية [المارينز] الطلب ذاته. وأشارت صحيفة “نايت رايدر” إلى أن بعض المسئولين العسكريين شككوا في صلاحية هذا الاستطلاع، وقالوا إن القوات التي تكون في منطقة المعارك دائمًا ما يعبروا عن وجهة نظر أكثر سلبية بسبب وضعهم وحالتهم العسكرية. وقال المقدم “باري فينابلي” الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية: نتائج هذا الاستطلاع لا تعكس بالتأكيد الوضع والحال الذي نراه من أغلبية القوات الأمريكية، أولئك الذين يؤدون بطريقة رائعة في القتال بعيدًا عن البيت. وأشارت “نايت رايدر” في تقريرها إلى أن الجنود الأمريكيين في العراق، أبدوا كثيرًا من الاستياء بسبب حالتهم المزرية، ودللوا على ذلك بقلة أعداد الجنود المتوفرة للسيطرة على المقاومة، وقلة المعدات والأجهزة، وفوق ذلك كله التشاؤم في نجاح هذه المهمة. نتائج سابقة: وقالت مجلة “أرمي تايمز” إن النتائج التي أظهرتها استطلاع “زغبي” تؤكدها استطلاعات غير رسمية سابقة أجرتها عدد من المجلات العسكرية. وكانت مجلة “Stars and Stripes” قد قامت باستطلاع لآراء الآلاف من عناصر القوات الأمريكية في 2003، وأظهر الاستطلاع وجود روح معنوية منخفضة بين الجيش الأمريكي، وفي يناير الماضي وجد الاستطلاع السنوي الذي تقوم به مجلة “أرمي تايمز” أن الدعم العسكري لسياسة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في العراق انخفض بشكل لافت في عام 2005. وأجرت صحيفة “ذا بيتسبيرج بوست جازيت” عدة لقاءات مع الجنود الأمريكيين الذين يخدمون في العراق وينتمون لمنطقتها ولاحظت وجود مشاعر مشابهة لما جاء في الاستطلاع، وتقول السيرجنت “ميشيل ميتشلاك” من ولاية أوهايو وخدمت في العراق من يناير 2004 إلى يناير 2005: هذه النتائج شعور مشترك لدى الأغلبية، أعتقد أنه يجب أن ننسحب من العراق الآن، هناك أناس الذين يقدرون الأمريكيين، ولكن هناك آخرون لا يقدرون الأمريكيين. وأضافت “ميشيل”: لقد أنجزت الولاياتالمتحدة الكثير من الأمور في العراق، غير أن هنا أيضًا مشاكل من الضروري أن نتعامل معها، لدينا مواطنون جوعى ومشردون ويعيشون في الشوارع، لماذا نساعد الذين هناك قبل أن نساعد مواطنينا هنا؟. وهكذا يظهر يومًا بعد يوم إن الإدارة الأمريكية منفصلة عن جيشها الراغب في شدة في الهروب من جحيم العراق، ولكن كيف السبيل؟. المصدرمفكرة الاسلام