تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    فقرات فنية وتكريم المتفوقين في حفل خريجي مدرسة المنيا الرسمية للغات.. صور    ثبات حتى الرحيل .. "أحمد سليمان".. قاضٍ ووزير وقف في وجه الطابور الخامس    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    تنسيق الجامعات 2025، تعرف على أقسام كلية علوم الرياضة قبل اختبارات القدرات    أسعار الذهب اليوم الأحد 2025.6.29    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 29 يونيو 2025    بعد حادث المنوفية.. طلب إحاطة لحظر نقل الركاب داخل «البيك أب» ومصادرتها    تعويضات حادث الطريق الإقليمي وتطوير المطارات، تكليفات رئاسية حاسمة للحكومة (فيديو)    في ذكرى 30 يونيو.. مسيرة البناء والتنمية لا تتوقف في "الإنتاج الحربي".. تنفيذ مشروعات استثمارية وتطوير خطوط الإنتاج.. والمشاركة في معارض التسليح الدولية للإطلاع على أحدث التقنيات    يديعوت أحرونوت: ترامب يريد إنهاء الحرب في غزة بسرعة    الأطباء يجرونها ليلًا لتجنب الملاحقة.. موضة «حقن الشفاة» للرجال تكتسح هذه الدولة    الدفاع المدني بغزة: ما يجري بالقطاع قتل ممنهج واستهداف مباشر للمدنيين    نقيب إسرائيلي: أشعر بالفزع لما يحدث في غزة.. ولا استطيع الاستمرار في العمل    تفاصيل جديدة عن مساعي الأهلي لضم خليفة وسام أبو علي    كأس أوروبا للشباب، إنجلترا تهزم ألمانيا وتحصد كأس البطولة    كأس أوروبا للشباب، تعادل بين إنجلترا وألمانيا ووقت إضافي لحسم الصراع    بعد توصية طارق مصطفى.. رئيس البنك الأهلي يعلن رحيل نجم الأهلي السابق (خاص)    احتمالية مشاركة الزمالك في كأس العالم للأندية.. مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة    بعد منافسة بيراميدز.. عدلي القيعي يكشف تدخله لحسم صفقة الأهلي الأخيرة    طارق الشناوي يعلق على اتهام أحمد السقا بضرب طليقته مها الصغير    الصعيد يتجاوز الأربعينات، حالة الطقس اليوم الأحد    بتوجيه من الإمام الأكبر.. وفد أزهري يعزي أهالي فتيات كفر السنابسة بالمنوفية    مبادرة برلمانية لحظر «البيك أب» في نقل الركاب وتعميم تجربة المنيا الرائدة    انطلاق اختبارات الموسم الثاني لمشروع "مواهبنا مستقبلنا " بثقافة الغربية    حادث أشمون.. خيري رمضان: ملعون أبو الفقر ألف مرة.. دفع الفتيات للعمل ب 130 جنيها    ماجدة الرومي تتألق خلال حفلها بختام مهرجان موازين (فيديو)    لتفادي الصداع والدوخة.. أطعمة ترفع الضغط المنخفض لطلبة الثانوية العامة    ورم واختراق.. شوكة سمكة تتسبب في مخاطر صحية غير متوقعة لسيدة (صورة)    لتخفيف الأعراض والتخلص من الألم.. 5 مشروبات فعالة لتهدئة القولون العصبي    فوائد البنجر الأحمر، كنز طبيعي لتعزيز صحة الجسم    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    بنفيكا ضد تشيلسي.. جيمس يفتتح أهداف البلوز فى الدقيقة 64 "فيديو"    إنتر ميلان يحسم صفقة يوان بوني مقابل 26 مليون يورو    حادث الطريق الإقليمي والاستراتيجية "صفر"؟!    «وقعوا في الترعة».. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالقليوبية    موعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا    سيدة في دعوى خلع: «بخيل ويماطل في الإنفاق على طفلتينا»    تعامل بعنف مع الانفصال.. طارق الشناوي يعلق على اتهام أحمد السقا بضرب طليقته مها الصغير    «القومي لحقوق الإنسان»: حادث المنوفية يسلط الضوء على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة ولائقة للفتيات    «الغالي ثمنه فيه».. مؤتمر لابناء المرحلة الإعدادية بإيبارشية طيبة (صور)    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب في السودان اليوم الأحد 29 يونيو 2025    تشويش ذهني ومعلومات جديدة.. برج العقرب اليوم 29 يونيو    شارك صحافة من وإلى المواطن    أصوات خارج نطاق الخدمة!!    المهندس يوسف عمر جودة يحتفل بزفافه على الآنسة بسملة    نشأت الديهي يوجه عتابا لرئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: كان عليه تقديم واجب العزاء    على باب الوزير    شهيدان جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي دراجة نارية جنوب لبنان    القيعى: 4 ركلات ترجيح غيرت مصير الأهلى فى الموسم الماضى.. وما تم غباء اصطناعى    رونالدو: الدوري السعودي ضمن أفضل 5 دوريات بالعالم    أخبار× 24 ساعة.. إعفاء أبناء الشهداء والمصابين بعجز كلى من مصروفات الجامعات    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. الدكتور عالم أزهري يفجر مفاجأة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    محافظ القليوبية يتفقد مركز الدم المتنقل بشبرا الخيمة.. صور    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قشة "الراجحي" التي كادت أن تقصم ظَهْر البعير في تونس

"كلما استتبّ الأمن، قام البعض بافتعال أزمات وهمِية"، هذا ما يعتقِده الوزير الأول التونسي الباجي قايد السبسي، الذي شنّ هجوما مضادّا على وزير الداخلية السابق فرحات الرّاجحي، متَّهما إياه بكونه "غير مسؤول وكاذب".
غير أن إعلان حالة الطوارئ بالعاصمة التونسية وكذلك الحوار الصحفي، الذي نقلته القنوات التلفزيونية الثلاث مساء يوم الأحد الماضي (8 مايو 2011)، لم يطمئِنا جميع التونسيين الذين اختلفت ردودهم، وذلك في ظل أجواء مشحونة، بعد أن تجدّدت المواجهات بين قِوى الأمن والجيش من جهة، ومجموعات من المنحرفين واللّصوص الذين استغلّوا الفرصة للقيام بعمليات نهْب وتخريب منظَّمة بعديد من الأحياء السكنية.
حديث عن "قصة حكومة الظل"
سياسيا، وبعد أن تحسَّن الوضع الأمني خلال الأسابيع الأخيرة، كان الجميع ينتظر أن تتوصل الهيئة العُليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي مع الحكومة، إلى حلٍّ وفاقي حول الفصل 15 من القانون الإنتخابي، المتعلِّق بحرمان مسؤولي الحزب الحاكم سابقا من حق الترشح إلى انتخابات المجلس التأسيسي، إلى جانب تحقيق التوافُق حول تركيبة الهيئة المستقلة للإنتخابات التي سيعهد إليها بالإشراف الكامل على الإقتراع.
فجأة، ظهر السيد الراجحي في حوار مصوَّر نشر على موقع فيسبوك، ليؤكِّد أخبارا راجَت في الفترة الأخيرة، مفادُها وجود "حكومة ظِل" يقودها رجل الأعمال السابق كمال لطيف، الذي لعِب دورا هاما في دعم الجنرال بن علي خلال الفترة الأولى من حكمه، قبل أن يختلف معه بسبب زواجه من ليلى الطرابلسي.
وفي الواقع، لم تظهر قصة "حكومة الظل" مؤخّرا، وإنما تداولتها الألسُن منذ حكومتيْ محمد الغنوشي الأولى والثانية، حيث كثُر الحديث يومها عن الوزير الأول السابق الهادي البكوش، الذي قيل بأنه يُدير شؤون البلاد من وراء الستار. وتعكِس هذه الأخبار والفرَضِيات، أزمة الثقة في الجهاز الحكومي ومحاولة البعض تفسير حالة التردّد في حسْم بعض الملفات أو التردّد في اتخاذ بعض القرارات (مثل محاكمة رموز المرحلة الماضية ومحاسبة المسؤولين من رجال الأمن على قتل عدد من التونسيين)، بالقول بأن الحكومة لا تزال مقيَّدة ومُحاصَرة بهذه الأطراف التي لا تزال تتمتّع – حسب اعتقاد هؤلاء – بنفوذ واسع داخل أجهزة الدولة التونسية.
ورغم نفي قايد السبسي القاطع، فقد استمر الحديث عن ذلك، حيث أكّد رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة علي العريض في بعض التصريحات وجود حكومة ظل "تُسيِّر البلاد إلى المجهول".
القنبلة التي فجّرت المشهد
كما اتَّهم الراجحي الوزير الأول بالكذب وذكر أن هذا الأخير تعرّض خلال المحادثات الرسمية التي أجراها مع المسؤوليين الجزائريين، إلى الإستفادة من خِبرتهم لقطع الطريق أمام إمكانية فوْز حركة النهضة في الانتخابات القادمة، وأنه في صورة وصول هذه الأخيرة إلى السلطة، فإن الجيش – حسب اعتقاده - سيقوم بانقلاب عسكري وأن الجنرال رشيد عمّار، القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد زار دولة الإمارات وربّما التقى هناك بالرئيس السابق بن علي. وكانت تلك القنبلة التي فجَّرت المشهد وكادت تُعيده إلى نقطة الصفر.
وفي الحقيقة، لامس وزير الداخلية السابق بقوله هذا، مسألتين تتميَّزان بحساسية عالية خلال هذه الفترة الدقيقة. تتعلق المسألة الأولى بحركة النهضة، التي تثير - منذ عودتها إلى الساحة السياسية وحصولها على التأشيرة القانونية - مخاوف أطراف عديدة، داخلية وخارجية، وذلك بالرغم من استمرار قيادتها في توجيه رسائل مُطمْئِنة عبْر التصريحات الهادئة والمواقف السياسية المعتدلة. وكلما اقترب موعد الانتخابات، إلا وازداد الشّحن السياسي والأيديولوجي ضد "النهضة"، خوفا من حصولها على نصيب الأسد في المجلس التأسيسي القادم، الذي لن يتولى فقط صياغة الدستور الجديد، وإنما أيضا تعيين الحكومة القادمة واختيار الرئيس الجديد.
وبالرغم من أن هذه الفَرَضية مُستبعَدة لاعتبارات عديدة، إلا أنها تُعتَبر من بين المسائل الغامضة التي لا تزال تُربِك المرحلة الإنتقالية وتدفَع بالكثيرين إلى ملازمة الحَذَر وعدم الوقوف على الحياد، بل إن البعض قد يلجأ إلى العنف من أجل إيقاف قطار النهضة أو إخراجه عن مساره، لهذا السبب بالذات، بنى السيد الراجحي فرَضِيته السابقة، التي تفاعلت معها بعض الأوساط ولم تستبعد وقوعها، في حين أن التحليل المنطِقي الهادئ، يجعل من المستبعَد جدا أن يفكِّر رئيس حكومة، مثل الباجي قايد السبسي، في الاستعانة بالنظام الجزائري لسحب البساط من حركة النهضة، لهذا اعتبر الشيخ عبد الفتاح مورو أن تصريحات الراجحي "تكشف عن إرادة لإبعاد الإسلاميين".
أما المسألة الثانية، التي أوقعت هذا الرجل في مأزق حادّ، فهي تخُصّ الجيش الذي يحظى بتعاطف التونسيين، نظرا لملازمته الحياد قبل الثورة وبعدها. غير أن ذلك لم يمنَع الكثيرين من عدم استبعاد احتمال لجوء الجيش إلى استلام السلطة، خاصة إذا فشل السياسيون في تطبيع الأوضاع وتحقيق الإنتقال الديمقراطي بشكل سِلمي وناجح، بل هناك من يؤمن بضرورة أن يُقدم الجيش على هذه الخطوة في حالات ثلاث: أن تعُمّ الفوضى أو تتمكن قوى العهد السابق من استعادة دورها أو في صورة وصول الإسلاميين إلى الحكم، ولهذا كان مُهِمّا أن تؤكد قيادة الجيش من جديد على التزامها بالنظام الجمهوري.
غموض سياسي
على إثر تصريحات الراجحي، تمّت الدعوة عبْر الفيسبوك إلى تنظيم مسيرة احتجاجية بقلب العاصمة التونسية يوم الجمعة 8 مايو 2011، لم تشارك فيها الأحزاب السياسية التي لازمت في غالبها الحذر.
ورغم طابعها السِّلمي في البداية، إلا أنه سرعان ما توتَّرت الأجواء وقام بعض رجال الأمن بارتكاب تجاوُزات خطيرة، ذهب ضحيتها عدد من الصحفيين خلال ممارستهم لمِهنتهم. واستباقا لِما يمكن أن يحصُل في بعض الضواحي، اتّخذ قرار تفعيل حالة منع الجولان ليلا بالعاصمة. وفي بلاغ صادر عنها، اعتبرت وزارة الدفاع أن "هذه الأقاويل المُغرضة ليست بالأمر الهين وتشكل خطورة قصوى على ثورة الشعب التونسي وعلى أمن البلاد حاضرا ومستقبلا"، وأشارت إلى أن هذه التصريحات "تستوجب التعمق في خفاياها ومراميها والكشف عن خلفياتها ولا يكون ذلك إلا من طرف القضاء الذي سيأخذ مجراه الطبيعي في نطاق استقلاليته الكاملة"، مؤكدة في الوقت نفسه تمسّك المؤسسة العسكرية بالنظام الجمهوري، وهو ما قد يؤدي لاحقا إلى رفع الحصانة عنه من قِبل المجلس الأعلى للقضاء.
واختلفت مواقف الأطراف السياسية من كل ذلك، وخيّم مرة أخرى على البلاد الغموض السياسي، مما زاد في حِدة المخاوف لدى التونسيين. وبذلك اكتملت عناصر الأزمة السياسية.
من جهة أخرى، في زيارته الأخيرة إلى تونس، أكّد المحامي والسياسي الفرنسي المعروف روبير بادنتير، أن من مصلحة التونسيين تقليص فترة الانتقال الديمقراطي إلى الحد الأدنى الممكن، وهو بذلك يشير إلى أهمية تجاوز أزمة الشرعية، التي غالبا ما تعقب الثورات. فلا توجد اليوم في تونس مؤسسات شرعية منتخَبة، وهو ما غذّى الصراع بين مختلف الأطراف وفتح المجال أمام محاولات استضعاف الدولة.
عياض بن عاشور، رئيس لجنة الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس ()
نُخبة تريد أن تحكم وجمهور يبحث عن دليل
ومن هنا، جاء حِرص الكثيرين على تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في موعِدها المحدد (24 يوليو القادم)، رغم ضيق المجال الزمني، وذلك حِرصا على إخراج البلاد من حالة عدم الشرعية. لكن التصريح الذي أدلى به مؤخرا عياض بن عاشور، رئيس الهيئة العليا، قد فتح المجال أمام إمكانية تأجيل موعد الإنتخابات إلى شهر أكتوبر أو نوفمبر القادمين، وهو ما لمح إليه أيضا الوزير الأول، رغم إعلانه أيضا بأن الحكومة متمسِّكة بإنهاء مهامِّها في نفس التاريخ المشار إليه أعلاه.
بقطع النظر عن تأخير موعد 24 يوليو من عدمه، فالمؤكّد أن الانتقال الديمقراطي في تونس لا تزال تواجهه تحديات حقيقية وصعبة. فالنخبة السياسية، وإن حقَّقت بعض التقدّم ونجحت في تجاوز بعض العقبات وتمكَّنت إلى حدٍّ ما من تأطير الحِوار بين مكوِّناتها الرئيسية، إلا أنها أخفقت من جهة أخرى في بناء أجواء الثقة داخل صفوفها، وبينها وبين الحكومة أو بينها وبين المواطنين، وهو ما تعكسه بوضوح عمليات سَبْر الآراء، التي بدأت تنظّم في تونس لأول مرة، والتي كشفت عن عُمق المسافة بين نُخبة تريد أن تحكم وجمهور يبحث عن دليل يثق فيه ويكشف له الطريق.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.