قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين لم تكن «مبادرة مصرية»، بل صنعها الإسرائيليون، ورئيس الوزراء البريطاني سابقًا، توني بلير، معتبرًا أنها بمثابة إعلان بموت دور مصر التاريخي كوسيط في القضية الفلسطينية. وأضاف هيرست، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مقال بصحيفة «هافينجتون بوست» الأمريكية: «المبادرة المصرية تم إعلانها ضد رغبة الولاياتالمتحدة لإحباط مبادرة أخرى بواسطة دولة قطر، وأيًا كان ما يحدث في أحد فنادق القاهرة الآن بين وفود الإسرائيليين وحماس، فإن الحوار الحقيقي ليس هناك، بل في قطروتركيا، وحماس رفضت اعتبار مصر كمفاوض موثوق به».
وتابع: «الملف الفلسطيني كان حكرًا على المخابرات العامة المصرية وجوهر التاج للسياسة الأمنية الإقليمية في مصر منذ اتفاقات أوسلو، واستمر ذلك في عهد مبارك الدكتاتوري وعهد مرسي الديمقراطي». واستطرد: «من خلال هذه القناة تحاورت إسرائيل وحماس، ومن خلالها تفاوضا على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وكانت بمثابة آلية ارتقت بها مصر إلى منصب وسيط السلام في الشرق الأوسط، وبغض النظر عما كان يفعله مبارك مع الإخوان المسلمين في الداخل، أبقت المخابرات العامة القنوات مفتوحة مع حماس، وكان مبارك رجلاً عميلاً في التعامل معها».
ورأى الكاتب: «السيسي تجاهل كل ذلك اليوم، وتحاصر مصر الحدود مع غزة بوحشية تفوق حصار إسرائيل والغرب، وكان العام الماضي الأسوأ لغزة نتيجة التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل في تفجير الأنفاق».
وأشار الكاتب إلى ظهور ثلاث كتل إقليمية متنافسة في الشرق الأوسط، أولاً ما أسماه «نادي الثورة المضادة»، المكون من دول السعودية والإمارات ومصر، والذي يجذب إليه إسرائيل والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبرًا أنها كتلة ترى الديمقراطية في العالم العربي عدوًا لدودًا.
وذكر الكاتب أن الكتلة الثانية مكونة من تركياوقطر وتونس والمغرب، الذين يدعمون حركات الإسلام السياسي، فضلاً عن الكتلة الشيعية الممثلة في إيران وحزب الله، بينما يتنافس كل هؤلاء على «كعكة فلسطين»، وفق تعبيره.
وأوضح هيرست أن هناك تنافس بين السعودية والإماراتوقطر يغذي عددًا من الصراعات بالوكالة في سوريا، حيث مول السعوديون مسلحي العشائر العراقية «داعش»، وفي لبنان وليبيا واليمن، وليس آخرًا في مصر نفسها. وواصل الكاتب مقاله: «أحد الدوافع لإعلان مصر مبادرة وقف إطلاق النار هو منع قطر من إعلان مبادرة منافسة، والإمارات بالأخص تحرص بشدة على القضاء على حركة حماس في غزة، ليحل محلها رجل فتح القوي محمد دحلان الذي يعمل ويقيم وينال الدعم من الإمارات». واختتم بالقول: «مع احتمال تنحي محمود عباس باعتباره رجلاً مهزومًا ومسنًا، فإن دحلان هو مرشح معسكر الإمارات والسعودية لتولي قيادة فتح والسيطرة على قطاع غزة بعد القضاء على حماس».