إدراج جامعة المنوفية في تصنيف «التايمز» للتنمية المستدامة    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    افتتاح المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بالديوان العام بالشرقية    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لمشروع مول تجاري سكني بشبين الكوم    100 مليون شجرة.. محافظ بني سويف: زراعة 100% من المستهدف خلال 2024    التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية: مخاوف أمريكية ودعوات لتحقيق الاستقرار    حريق المنقف.. النيابة العامة الكويتية تأمر بحبس مواطن ومقيمين احتياطيا لاتهامهم بالقتل الخطأ    10 جرحى على الأقلّ في حريق داخل مصفاة نفط شمال العراق    مايكل أوليفر حكمًا لمباراة إسبانيا وكرواتيا فى يورو 2024    تشان يكمل عقد المنتخب الألماني    وزير الشباب يتفقد تطوير مدرسة الموهوبين رياضيا الدولية    بدء تصعيد حجاج الجمعيات لعرفات غداً.. ووزيرة التضامن تطمئن عليهم هاتفيًا    حملات الداخلية على مخالفات المخابز تضبط 14 طن دقيق    ضبط كميات كبيرة من الأدوية البيطرية المغشوشة بالجيزة    سلمى أبو ضيف توثق عقد قرانها بأحدث جلسة تصوير لها    تفاصيل دور أسماء جلال في «ولاد رزق 3»    بعد تصدره الترند.. مسلم يكشف كواليس محاولة اختطاف خطيبته من سائق «أوبر»    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    وزيرا التخطيط والعمل يبحثان الملفات المشتركة وآليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في القاهرة والمدن والمحافظات    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    محافظ أسوان: تخطي المستهدف في توريد القمح    محافظ القليوبية يعتمد تنسيق قبول الصف الأول الثانوي العام    قرار جمهوري بتعيين الدكتورة حنان الجويلي عميدًا ل«صيدلة الإسكندرية»    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    أمريكا توافق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة تؤمن لأوكرانيا أنظمة دفاع جوية    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    عقوبات أمريكية لأكثر من 300 فرد وكيان يساعدون روسيا على حرب أوكرانيا    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«هنجيبه في دقيقتين».. «التعليم» تحذر من هذا الفعل أثناء امتحانات الثانوية العامة.. ماذا أقول ليلة يوم عرفة؟.. أفضل الدعاء    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    رئيس هيئة الدواء: السوق المصرية أكبر الأسواق الإفريقية بحجم مبيعات حوالي 7 مليارات دولار سنويًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قفزة خليجية في الفراغ العربي!-خليل العنانى
نشر في المصريون يوم 18 - 05 - 2011

لا أجد تفسيراً لقرار مجلس التعاون الخليجي ضَمَّ بلدين عربيين شقيقين، هما الأردن والمغرب، لعضويته سوى أنه قفزة فجائية في فراغ عربي يزداد اتساعاً وتعقيداً. وإذا كان الإطراء والثناء أمراً واجباً مع كل مناسبة يلتئم فيها عقد العرب، وتتقارب معها شعوبهم وحكوماتهم، فإن السؤال حول الحكمة والجدوى والتوقيت خلف صدور مثل هذا القرار، يظل أمراً منطقياً، وعلى الحكومات أن تقدم تفسيراً مقنعاً له حتى لا يُترك الأمر للغمز واللمز.
قطعاً هناك دوافع لإصدار مثل هذا القرار المفاجئ، وهي قد تكون مقنعة لمن أصدروه، وليس بالضرورة لمن يعنيهم الأمر من جمهور الطرفين، ولكن في عصر الثورات العربية، لم يعد مستساغاً أن تصدر قرارات مصيرية كهذه من دون أن تكون الشعوب شريكاً أساسياً في صناعتها، أو هكذا يجب أن تكون الأمور.
شكلياً، لا يخلو الأمر من طرافة، فمن الآن وصاعداً، يجب على مجلس التعاون الخليجي أن يبحث عن اسم جديد بعد أن يتسع كي يضم الأردن والمغرب، فلم يعد اسمه ملائماً، على الأقل جغرافياً، وقد اقترح بعض شباب «الفايسبوك» أن يسمّى المجلس ب «النادي الملكي». في حين اقترح البعض الآخر تسميته ب «مجلس الخليج والمحيط»، باعتبار أن المغرب يقع على المحيط الأطلسي.
قرار ضم الأردن والمغرب لم يفاجئ فقط الشعوب الخليجية، التي لم تُستشَر فى الأمر، على نحو ما تعكسه ردود الأفعال الآنية، وإنما أيضا فاجأ الأردنيين والمغاربة، فقد كنت في زيارات أكاديمية وبحثية لكل من الأردن والمغرب خلال الأسبوعين الماضيين، واستمعت إلى آراءالخبراء والمواطنين في كلا البلدين حول قرار الانضمام لمجلس التعاون الخليجي، ففي الأردن شاركت فى المؤتمر السنوي لمنتدى «غرب آسيا وشمال إفريقيا»، المعروف اختصاراً بإقليم «وانا»، الذي يشرف عليه الأمير الحسن بن طلال، وقد سمعت بالخبر أثناء وجودي بصحبة مجموعة من الأصدقاء السياسيين والصحافيين الأردنيين، الذين فوجئوا بالقرار مثلما فوجئت به، وكان رد فعلهم هو الصمت حتى تتضح أبعاد الصورة. وفي المغرب، شاركت في مؤتمر تحت رعاية وزارة الخارجية المغربية بالتعاون مع مركز أبحاث ألماني، وكان رد فعل معظم المغاربة هو الترحيب المحفوف بالحذر، وإن بدت على كثير منهم المفاجأة.
بيد أن المدهش كان في ردِّ فعل العديد من الزملاء والأصدقاء الخليجييين حول القرار، وقد قرأنا بعضاً من ذلك على صفحات هذه الجريدة خلال اليومين الماضيين (داود الشريان وخالد الدخيل وغيرهما). صحيح أن قرار ضم الأردن والمغرب ليس نهائياً، وربما يكون إصداره بهذه الصيغة المفاجئة مجرد «بالون اختبار» لقياس رد فعل الشارع الخليجي، بيد أن ما أحدثه من رد فعل حتى الآن يشي بأن صعوبات كثيرة قد تحول دون تنفيذه.
وبعيداً عن حيثيات القرار وخلفياته وتوقيت صدوره، فإن سؤال الجدوى يظل أمراً مهماً. ومن دون التقليل من شأن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والجيوإستراتيجية لهذا القرار على المجتمعات الخليجية، فإن أربع قضايا أساسية تظل في حاجة إلى توضيح، وربما إعادة نظر، قبل أن يتم المضي قدماً فى تنفيذ القرار: أولها ما يتعلق بالحكمة أو Rationale خلف قرار ضم الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي، وما إذا كان ذلك يأتي في إطار رؤية إستراتيجية أوسع تعكس رغبة دول الخليج في توسيع مهام المجلس ودوره ومظلته كي يضم بقية البلدان العربية تدريجياً (هنا قد تثار إشكالية التنسيق أو التعارض مع مهام الجامعة العربية)، أم أنه مجرد إجراء تكتيكي مؤقت وحصري في بلدين بعينهما، ما يعكس نوعاً من المغامرة غير المحسوبة. قطعاً لم يطّلع أحد على أسباب القرار الخليجي وخلفياته، وهو ما يجعل التكهن بشانه أمراً مشروعاً، بل واجباً، فإذا كان من درس علّمَتْه لنا تجارب الوحدة العربية الفاشلة، سواء بين مصر وسورية أو بين سورية والعراق، فهو ألاّ يتم اتخاذ قرارات مصيرية يكون مردودها أسوأ بكثير من عدم اتخاذها.
الأمر الثاني يتعلق بمعايير الاختيار التي تم على أساسها قرار ضم الأردن والمغرب تحديداً من دون غيرهما إلى مجلس التعاون الخليجي، فهذه المعايير يجب أن تتسم بقدر من الشفافية والصراحة والكفاءة، حتى لا تترك مجالاً للتكهنات، وحتى يتم إقناع الشعوب والنخب الخليجية بجدوى ضم أعضاء جدد من خارج «البيت الخليجي»، فإذا كان المعيار هو دعم الشعبين الشقيقين في الأردن والمغرب، فإن شعوباً عربية أخرى في حاجة إلى الدعم نفسه وربما أكثر، في مقدمها اليمن والعراق، مروراً بلبنان والسودان ومصر وتونس، إن لم نضم إليهم موريتانيا والصومال وجيبوتي. وإذا كان المعيار هو إحداث توازن إستراتيجي مع إيران، فهي حجة لا تستوي مع ضم المغرب الذي يبدو أقرب الى نيويورك (3600 ميل) منه إلى طهران (7600 ميل).
وإذا كان المعيار يعكس نوعاً من «ردّ الجميل» لكلا البلدين لأسباب يعرفها المتنفذون في المطبخ السياسي الخليجي، فإن ذلك لا يجب أن يكون على حساب مستقبل الشعوب والأجيال المقبلة، أو على الأقل لا يجب أن يتم من دون مشورتها.
الأمر الثالث هو شروط الانضمام واستيفاء متطلبات العضوية، وهو ما ينصرف إلى الإجراءات والمعايير التي يجب أن يلتزم بها الأردن والمغرب من أجل استيفاء شروط العضوية الكاملة. وهو أمر مؤسسي وفني محض يجب أن يُدار وفق منهج التكلفة والعائد وليس استناداً الى التفضيلات والحسابات السياسية الضيقة. وفي هذا الإطار، فإن ثمة أسئلة جوهرية في حاجة إلى إجابات تفصيلية، أهمها: ما هي شروط العضوية؟ وهل هناك حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية يتعين على الأردن والمغرب القيام بها قبل الحصول على عضوية المجلس؟ وما هو السقف الزمني لاستيفاء هذه الشروط؟ وما هي الإجراءات في حالة عدم استيفائها؟ ففي الحالات المشابهة، كما هو الوضع في الاتحاد الأوروبي، فإن هناك «حزمة معايير وإجراءات» criteria package يجب على أي دولة ترغب في الانضمام أن تلتزم بها، وذلك خلال إطار زمني محدد، وهو ما حدث مع كثير من دول أوروبا الشرقية التي التحقت بالاتحاد الأوروبي خلال العقد الماضي، في أكبر عملية توسعة له منذ قيامه أواخر الأربعينات من القرن الماضي.
المسألة الرابعة وأهمها، هي ضرورة إشراك المواطن العربي في اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية، فإذا كان مجلس التعاون الخليجي يعكس رغبات شعوبه ومجتمعاته وطموحاتها، فإن استشارة هؤلاء في شأن توسعة المجلس تعَدّ أمراً ضرورياً وأخلاقياً. في المقابل أيضاً، يجب استشارة أبناء الأردن والمغرب في مسألة انضمام بلديهما الى مجلس التعاون الخليجي، وسيكون من الخطأ التعاطي مع هذه القضية وفق منطق «الدجاجة التي تبيض ذهباً»، من دون النظر الى آثارها السياسية والاجتماعية على المدى الطويل.
ومن دون التعاطي الجاد مع هذه القضايا الأربع، فإن قرار ضم الأردن والمغرب الى مجلس التعاون الخليجي قد يصبح عبئاً على الجميع، وربما يُفقد المجلس جزءاً مهماً من بريقه، بما قد يعيد الجدل حول جدواه ومستقبله.
نقلا عن الحياة:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.