جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    أكثر من 40 عضوًا ديمقراطيًا يطالبون ترامب بمعارضة خطة ضم الضفة الغربية    نائب الرئيس الأمريكي يعرب عن تفاؤله إزاء وقف إطلاق النار في غزة    أوكا: الأهلي فاوضني مرتين.. ولهذا السبب رفضت اللعب للزمالك    إصابة 13 شخصا في إنقلاب ميكروباص على طريق «أبوسمبل- أسوان»    عاجل- بدء التقديم لحج الجمعيات الأهلية اليوم.. 12 ألف تأشيرة وتيسيرات جديدة في الخدمات    أبرزهم يسرا وهنا شيحة.. النجوم يتألقون على ريد كاربيت فيلم السادة الأفاضل    القومى للمرأة بسوهاج ينفذ مشروع تحويشة لدعم السيدات اقتصاديا بمركز المراغة    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    كم سجل عيار 21 الآن بعد آخر تراجع فى سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025؟    إلغاء مباراة برشلونة وفياريال فى ميامى.. والبارسا يصدر بيانًا رسميًا    وزير الخارجية الأمريكي يبلغ رئيس وزراء العراق ضرورة نزع سلاح الفصائل الموالية لإيران    إخلاء مقر حاكم ولاية وايومنغ الأمريكية بعد العثور على عبوة ناسفة    هولندا تؤيد البيان الأوروبي الداعي لوقف إطلاق النار في أوكرانيا    القيادة المركزية الأميركية تفتتح مركز تنسيق مدني عسكري لدعم غزة    ترامب عن تأجيل لقائه مع بوتين: لا أريد "اجتماعًا فارغًا"    سعر الدولار والريال السعودي أمام الجنيه قبل بداية تعاملات الأربعاء 22 أكتوبر 2025    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    الشباب والرياضة تنهى إجراءات تسليم وتسلم إدارة نادى الإسماعيلى للجنة المؤقتة    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    المدير التنفيذي للزمالك يكشف كواليس فشل الجمعية العمومية وأسرار الأزمة المالية    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    محمد عامر: الجونة تضم 18 فندقًا و670 محلًا تجاريًا بينها 110 مطاعم    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    «حافظوا على سلامتكم».. تحذير من حالة الطقس اليوم: ظاهرة جوية «خطيرة»    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    الحماية المدنية تسيطر على حريق تدوير مخلفات شرق الإسكندرية    تشييع جثمان شاب بأسيوط ضحية انهيار بئر في محافظة المنيا    قرار جديد بشأن استئناف عامل المنيب على حكم سجنه بالمؤبد    سفيرة قبرص بالقاهرة: مصر خيارنا الأول.. ولو كان بوسعنا اختيار جيراننا لاخترناها    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    تكريم ياسر جلال في مهرجان وهران بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    «نحن فى ساحة الحسين نزلنا».. المصريون يحييون ذكرى استقرار رأس الحسين.. وانتشار حلقات الذكر والابتهالات.. وخدمات الطرق الصوفية تقدم الطعام والشربات للزوار.. وطوارئ بمستشفى الحسين الجامعى لخدمة المحتفلين.. صور    انطلاق مهرجان القاهرة الدولى لموسيقى الجاز 30 أكتوبر بمشاركة 12 دولة    سفير الإمارات: العلاقات بين مصر وأبوظبي نموذج مثالي يحتذى به بين الدول    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    أبرزها الموز والزبادي.. أطعمة تجنب تناولها على الريق    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    رئيس الوزراء يتابع عددا من ملفات عمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل: السيسي لا يمتلك القدرة على الاعتراف بخطايا عهده
نشر في المصريون يوم 27 - 09 - 2014

لم يخف الكاتب بلال فضل، سخريته من حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن احترام الحريات في مصر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 69 يوم الأربعاء الماضي، و"التي كتبها متذاكون "فكيكون" يظنون أن معسول الكلام يمكن أن يخفي مرار الواقع الطافح".
وقال فضل في مقاله "ستحيا مصر إذا تركتموها تحيا"!، المنشور على موقع "التقرير" اليوم، إن السيسي يسير على نهج الرئيس الأسبق حسني مبارك في مخاطبة المجتمع الدولي بكلامه عن حقوق الإنسان والشفافية والتحديث والدولة المدنية والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، في حين يعيث رجاله في البلاد فسادًا ونهبًا وتطيح قوات أمنه في الشعب عسفًا وقمعًا.
ورأى أن "مصر محكومة برئيس لا يمتلك القدرة على أن يعترف بما وقع في عهده من خطايا، ولو حتى بخطاب اعتذاري أو تصالحي أو حتى تبريري يعد بالإصلاح والتغيير، وجدت رئيسًا جسورًا في مغالطة الواقع الكئيب الذي صنعه هو ورجاله، منتشيًا بقراءته لواقع المنطقة الاستراتيجي الذي يعتقد أنه أصبح في مصلحته طيلة السنين القادمة، ولذلك أخذ يقول كلامًا إنشائيًا يعلم أنه لا علاقة له بالواقع؛ لأنه ببساطة لن يجد أحدًا يحاسبه في بلاده، وسيجد قوى دولية تغض الطرف عن كل ما يفعله ببلاده، طالما ظلت محتاجة إليه".
وفيما يلي نص المقال:
ستحيا مصر إذا تركتموها تحيا!
ومن حكمة الله أن اللسان ينطق فقط بما يتلقاه من المخ، دون أن يكون له قرار خاص بما ينطق به، وإلا لكنا قد رأينا لسان المشير عبد الفتاح السيسي وهو يرفض إكمال قراءة الكلمة التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي كتبها متذاكون “فكيكون” يظنون أن معسول الكلام يمكن أن يخفي مرار الواقع الطافح، ولكنا سمعنا عندها لسان السيسي يصرخ فيه: “إيه يا أخي حرام عليك.. قول أي حاجة إنت عايزها بس مش لدرجة إنك تتكلم عن احترام الحريات وتهاجم الإقصاء وحكم الفرد”.
كنت سأكون في منتهى التقدير للمشير السيسي لو كان قد قرر أن يكون صادقًا مع نفسه ومع شعبه ومع العالم، وقال في خطابه كلامًا يشبه ما قاله أمام رؤساء تحريره، فيقول مثلًا: “على العالم أن يتوقف عن مطالبتنا باحترام حرية التعبير طبقًا للمعايير الغربية، فنحن شعوب لديها خصوصية وطنية لا تصلح معها فكرة أن ينطق من هب ودب بما يشاء دون مراعاة لأمن الوطن وسلامة أراضيه، لأن أمن الوطن مسألة أخطر من أن يتم تركها لأصحاب الآراء والأهواء.
وإذا كان البعض يظن أننا يمكن أن نخشى اعتراضه على ما نقوم به من اعتقالات فعليهم أن يشكرونا لأننا لا نقتل المعتقلين، وإذا كانوا غاضبين من قتلنا للبعض فليشكرونا لأننا لم نقتل أقاربهم، وأقول لهؤلاء جميعًا لا يهمني رضاكم ولا غضبكم، فشعبي يبارك ويؤيد ما أفعله، وكما قال قديمًا مثلي الأعلى الرئيس جمال عبدالناصر: اللي مش عاجبه يشرب من البحر الأبيض ولو مش هيكفيه عنده البحر الأحمر”.
كان السيسي عندها سيجد في مصر ملايين تصفق له وتهتف بشجاعته ويُغمى عليها من الانبهار به لأنه أعطى العالم على قفاه، وبعض هؤلاء بالمناسبة هم ذاتهم يصفقون ويهتفون وينبهرون الآن؛ لأنه “قرطس” العالم وحدثه في خطابه عن أهمية الحرية وخطورة الإقصاء ورفض حكم الفرد و”خد اللي هو عايزه برضه”. صحيح أنه كان سيتلقى بعضًا من الاحتجاجات والانتقادات، لكنه على الأقل كان سيكسب اتساقه مع نفسه، بدلًا من أن يتبع نهج مبارك الذي كان يُحدث العالم الخارجي في خطاباته عن حقوق الإنسان والشفافية والتحديث والدولة المدنية والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، في حين يعيث رجاله في البلاد فسادًا ونهبًا وتطيح قوات أمنه في الشعب عسفًا وقمعًا، فلا هو نجح في الحفاظ على عرشه ودولته، ولا هو جلب لمصر احترام العالم وتقديره.
كنت سأبكي حتى تخضلّ لحيتي حين أرى السيسي هاتفًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “تحيا مصر”، وقد قالها ثلاثًا، لو كان منذ أن حكم البلاد فعليًّا قبل أن يحكمها رسميًّا قد أعطى أي أمارة على رغبته في أن يسلك الطريق الذي تجعل مصر تحيا فعلًا كدولة تصون كرامة الإنسان وحريته وحقه في الاختيار وهي أمور لو رجع إلى كلمته نفسها وتأمل في ألفاظها المنمقة، لوجد أنها أخطر وأهم من أن تكون ديكورًا لازمًا لمرهمة العالم وجر رجل المستثمرين.
لكنني حين رأيته يهتف بكيت على الناشف، ليس فقط لأن الدموع جفت من فرط ما سالت على قصص القتلى والمساجين والمروّعين والمظلومين، ولكن لأنني رأيت مصر محكومة برئيس لا يمتلك القدرة على أن يعترف بما وقع في عهده من خطايا، ولو حتى بخطاب اعتذاري أو تصالحي أو حتى تبريري يعد بالإصلاح والتغيير، وجدت رئيسًا جسورًا في مغالطة الواقع الكئيب الذي صنعه هو ورجاله، منتشيًا بقراءته لواقع المنطقة الاستراتيجي الذي يعتقد أنه أصبح في مصلحته طيلة السنين القادمة، ولذلك أخذ يقول كلامًا إنشائيًا يعلم أنه لا علاقة له بالواقع؛ لأنه ببساطة لن يجد أحدًا يحاسبه في بلاده، وسيجد قوى دولية تغض الطرف عن كل ما يفعله ببلاده، طالما ظلت محتاجة إليه.
لا يدوم للمرء بكاء أو ضحك، ولذلك أعترف أنني عندما أعدت مشاهدة هتاف السيسي بحياة مصر، ضحكت ضحكًا مجروحًا من ذلك الذي احتكرت مصر إنتاجه من قبل حتى أن يكتشف المتنبي ضحكها الذي “هو كالبكاء”، فقد تذكرت ذلك الفيديو الترويجي الذي أصدرته حملة السيسي له خلال مسرحية الانتخابات الرئاسية ساحقة النجاح، والذي قال فيه أحد أصدقائه إن السيسي أخبره أنه لو قرأ وردًا قرآنيًّا معينًا مئات المرات سيتحقق له ما أراد، فحمدت الله أن السيسي لم يهتف في خطابه (تحيا مصر) تسعمائة وتسعين مرة لكي تتحقق أحلامه؛ إذ لو كان قد فعل لكنا أهدينا العالم مشهدًا تاريخيًّا أكثر بهجة من مشهد الزعيم الخامد معمر القذافي حين رمي ميثاق الأمم المتحدة في وجه أمينها العام، وهو مشهد اعتبرته وسائل إعلامه وقتها لحظة خالدة أبهرت العالم وأوقفت مسيرة التاريخ، دون أن يتخيل هو ولا هم ولا نحن أن آخر مشهد تاريخي له سيكون مشهدًا بشعًا كان بمقدوره أن يتجنبه، لو كان قد فعل شيئًا مما يجعل الشعوب تحيا بحرية وكرامة، ويجعل رؤساءها السابقين يموتون من فرط الشيخوخة والملل، وليس بعد سحلهم حتى الموت.
أعلم أن السيسي ليس بالسذاجة التي تجعله يتصور أن مصر ستحيا؛ لأنه هتف بحياتها ثلاثًا أو تسعمائة وتسعين مرة، فالرجل لا يترك فرصة هذه الأيام إلا وتحدث عن صعوبة المرحلة القادمة وتحدياتها المرعبة، على عكس ما كان يروجه في مرحلة التسخين للرئاسة من تصورات وردية مبشرة عن مصر التي ستصبح قد الدنيا والطاقة التي سيتم حل مشاكلها في سنة باللمبات الموفرة والمليارات التي ستنهمر من كل حدب وصوب وعربات الخضار التي ستعم بالخير على آلاف الشباب.
أعلم أيضًا أن الرجل ليس مشغولًا بآراء من يراهم كارهين لأن تحيا مصر إما حقدًا أو خيانة أو عمى قلب، لكنني أتمنى ليس فقط عليه بل على كل من يرفع شعار (تحيا مصر) ظنًّا منه أن رفع هذا الشعار يجب أن يخرس معارضيه ومنتقديه، أن عليهم أن يدركوا أن مصر ستحيا به وبغيره، وبهم وبغيرهم، فالأوطان تبقى على قيد الحياة طالما لم يحدث ما يجعلها تلقى مصير قارة أطلانتس الغارقة.
مصر تحيا وجزر باليزيا تحيا وبوركينا فاسو تحيا وترينيداد وتوباجو تحيا وميكرونيزيا تحيا، كل الأوطان تحيا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك يبقى الأجدى والأبدى من الهتاف بحياة الأوطان أن نسأل: كيف تحيا هذه الأوطان فعلًا؟ هل أهلها أحياء أم مدفونون “بالحيا”؟ هل أهلها يعيشون حياة إن لم تكن كريمة فعلًا فهي تعد وتبشر بأنها ستكون كريمة لهم جميعًا وليس لأبناء الطبقات الكريمة ومحاسيبها وألاضيشها ومماليكها؟ هل غاية مناهم من الدنيا أن ينقضي يومهم بأقل خسائر ممكنة؟ هل هم قادرون على الاعتراض إذا ضاعت حقوقهم على أيدي أصحاب النفوذ والبطش؟ هل يعرفون موقعهم الحقيقي بين دول العالم دون أن يخدعوا أنفسهم؟ هل يعرفون أنهم لن يحيوا حقًا وصدقًا كما تحيا شعوب العالم المتقدمة إلا إذا أصبحوا قادرين على محاسبة ومراقبة ومعاقبة كل صاحب سلطة؟ أم أنهم مستعدون للتفريط في حقوقهم ليسلموا مصيرهم لفرد يظنون أنه سينقذهم من وحلتهم، ولذلك فهم يصفقون له عندما يهتف (تحيا مصر)، دون أن يتذكر كل فرد منهم أنه هو مصر، وأنه إذا لم يكن يحيا كما تنبغي الحياة، فإن مصر للأسف لا تحيا كما ينبغي لها أن تحيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.