بعد إحدى مباريات كرة القدم بين منتخبي ألمانيا وتركيا في شهر أكتوبر من العام 2010 في برلين ضمن التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية القادمة ، والتي انتهت بفوز المتخب الألماني ، اندفعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتهنئة اللاعبين داخل غرف الملابس للتعبير عن فرحتها كمواطنة ألمانية بفوز منتخب بلادها، والتُقطت لها الصور التذكارية وهي تصافح نجوم الفريق. إلى هنا والموضوع لا يبدو مثيرا للاهتمام ، على الأقل بالنسبة لنا نحن المصريين ، فقد اعتدنا في بلادنا على تداخل أهل الحكم في الرياضة خصوصا في أوقات الانتصارات وظهورهم في هيئة الداعمين للمسيرة والمهيئين لها أسباب التقدم والنجاح. لكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئا ، حيث أبدى السيد " تيو تسافنتسيغر" رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم اعتراضه على ما حدث وعدم تفهمه له ، بل واعتبر ذلك نوعا من الانتهازية واستغلال الرياضة لتحقيق مكاسب سياسية. الأعجب من ذلك كان رد فعل المستشارة الألمانية التي لم تقم بشطب رئيس الاتحاد من سجلات الرياضة والرياضيين ، ولا باختلاق قضية لتبرير إقالته ، أو على أقل تقدير لفت نظره وشد أذنه بسبب سوء سلوكه، ولكنها أجرت معه محادثة هاتفية اعتذرت له فيها عما بدر منها ، معللة ذلك بأنه لم يزد على كونه تصرفاً عفوياً قامت به كمواطنة ألمانية سعيدة بفوز منتخب بلادها ، ولم يكن بقصد استغلال المناسبة لتحقيق منفعة ما ، ووعدته وعداً قاطعاً بعدم التكرار ، ولم تترك الرجل إلا بعد أن أكد لها أن سوء التفاهم قد زال بشكل نهائي بعدما تفهم موقفها. أرجو ألا تنسى أن ذلك يحدث في بلد يعد أكبر قوة اقتصادية داخل قارة أوروبا ورابع أكبر اقتصاد على المستوى العالمي بعد أمريكا والصين واليابان. حين نضع المشهد السابق بجانب تصريحات المسؤولين الرياضيين في مصر حينما كانوا يرجعون جميع الانتصارات الرياضية لدعم "راعي الرياضة والرياضيين" ونجليه بل ويتفاخرون بمصافحته والجلوس معه ، كما فعل مدرب المنتخب الوطني السابق حسن شحاتة حين وصف للمشاهدين كيف كانت روعة وبهاء وجبة الإفطار الذي تناوله مع سيادة الرئيس ، وعلى الرغم من أنها كانت مكونة من الفول والطعمية - حسب قوله – إلا أنها كانت مختلفة، حينها ندرك أن فساد السياسة في مصر لم يترك مجالا إلا ووضع عليه بصمته. في المقابل لم يألُ "راعي الرياضة والرياضيين" ونجلاه جهداً في افتعال الاهتمام والعناية بالرياضة وأهلها ، حتى كاد هذا الافتعال و"المراهقة السياسية" أن يحدثا أزمة كبرى بين بلدين عربيين مسلمين كبيرين ، لولا تدخل العقلاء من الجانبين. إن للرياضة أهدافاً سامية ومرامٍ نبيلة وغايات عظيمة، أهمها نشر الصداقة والمحبة والخلق الحميد والتواصل والترابط بين أفراد وفئات المجتمع داخليا وبين الدول والشعوب خارجياً ، ويقاس ازدهار وتطور الرياضة بازدهار وتنمية هذه الأهداف ، ويكفيك أن تشاهد واحداً من البرامج الرياضية وما أكثرها على الفضائيات لتعرف مدى الانحدار الذي أوصلنا إليه مسؤولون لم يعرفوا من المناصب إلا وجاهتها ومنافعها ، ولم يهتموا يوما ببحث قضية قومية تصلح الرياضة – التعصب على سبيل المثال - بقدر اهتمامهم بالبحث عن "سبوبة" هنا أو هناك تدرعليهم الملايين. إن الأصل في المناصب التي يسعى إليها رؤساء الأندية والاتحادات الرياضية أنها تطوعية خدمية ليس من وراءها منفعة ، لذلك فليس من المنطقي ولا من الطبيعي أن يتكالبوا عليها بهذا الشكل الذي نراه ، لا تنس أنه قد حدث تبادل لإطلاق النار بين المتنافسين على رئاسة مجلس إدارة أحد الأندية الكبيرة منذ حوالي ثلاث سنوات. إن العهد المباركي لم يترك مجالا إلا وأفسده عامداً متعمداً تحقيقاً لمصالح فردية قاصرة ، ومن الضروري أن يشمل الإصلاح كل المجالات بما فيها الرياضة حتى نصل لمصر الجديدة التي نحلم بها.