نظرا لأهمية الصيام البالغة للإنسان، فقد سن مولانا سبحانه وتعالى صيام عدد من الأيام على مدار العام لكي يحظى العبد بتلك الفضائل السالفة، بيد أن الله حرم صيام عدة أيام وكره صيام آخر لحكم عليا.. فالأيام التي يحرم صيامها هي: صيام يوم العيدين _عيد الفطر وعيد الأضحى_ وأيام التشريق الثلاثة _وهي ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى_، غير أن الأحناف قالوا: لا يحرم صيامها في الحج، ومن الأيام التي يحرم صيامها، يوم الشك _وهو أخر يوم من شعبان_ لأنه قد يكون من رمضان وقد يكون من شعبان، كذلك يحرم صيام المرأة تطوعًا بغير إذن زوجها، أو بغير أن تعلم بكونه راض عن ذلك، وإن لم يأذن لها صراحة، إلا كان غائبًا أو مُحرمًا أو معتكفًا. أما الأيام التي يكره صيامها فهي: يوم الجمعة إذا صامه المرء منفردًاً، لقوله (صلى الله عليه وسلم): (لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده) (أخرجه مسلم) أما إذا سبقه المرء بصيام يوم قبله أو يوم بعده أو كان من الأيام التي يستحب صيامها كيوم عرفة أو يوم عاشوراء، أو الأيام الستة من شوال فلا حرج عليه وترتفع الكراهة. كما يكره إفراد السبت أو الأحد بالصوم؛ إذا لم يكن لذلك سبب من نذر أو نحوه، كأن وافق عادة له، فحين ذلك لا يكره، لقول النبي(صلى الله عليه وسلم): (لا تصوموا السبت إلا فيما افترض عليكم..) (أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذي)، ولأن اليهود تعظم السبت والنصارى تعظم الأحد. ويكره صيام الدهر كله بأن يصوم العام كله _ما عدا العيدين ويوم الشك وأيام التشريق_ ويكره التطوع بصيام يوم وعليه قضاء فرض؛ لأن أداء الفرض أهم من التطوع ومقدم عليه، كما يكره الوصال وهو أن يصوم المرء يومين أو أكثر متصلين لا يفطر بينهم، كما يكره إفراد رجب بالصوم. وفيما عدا الأيام التي يحرم صيامها والأيام التي يكره صيامها فبقية أيام السنة أيام يجب صيامها: كشهر رمضان وأيام القضاء والنذر. وأيام يسن ويستحب صيامها: كصيام ست من شوال، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) (أخرجه أبو داود)؛ لأن من صام رمضان وأردفه بست من شوال فيكون قد صام ستة وثلاثين يومًا وهي عدد أيام السنة، ومن صام هذه الأيام وظلَّ مواظبًا على صيامها في كل عام لقي الله _عز وجل_ يوم القيامة وقد كتب له ثواب صيام العمر كله. والأفضل أن يصوم المرء هذه الأيام متتابعة عند الشافعية والحنابلة، أما الأحناف فقالوا: تستحب أن تكون متفرقة في كل أسبوع يومان.كما يستحب صيام يومي الاثنين والخميس، فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يواظب على صيامهما؛ ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) (أخرجه الترمذي). وكذلك يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر عربي _الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر_ وهى الأيام البيض، وسميت بذلك لابيضاضها ليلاً بالقمر ونهارًا بالشمس، (وكان رسول الله لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر) (أخرجه النسائى)، ويستحب صيام يوم عرفة _وهو اليوم التاسع من ذي الحجة_ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (صوم يوم عرفة يكفر سنتين: ماضية ومستقبلية) (أخرجه مسلم)، ويندب أيضا صوم عاشوراء _وهو اليوم العاشر من شهر المحرم_ لقوله (صلى الله عليه وسلم): (لئن بقيت إلى قابل _أي العام المقبل_ لأصومن التاسع) (أخرجه مسلم) بيد أنه مات قبله. ويندب للقادر أن يصوم يومًا ويفطر يومًا وهو أحب الصيام إلى الله _تعالى_، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا..) مع مراعاة أنه مشروط بالقدرة والإطاقة والاستطاعة على ذلك وإلا فلا.. وأختم مقالي بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا) (أخرجه البخاري ومسلم).
* المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر