اللهم بلغنا 14 أغسطس لم يغب هذا الدعاء عن صلوات محمد الزهيري "33 عاما" طيلة الشهور الماضية، حيث منى نفسه خلالها بالتمكن من إحياء ذكرى فض اعتصام ميدان "رابعة العدوية" مع المتظاهرين في قلب الميدان الذي قضى فيه 48 يوما معتصما، غير أن الحصار الأمني الذي شهده المكان حرمه من ذلك. الزهيري، اتفق قبل يومين مع مجموعة من زملائه على أداء صلاة الظهر في مسجد بمنطقة عباس العقاد بمدينة نصر"شرقي القاهرة" للتوجه معا إلى الميدان، غير أنه ما إن دخله ، لم يلحظ أي مظاهر تنبئ بأن هناك نية لإحياء الذكرى. وفتحت قوات الأمن اليوم الحركة أمام مرور السيارات والأشخاص في ميدان رابعة العدوية والنهضة، وغيره من الميادين التي ارتبطت بالحرك الثوري مثل ميدان التحرير والعباسية، غير أنها أخذت استعدادات أمنية مكثفة بآليات عسكرية وقفت على جانبي الميدان استعدادا لإغلاقه في أي لحظة. إلا أن "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي، نفى من خلال متحدث باسمه أن يكون لديه نية للتظاهر في الميادين الرئيسية بالعاصمة. لمحات عابرة من الذكريات جالت في خاطر الزهيري، وهو يتذكر فترة الاعتصام، قبل أن تفيض عيناه بالدموع، وهو يقول لمرافقيه مشيرا إلى أحد الأبنية في قلب الميدان: "بالقرب من هذا المكان، فقدت زميلي يوم فض الاعتصام متأثرا برصاصة تلقاها في منطقة الصدر". الأمنية التي تمناها الزهيري في إحياء الذكرى مع المتظاهرين بقلب الميادين الثورية، تكررت لدى كثيرين، منهم لؤي حمدي، الذي كان يتمنى تنفيذها مع مجموعة أكبر من المتظاهرين، فخرج في مسيرة جماعية من منطقة الطالبية بالجيزة، غربي القاهرة، غير أنهم اتخذوا قرارا بالعدول عن توجه كان قائما بالذهاب إلى ميدان النهضة "أحد الميادين التي اعتصم فيها رافضو خطوة عزل مرسي". ولم يستطع حمدي حبس دموعه وهو يقول: "حتى الذكرى لم يعد مسموحا لنا بها.. كنت أتمنى إحياء اليوم في ميدان النهضة، لكن نصحنا بعدم التوجه إلى هناك، خشية سقوط المزيد من القتلى". وفي وقت سابق اليوم، نفى تحالف دعم الشرعية نيته اقتحام ميادين التحرير) ورابعة العدوية ونهضة مصر(بالقاهرة الكبرى. وقال المتحدث باسم التحالف خالد سعيد لوكالة الأناضول، إنهم لن ينجروا للفخ الذي نصبته لهم السلطات الحالية، ولن يقتحموا ميادين التحرير ورابعة العدوية ونهضة مصر، حتى لا يعطوا فرصة للأمن بالانقضاض عليهم، مؤكدا: "مصر كلها ميادين للحرية ومتاحة للتظاهر أمامنا". ولم يتمكن الراغبون في إحياء ذكرى اليوم من الوصول إلى الميادين الرئيسية، واعتمد الأمن سياسة "الإجهاض المبكر" في مواجهة مسيراتهم أثناء تجمعها بالشوارع الجانبية. وفي 3 يوليو/تموز من العام الماضي، عزل الجيش المصري بمشاركة قوى دينية وسياسية الرئيس الأسبق محمد مرسي، بعد عام واحد من حكمه للبلاد، عقب احتجاجات واسعة ضده. وفي 14 أغسطس/آب من العام الماضي فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" بالقاهرة الكبرى؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين بحسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (حكومي)، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) أن أعداد القتلى حوالي الألف. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشرت، الثلاثاء الماضي، تقريرا عما وصفته ب"القتل الجماعي في مصر خلال شهري يوليو/ تموز، وأغسطس/ آب عام 2013"، قالت فيه إن "قوات الأمن المصرية نفذت واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم خلال يوم واحد في التاريخ الحديث"، وذلك في فضها اعتصام رابعة العدوية. ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف المسؤولين عن "مذبحة رابعة"، واتهمت السلطات المصرية بأنها لم تجر أي تحقيق في هذا الإطار، فيما اعتبرت الحكومة المصرية أن التقرير "مسيس ويهدف لإسقاط الدولة".