ثمة سؤال يطرح نفسه وبقوة بعد أن أطلعت قيادات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ممثلين عن ائتلافات الثورة المصرية على وثائق تؤكد تعرض البلاد لمؤامرة من أطراف داخلية وخارجية ، تهدف إلى تحقيق 3 أمور: الأول الوقيعة بين الشعب والشرطة بهدف إغراق البلاد في الفوضى والتأثير على الحالة الاقتصادية والاجتماعية ، ويدور الثاني حول الوقيعة بين عنصري الأمة من الأقباط والمسلمين ؛ لزعزعة استقرار البلاد وإظهار مصر في صورة سيئة توحي للعالم بوجود فتنة طائفية ، أما الثالث فيتضمن الوقيعة بين الشعب والجيش وذلك كعقاب للقوات المسلحة على وقوفها بجانب الثورة وحمايتها وأيضًا التأثير على القوة العسكرية للدولة وإضعافها ، والسؤال هو هل أصبحنا بين مفترق طرق ؟ لنختار بين إنكار الذات وإنجاح الثورة وبين الإصرار على جني المغانم والمكاسب الشخصية والفئوية المحدودة ومن ثم التضحية بالثورة ومكاسبها وربما مصر نفسها معها ؟؟!! لنختار بين تحقيق الأهداف الحقيقية التي قامت من اجلها تلك الثورة الشعبية الرائعة والعظيمة وبين الرجوع بعقارب الساعة إلى الوراء لتدور العقارب من جديد في ذات الاتجاه الذي كانت تدور فيه قبل الثورة وليكون ساعتها هذا هو أفضل الخيارات المتاحة ؟؟!! ليس غريبا على التاريخ أن تحدث بعد الثورات العظيمة محاولات متسارعه ومحمومة لجني ثمار تلك الثورة ليس فقط ممن شارك في الثورة ولا حتى ممن كان يمشى في الشارع وقت اندلاع الثورة بل ممن كان ضد الثورة منذ قيامها وحتى أخر لحظة . شئ من إنكار الذات بشئ من إنكار الذات من الجميع يمكن لتلك المركب أن تسير بنا وتعبر بمصر إلى بر الآمان واسمحوا لي أن أقول وبمنتهى الصدق أنه ليس من حق أحد - حتى الآن - أن يتحدث باسم الشعب المصري وان يدعى انه يمثله ويعبر عن إرادته أو يحاول حتى تفسيرها فضلا عن تقويمها وتصحيحها ، وليس من حق احد أيا كان أن يدعى انه صانع تلك الثورة الشعبية ومن ثم فهو صاحب الحق في جني ثمارها الآن وقبل الجميع ، تلك الروح هي ما يحاول أعداء الوطن وطابورهم الخامس بين ظهرانينا أن يذكيها وينفخ فيها . فتجد من الشباب من يرى نفسه صاحب الحق الوحيد في الحديث باسم الثورة ، وفى نفس الوقت تجد القوى السياسية القديمة والتي كانت جزء من النظام البائد نفسها أمام لحظة تاريخية للخروج من عباءة النظام للعب دور المعارضة لأول مرة بصورة حقيقية فلا تجد نفسها تلعب هذا الدور إلا أمام الشعب نفسه وخياراته الديمقراطية ، وبعض تلك القوى لا يجد من يمولها إلا بقايا الطابور الخامس ومن ورائهم أعداء البلاد ، وتجد بين كل ذلك جانب كبير من الشعب المصري الذي تنسم الحرية للمرة الأول منذ عقود وانطلق يعبر عن كل طالبات ( فئوية محدودة ) دون النظر لأولويات المرحلة أو مصالح عليا للوطن ، وتجد حتى الانتهازيين الذين تحالفوا مع النظام السابق يريدون الثورة أن تلبى لهم مطالبهم وشروطهم التي وعدهم بها ذلك النظام لتمرير مشروع توريثه غير مأسوف عليه . إن المخطط الذي أعلن عنه المجلس الأعلى والذي يهدف إلى تفتيت مصر إلى دويلات صغيرة ليس بجديد بل هو منشور ومنذ سنوات وتحدث عنه المستشرق الصهيوني (برنارد لويس) في أربعينيات القرن الماضي و(شاريت) في الخمسينيات ونشرته إسرائيل في مخططها المعلن – بعد توقيع اتفاقية السلام مع السادات – تحت عنوان ( إستراتيجية إسرائيل في الثمانينات) تلك المخططات التي نصت على أن ( متى تفتت مصر تفتت الباقون ) والمقصود هنا هو الوطن العربي بكاملة ، وهو ما ذكره الأستاذ الكبير الدكتور محمد عمارة في كتابة المهم ( أكذوبة الاضطهاد الديني في مصر ) وهذا السيناريو من بين السيناريوهات التي يعمل عليها الصهاينة ومن ورائهم بقية أعداء الوطن وهدفهم الاسمي هو تحقيق حلمهم المرسوم على علم إسرائيل والذي لن يرى النور طالما أن على ضفاف النيل دولة قوية وموحده . ينبغي أن نعترف إن أصحاب ذلك المخطط العدائي الجهنمي ضد مصر قد حققوا تقدما كبيرا في مخططهم طوال السنوات الثلاثون الماضية ، وحتى يتم إجهاض ذلك المخطط و تنجح الثورة حقا يجب أن تظل روح الثورة التي وحدت الشعب وصهرته في ميدان واحد حتى لم تعد تفرق بين مسلم ومسيحي أو بين وفدى أو إخواني أو ناصري ، بين رجل أو امرأة وبين صغير وكبير فجميعهم وطنيون وكلهم مصريون ، عندما نتحلى بالحكمة والعقل و بتلك الروح وعندها فقط لن تنجح أيا من تلك المخططات التي انكسرت على صخرة مصر وفشلت مخططات قبلها كثير ، ومن بين العقلاء الذين أجهضت كلماتهم مثل تلك المخططات الأنبا موسى وهو من بين حكماء الكنيسة الارثوزكسية وكان أسقفا للشباب بالكنيسة ( إننا نحن الأقباط لا نشعر أننا أقلية لأنه ليس بيننا وبين إخواننا المسلمين فرق عرقي (اثني) لأننا مصريون وأتجاسر وأقول كلنا أقباط بمعنى انه يجرى فينا دم واحد من أيام الفراعنة .......) فهل نستطيع أن نختار الطريق الصحيح لمصر بين مفترق الطرق ؟ المستشار القانوني / محكم التجاري الدولي