حزب الشعب الجمهوري: تعديلات قوانين الانتخابات البرلمانية خطوة مهمة لتعزبز التعددية السياسية    رئيس قطاع المعاهد: القراءة في الأزهر ليست هواية بل رسالة حياة    تعديلات قانونية لضمان «التمثيل العادل» «حراك برلمانى».. لهندسة الانتخابات المقبلة    روزاليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عمر عبدالكافى المتضخم " الحلقة 6"    رئيس شعبة الذهب: خفض الفائدة في مصر لن يؤثر على أسعار الذهب    أسعار الخضروات فى مطروح اليوم الأحد.. البطاطس ب10 جنيهات    الرئيس السيسي شهد فعاليات موسم حصاد القمح 2025.. مشروع مستقبل مصر.. امتلاك القدرة الزراعية    إنفوجراف| أبرز تصريحات د. مدبولي في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي    الإسكان: بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" بالتجمع ال6 "بالقاهرة الجديدة.. يوليو المقبل    سياسة شَريفة    لا سلام بدون فلسطين ما تفسده إسرائيل.. لا يصلحه التطبيع    رئيس البرلمان العربي يهنئ قادة دول التعاون الخليجي بذكرى تأسيسه    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    إسبانيا تنشئ مجموعة مدريد لوقف الحرب فى غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية    مبعوث ترامب: الحكومة السورية توافق على التعاون لكشف مصير المفقودين الأمريكيين    باكستان تدعو لتفعيل خطة إعمار غزة وتؤكد: لا سلام دون إنهاء الاحتلال    موعد مباراة برشلونة وبلباو في ختام الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    صاحبة اللقب الثامن لبطولة العالم ل«روزاليوسف»: نور الشربينى: أحلم بتحقيق ذهبية الإسكواش فى أولمبياد 2028    بعثة بيراميدز تعود إلى القاهرة عقب مواجهة صن داونز بدوري الأبطال    كاف يكشف عن التصميم الجديد لكأس الكونفدرالية    «التضامن» تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    صور الأقمار الصناعية.. موجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء    تحريات لكشف غموض العثور على جثة شخص في مدينة 6 أكتوبر    ضبط عناصر إجرامية من تجار المخدرات بعدد من المحافظات    إفتكرتها عصير..مصرع ربة منزل عن طريق تناول مادة غير معلومة بالخطأ بمركز البلينا بسوهاج    رابط بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس 2025 للاستعلام عن نتائج الامتحانات    تحرير 943 مخالفة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    بسبب «المشروع x».. كريم عبدالعزيز على قمة شباك تذاكر السينما    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يشارك فى المؤتمر الدولى ''اعتماد المستشفيات" بالصين    مدبولي: مصر لها تاريخ طويل من الشراكات المثمرة مع أمريكا    في يومها الرابع.. مدير «تعليم مطروح»: انتظام امتحانات نهاية العام لصفوف النقل والأسئلة واضحة    بيسيرو: حاولت إقناع زيزو بالتجديد.. والأهلي سمعه أفضل من الزمالك    "أُحد".. الجبل الذي أحبه النبي الكريم في المدينة المنورة    معركة الخمسة الأوائل وسباق المركز الثامن.. ماذا تنتظر الأندية في ختام الدوري الإنجليزي؟    مدير صحة سيناء يفاجئ مستشفى الشيخ زويد للاطمئنان على سير العمل    هيئة الرعاية الصحية: «اطمن على ابنك» تستهدف إجراء الفحوص الطبية ل257 ألف طالب وطالبة    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادًا لعيد الأضحى المبارك    خالد عبدالغفار يبحث وسائل تيسير التحاق الأطباء بمسارات التعليم المهني التخصصي    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي وفولهام والقنوات الناقلة    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل: السيسي لا يمتلك القدرة على الاعتراف بخطايا عهده
نشر في المصريون يوم 27 - 09 - 2014

لم يخف الكاتب بلال فضل، سخريته من حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن احترام الحريات في مصر في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 69 يوم الأربعاء الماضي، و"التي كتبها متذاكون "فكيكون" يظنون أن معسول الكلام يمكن أن يخفي مرار الواقع الطافح".
وقال فضل في مقاله "ستحيا مصر إذا تركتموها تحيا"!، المنشور على موقع "التقرير" اليوم، إن السيسي يسير على نهج الرئيس الأسبق حسني مبارك في مخاطبة المجتمع الدولي بكلامه عن حقوق الإنسان والشفافية والتحديث والدولة المدنية والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، في حين يعيث رجاله في البلاد فسادًا ونهبًا وتطيح قوات أمنه في الشعب عسفًا وقمعًا.
ورأى أن "مصر محكومة برئيس لا يمتلك القدرة على أن يعترف بما وقع في عهده من خطايا، ولو حتى بخطاب اعتذاري أو تصالحي أو حتى تبريري يعد بالإصلاح والتغيير، وجدت رئيسًا جسورًا في مغالطة الواقع الكئيب الذي صنعه هو ورجاله، منتشيًا بقراءته لواقع المنطقة الاستراتيجي الذي يعتقد أنه أصبح في مصلحته طيلة السنين القادمة، ولذلك أخذ يقول كلامًا إنشائيًا يعلم أنه لا علاقة له بالواقع؛ لأنه ببساطة لن يجد أحدًا يحاسبه في بلاده، وسيجد قوى دولية تغض الطرف عن كل ما يفعله ببلاده، طالما ظلت محتاجة إليه".
وفيما يلي نص المقال:
ستحيا مصر إذا تركتموها تحيا!
ومن حكمة الله أن اللسان ينطق فقط بما يتلقاه من المخ، دون أن يكون له قرار خاص بما ينطق به، وإلا لكنا قد رأينا لسان المشير عبد الفتاح السيسي وهو يرفض إكمال قراءة الكلمة التي ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي كتبها متذاكون “فكيكون” يظنون أن معسول الكلام يمكن أن يخفي مرار الواقع الطافح، ولكنا سمعنا عندها لسان السيسي يصرخ فيه: “إيه يا أخي حرام عليك.. قول أي حاجة إنت عايزها بس مش لدرجة إنك تتكلم عن احترام الحريات وتهاجم الإقصاء وحكم الفرد”.
كنت سأكون في منتهى التقدير للمشير السيسي لو كان قد قرر أن يكون صادقًا مع نفسه ومع شعبه ومع العالم، وقال في خطابه كلامًا يشبه ما قاله أمام رؤساء تحريره، فيقول مثلًا: “على العالم أن يتوقف عن مطالبتنا باحترام حرية التعبير طبقًا للمعايير الغربية، فنحن شعوب لديها خصوصية وطنية لا تصلح معها فكرة أن ينطق من هب ودب بما يشاء دون مراعاة لأمن الوطن وسلامة أراضيه، لأن أمن الوطن مسألة أخطر من أن يتم تركها لأصحاب الآراء والأهواء.
وإذا كان البعض يظن أننا يمكن أن نخشى اعتراضه على ما نقوم به من اعتقالات فعليهم أن يشكرونا لأننا لا نقتل المعتقلين، وإذا كانوا غاضبين من قتلنا للبعض فليشكرونا لأننا لم نقتل أقاربهم، وأقول لهؤلاء جميعًا لا يهمني رضاكم ولا غضبكم، فشعبي يبارك ويؤيد ما أفعله، وكما قال قديمًا مثلي الأعلى الرئيس جمال عبدالناصر: اللي مش عاجبه يشرب من البحر الأبيض ولو مش هيكفيه عنده البحر الأحمر”.
كان السيسي عندها سيجد في مصر ملايين تصفق له وتهتف بشجاعته ويُغمى عليها من الانبهار به لأنه أعطى العالم على قفاه، وبعض هؤلاء بالمناسبة هم ذاتهم يصفقون ويهتفون وينبهرون الآن؛ لأنه “قرطس” العالم وحدثه في خطابه عن أهمية الحرية وخطورة الإقصاء ورفض حكم الفرد و”خد اللي هو عايزه برضه”. صحيح أنه كان سيتلقى بعضًا من الاحتجاجات والانتقادات، لكنه على الأقل كان سيكسب اتساقه مع نفسه، بدلًا من أن يتبع نهج مبارك الذي كان يُحدث العالم الخارجي في خطاباته عن حقوق الإنسان والشفافية والتحديث والدولة المدنية والإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، في حين يعيث رجاله في البلاد فسادًا ونهبًا وتطيح قوات أمنه في الشعب عسفًا وقمعًا، فلا هو نجح في الحفاظ على عرشه ودولته، ولا هو جلب لمصر احترام العالم وتقديره.
كنت سأبكي حتى تخضلّ لحيتي حين أرى السيسي هاتفًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “تحيا مصر”، وقد قالها ثلاثًا، لو كان منذ أن حكم البلاد فعليًّا قبل أن يحكمها رسميًّا قد أعطى أي أمارة على رغبته في أن يسلك الطريق الذي تجعل مصر تحيا فعلًا كدولة تصون كرامة الإنسان وحريته وحقه في الاختيار وهي أمور لو رجع إلى كلمته نفسها وتأمل في ألفاظها المنمقة، لوجد أنها أخطر وأهم من أن تكون ديكورًا لازمًا لمرهمة العالم وجر رجل المستثمرين.
لكنني حين رأيته يهتف بكيت على الناشف، ليس فقط لأن الدموع جفت من فرط ما سالت على قصص القتلى والمساجين والمروّعين والمظلومين، ولكن لأنني رأيت مصر محكومة برئيس لا يمتلك القدرة على أن يعترف بما وقع في عهده من خطايا، ولو حتى بخطاب اعتذاري أو تصالحي أو حتى تبريري يعد بالإصلاح والتغيير، وجدت رئيسًا جسورًا في مغالطة الواقع الكئيب الذي صنعه هو ورجاله، منتشيًا بقراءته لواقع المنطقة الاستراتيجي الذي يعتقد أنه أصبح في مصلحته طيلة السنين القادمة، ولذلك أخذ يقول كلامًا إنشائيًا يعلم أنه لا علاقة له بالواقع؛ لأنه ببساطة لن يجد أحدًا يحاسبه في بلاده، وسيجد قوى دولية تغض الطرف عن كل ما يفعله ببلاده، طالما ظلت محتاجة إليه.
لا يدوم للمرء بكاء أو ضحك، ولذلك أعترف أنني عندما أعدت مشاهدة هتاف السيسي بحياة مصر، ضحكت ضحكًا مجروحًا من ذلك الذي احتكرت مصر إنتاجه من قبل حتى أن يكتشف المتنبي ضحكها الذي “هو كالبكاء”، فقد تذكرت ذلك الفيديو الترويجي الذي أصدرته حملة السيسي له خلال مسرحية الانتخابات الرئاسية ساحقة النجاح، والذي قال فيه أحد أصدقائه إن السيسي أخبره أنه لو قرأ وردًا قرآنيًّا معينًا مئات المرات سيتحقق له ما أراد، فحمدت الله أن السيسي لم يهتف في خطابه (تحيا مصر) تسعمائة وتسعين مرة لكي تتحقق أحلامه؛ إذ لو كان قد فعل لكنا أهدينا العالم مشهدًا تاريخيًّا أكثر بهجة من مشهد الزعيم الخامد معمر القذافي حين رمي ميثاق الأمم المتحدة في وجه أمينها العام، وهو مشهد اعتبرته وسائل إعلامه وقتها لحظة خالدة أبهرت العالم وأوقفت مسيرة التاريخ، دون أن يتخيل هو ولا هم ولا نحن أن آخر مشهد تاريخي له سيكون مشهدًا بشعًا كان بمقدوره أن يتجنبه، لو كان قد فعل شيئًا مما يجعل الشعوب تحيا بحرية وكرامة، ويجعل رؤساءها السابقين يموتون من فرط الشيخوخة والملل، وليس بعد سحلهم حتى الموت.
أعلم أن السيسي ليس بالسذاجة التي تجعله يتصور أن مصر ستحيا؛ لأنه هتف بحياتها ثلاثًا أو تسعمائة وتسعين مرة، فالرجل لا يترك فرصة هذه الأيام إلا وتحدث عن صعوبة المرحلة القادمة وتحدياتها المرعبة، على عكس ما كان يروجه في مرحلة التسخين للرئاسة من تصورات وردية مبشرة عن مصر التي ستصبح قد الدنيا والطاقة التي سيتم حل مشاكلها في سنة باللمبات الموفرة والمليارات التي ستنهمر من كل حدب وصوب وعربات الخضار التي ستعم بالخير على آلاف الشباب.
أعلم أيضًا أن الرجل ليس مشغولًا بآراء من يراهم كارهين لأن تحيا مصر إما حقدًا أو خيانة أو عمى قلب، لكنني أتمنى ليس فقط عليه بل على كل من يرفع شعار (تحيا مصر) ظنًّا منه أن رفع هذا الشعار يجب أن يخرس معارضيه ومنتقديه، أن عليهم أن يدركوا أن مصر ستحيا به وبغيره، وبهم وبغيرهم، فالأوطان تبقى على قيد الحياة طالما لم يحدث ما يجعلها تلقى مصير قارة أطلانتس الغارقة.
مصر تحيا وجزر باليزيا تحيا وبوركينا فاسو تحيا وترينيداد وتوباجو تحيا وميكرونيزيا تحيا، كل الأوطان تحيا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك يبقى الأجدى والأبدى من الهتاف بحياة الأوطان أن نسأل: كيف تحيا هذه الأوطان فعلًا؟ هل أهلها أحياء أم مدفونون “بالحيا”؟ هل أهلها يعيشون حياة إن لم تكن كريمة فعلًا فهي تعد وتبشر بأنها ستكون كريمة لهم جميعًا وليس لأبناء الطبقات الكريمة ومحاسيبها وألاضيشها ومماليكها؟ هل غاية مناهم من الدنيا أن ينقضي يومهم بأقل خسائر ممكنة؟ هل هم قادرون على الاعتراض إذا ضاعت حقوقهم على أيدي أصحاب النفوذ والبطش؟ هل يعرفون موقعهم الحقيقي بين دول العالم دون أن يخدعوا أنفسهم؟ هل يعرفون أنهم لن يحيوا حقًا وصدقًا كما تحيا شعوب العالم المتقدمة إلا إذا أصبحوا قادرين على محاسبة ومراقبة ومعاقبة كل صاحب سلطة؟ أم أنهم مستعدون للتفريط في حقوقهم ليسلموا مصيرهم لفرد يظنون أنه سينقذهم من وحلتهم، ولذلك فهم يصفقون له عندما يهتف (تحيا مصر)، دون أن يتذكر كل فرد منهم أنه هو مصر، وأنه إذا لم يكن يحيا كما تنبغي الحياة، فإن مصر للأسف لا تحيا كما ينبغي لها أن تحيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.