صباح أمس 8/6/2014.. وقبيل الاحتفال بتنصيب السيسي رئيسا للجمهورية، كتب البعض مشبها الأخير بالخديو إسماعيل، الذي نظم حفلا أسطوريا يوم 16 نوفمبر 1869.. بمناسبة افتتاح قناة السويس حضره نحو 8 آلاف من ملوك وأباطرة وشخصيات أخرى من ذوي الحيثيات الرفيعة.. كلفت مصر مليون ونصف مليون جنيه.. مما عجل بإفلاسها وماترتب عليه من أثار انتهت باحتلال أراضيها. والحال أنه ليس ثمة تشابه بين مسوغات إسماعيل لحفلته الأسطورية.. وبين مبررات السيسي لاحتفالية تنصيبه الصاخبة.. إلا في أمر واحد.. هو أن كلاهما كان يحتاج إلى اعتراف العالم بشرعيته: اسماعيل كان يحتاج إلى تنصيبه ملكا على مصر مستقلا عن اسطنبول، واستمع إلى نصيحة صديقه "ديليسبس" بأن يستغل افتتاح القناة بحفلة يدعو لها زعماء العالم فينال منه شرعيته كملك.. والسيسي نزل عند نصيحة مستشاريه قليلي الكفاءة والحرفية السياسية بتنظيم احتفالية ، يعتبر حضور زعماء العالم فيها، مكملا ل"النصف الآخر" للشرعية "المنقوصة" والقلقة التي حصل عليها بإكراه الناخبين على الإدلاء بأصواتهم. هذا تقريبا وجه التشابه الوحيد.. لكن الفروق بينهما كثيرة، من بينها أن إسماعيل كان بصدد حدث تاريخي وعالمي، وهو افتتاح أهم مجرى ملاحي في العالم، كان له بالغ الأثر في حركة التجارة العالمية.. وكان طبيعيا أن يُدعى إليه ملوك وأباطرة وزعماء العالم. وهو حدث بلا شك لا يعدل أهميته مناسبة تنصيب أي شخص مهما كانت منزلته رئيسا أو ملكا لبلده.. ولم يسجل التاريخ المصري قديمه وحديثه أنه تم تنصيب ملك أو خديوي أو رئيس في احتفالات رسمية صاخبة يدعى إليها زعماء العالم على حساب دافع الضرائب المصري: ذهابا وإيابا وإقامة وهدايا. ويبدو أن الحفل لم يحقق الهدف منه، والتمثيل الدولي كان ضعيفا بشكل واضح ومن الصعب التستر عليه.. وهو الحضور الذي عمق من مشاعر القلق بشأن ما إذا كانت شرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي، باتت مستقرة أو مقنعة للأطراف الدولية التي ما انفكت تدرج ما حدث يوم 3 يوليو بوصفه "انقلابا عسكريا" على رئيس مدني منتخب. المشهد.. لم يغير من الموقف الدولي كثيرا، فالتمثيل عكس ذات تضاريس الخريطة التي كانت عليها قبل الانتخابات: دول خليجية مؤيدة.. ومجتمع دولي متحفظ وحذر وغير متحمس للاعتراف بالشرعية الجديدة.. وعلق رأيه فيها إلى أجل غير مسمى. وفي تقديري أن "النصيحة" التي قدمت للرئيس، بعمل احتفالية كانت "ورطة" كبيرة.. وهي إحدى التجليات التي تعكس المستوى المهني "الضحل" للفريق المعاون للرئيس.. فهلا يلتفت إلى ذلك مبكرا قبل أن يسدد فواتير أكبر في مواقف أجل وأخطر؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.