المستشار محمد عقيلة: جهات قضائية وتنفيذية ضغطت على الرئاسة لتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات.. وتشكيلها من القضاة لن يخرجها عن ثوبها الإداري - حكم العزل السياسى تخاريف تشريعية.. وحظر "6 إبريل" غير قانونى لأنه من قضاء غير مختص - الدولة لن تستطيع منع نظر قضايا خصخصة الشركات.. ولأى مواطن حق الطعن على مخالفات العقود رغم صدور القانون - قانون حوافز الاستثمار غير دستورى لأنه يمنع الأشخاص من حق التقاضى.. ولا يمكن تطبيقه بأثر رجعى أكد المستشار محمد عقيلة، نائب رئيس مجلس الدولة والقاضى بالإدارية العليا، أن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ليس دستوريًا، وقد يهدد شرعية الرئيس القادم، مشيرًا إلى أن هناك جهات قضائية وتنفيذية ضغطت على الرئاسة لتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات لأغراض بعيدة عن الدستور، وأن تشكيلها من القضاة لن يخرجها عن ثوبها الإداري. وقال عقيلة فى حواره مع "المصريون"، إن حكم العزل السياسى تخاريف تشريعية، لأنه ليس صادرًا عن أحكام قضائية، وكذلك حظر حركة "6 إبريل"، يعتبر غير قانونى لأنه من قضاء غير مختص. وأضاف أن الدولة لن تستطيع منع نظر قضايا خصخصة الشركات، ومن حق أى مواطن الطعن على مخالفات العقود رغم صدور قانون حوافز الاستثمار الذى اعتمده الرئيس عدلى منصور مؤخرًا.
** بداية.. فى رأيك هل ارتأت الدولة أن تكف يد القضاء عن شركات الخصخصة بإصدار قانون حوافز الاستثمار الذى اعتمده الرئيس عدلى منصور مؤخرًا؟ يجب أن تعلمي.. أن هذا القانون لا يغل يد المحاكم عن نظر هذه المنازعات.
** القانون ينص على عدم جواز الطعن على العقود التى تبرمها الجهات الإدارية فى مجال الاستثمار أو أى مجال آخر إلا من طرفيها... مقاطعا.. لذلك هو قانون تشوبه عدم الدستورية، لأن موضوع هذه العقود فى الغالب يتصل بأملاك الدولة العامة والخاصة وكذلك أموالها، وهذه الأملاك ملك للشعب المكلف بحمايتها بكل الوسائل، بما فيها إقامة الدعاوى القضائية طعنًا على ما قد يشوب هذه العقود من مخالفات للقانون، والجهات الإدارية التى تكون طرفًا فيها ما هى إلا وكيلة عن الشعب فى إبرام هذه التصرفات أو العقود ولا يعقل منطقًا أو عقلاً أو دستورًا أو قانونًا أن يكون للوكيل حق يجاوز حق موكله أو الأصيل فى التصرف.
** معنى ذلك أن هذا القانون به عوار دستورى لأنه يمنع الأشخاص من حق التقاضي؟ بالطبع.
**هل سيطبق القانون بأثر رجعى بمعنى عودة الشركات المخصخصة مرة أخرى للمستثمرين؟ هذا القانون لا ينال من حجية الأحكام القضائية السابقة الصادرة فى هذا الشأن، وليس له أثر رجعي، بمعنى أنه لا يطبق على العقود المبرمة سابقًا، وبالجملة هذا القانون هو والعدم سواء وليس له قدر يقدر حتى بالحبر الذى كتب به، بالإضافة إلى أنه من حق أى مواطن مصرى الطعن على ما يشوب تلك العقود من مخالفات رغم صدور مثل هذا القانون.
**كيف ترى تمسك الرئاسة بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات؟ رئاسة الجمهورية المؤقتة لم تكن متمسكة بضرورة تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وإنما كان هناك جهات قضائية وتنفيذية أخرى أصرت على هذا التحصين لأغراض بعيدة عن الدستور والقانون، وقد استجابت الرئاسة لهذه الجهات وأصدرت القانون ناصًا على تحصين قرارات تلك اللجنة من الطعن عليها قضائيًا، وجعل القول الفصل لها علوًا على الدستور والقضاء.
** هل تقصد أن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بها شبهة عدم دستورية؟ هذا صحيح.. القانون الذى نص على تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية مشوبًا بعدم الدستورية لأنه خالف صراحة نصوص الدستور التى تحظر تحصين أى عمل أو أى قرار إدارى من الطعن عليه أمام القضاء، بالإضافة أنه جعل من لجنة إدارية جهة قضائية بالمخالفة لأحكام الدستور التى حددت جهات القضاء على سبيل الحصر، وهى الجهات دون غيرها التى تفصل فى منازعات أو خصومات.
** ولكنها لجنة مشكلة من كبار القضاة؟ الجميع يعلم أن تشكيل اللجنة من القضاة لا يخولها الفصل فى أى منازعات وتظل الصفة الإدارية عالقة بها وجودًا وعدمًا، وهذه اللجنة لها مهمة محددة وفقًا للتشريعات المنظمة لها تنحصر فى الإعداد والإشراف على الانتخابات الرئاسية، وبالتالى تتقيد بأطر هذه المهمة ولا يجوز الخروج عليها.
**هناك بعض المواد المخالفة فى قانون الانتخابات التى يرى البعض أنها قد تسبب عوارًا منها المادة الأولى والتى يعترض البعض على النص على شرط المُرشح حصوله على مؤهل عال ويرون بها مخالفة دستورية ؟ أتفق معك.. قانون الانتخابات الرئاسية تضمن نصوصًا بها العديد من الملاحظات التى قد توقعه فى شبهة عدم الدستورية لأنه أستحدث شروطًا فى المرشح لا أصل لها فى الدستور بحسب أن مباشرة حق الترشح للرئاسة حق دستورى لكل مواطن مصرى كفل له الدستور هذا الحق الذى ينظمه القانون نفاذًا لأحكام الدستور، ولا يجوز للقانون النص على أى شروط تناقض أحكام الدستور.
** ماذا عن المادة السابعة بالقانون والتى قصرت الطعن على نتائج الانتخابات بمرحلة واحدة من التقاضى ويرون أنها من الواجب أن تكون على درجتين ؟ النص فى القانون على جعل التقاضى بالنسبة للمنازعات التى قد تنشأ من جراء تطبيق قانون الانتخابات الرئاسية على درجة واحدة جائزًا طبقًا للأحكام السابقة الصادرة عن كل من المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا، نظرًا لطبيعة هذه المنازعات وما تستلزمه من سرعة البت فيها واستقرار الأوضاع وعدم تركها قلقة نتيجة تداولها أمام الجهة القضائية المختصة، ولكنى أرى أن يكون الطعن فيها على درجتين كسائر المنازعات التى من جنسها حصرًا للاستثناءات وعدم التوسع فيها، وضمانًا لكفالة مبدأ الحق فى التقاضى كاملًا غير منقوص، مع تقصير مواعيد نظر هذه المنازعات والفصل فيها بما يحقق سرعة البت فيها وتوفر ضماناتها.
** يطالب الكثير بضرورة وضع آليات وضمانات بالقانون لمراقبة صرف الأموال على الدعاية وإلزام المرشح أن يقدم مستندًا لما حصل عليه من مال فما مدى إمكانية تحقيق ذلك؟ مطالبة البعض بوضع آليات وإجراءات محددة قانونًا لمراقبة ما يصرف على الدعاية فى الانتخابات عامة والانتخابات الرئاسية خاصة، وإلزام المرشح بتقديم المستندات الدالة على ما قام بصرفه طوال فترة الدعاية الانتخابية، عمليًا أمرًا تشوبه الصعوبة، ولكن يجب النص فى القانون على وسائل هذه الرقابة والجهات المكلفة بها، ولا مانع من النص على إلزام المرشح بتقديم المستندات الدالة على المبالغ التى أنفقها خلال مدة الدعاية الانتخابية والتحقق من ذلك بمعرفة تلك الجهات المكلفة بالرقابة.
**ما رأيك فى الخلاف الدائر حول مدى أحقية الرئيس عدلى منصور فى إصدار قوانين بعد إقرار الدستور؟ إصدار الرئيس المؤقت للقرارات بقوانين بعد إقرار الدستور الحالى هو فى الأصل حق دستورى له، وذلك بعد اتباع الإجرءات التشريعية اللازم اتباعها قبل إصدارها، ولكن يجب أن يكون هذا فى أضيق الحدود وفى حالات الضرورة التى تطلب إصدار قرار بقانون لمواجهة كل حالة على حدة، وبالتالى فإن إصدار رئيس الجمهورية المؤقت للقرارات بقوانين يدور مع حالة الضرورة وجودًا وعدمًا ويقدر بقدرها، وخارج هذه الحدود ينال من هذه القرارات بقوانين ويوقعها فى شبهة عدم الدستورية بل يجعلها معدومة.
**ألا يوجد تسييس فى الأحكام فى بعض القضايا؟ إن الأحكام القضائية بصفة عامة أعمال قضائية بحتة لا تتصل من قريب أو بعيد بالسياسة، فالقاضى الذى لديه ميل سياسى لأى حزب أو فصيل سياسي، لا يصلح أن يكون قاضيًا، وبالتالى فليست هناك أحكام قضائية سياسية أو مسيسة كما يقول البعض.
**البعض يشعر أن القضاة متعاطفون مع نظام مبارك خاصة بعد الأحكام الأخيرة؟ القضاء لا يعرف العاطفة أوالتعاطف مع أنظمة أو أفراد، فالقاضى الذى يستشعر الميل إلى أحد الخصوم فردًا كان أو نظامًا يتعين عليه التنحى عن نظر المنازعة التى يستشعر فيها ذلك، بحسب أنه بميله هذا أصبح غير صالح للفصل فيه.
** فلماذا ترى منظمات حقوق الإنسان أن الأحكام الأخيرة وإن كانت أولية وغير نافذة إلا أنها تبقى صادمة ومؤسفة؟ هذه رؤى لتلك المنظمات، ولكن أحكام القضاء لا سبيل من مواجهتها إلا بالطعن عليها أمام المحاكم المختصة وفقًا للإجراءات المقررة قانونًا.
**هل ترضى عن مادة العزل السياسى؟ هذه تخاريف تشريعية، فالعزل السياسى لا يكون إلا بناءً على أحكام قضائية باتة صادرة توجب عزل من صدرت فى حقهم سياسيًا.
** مثل حظر جماعة 6 إبريل ؟ الأحكام الصادرة مما تدعى محكمة الأمور المستعجلة فى شأن حظر المنظمات أو الحركات، أحكام هى والعدم سواء لأنها صادرة من قضاء غير مختص ولائيًا بنظرها، وذلك طبقًا لأحكام الدستور والقانون وما توترات عليه أحكام المحاكم العليا (الدستورية العليا- الإدارية العليا – النقض) فى هذا الشأن.
** هناك رفض شديد لتولى المرأة منصب القضاء بمجلس الدولة.. ما هى رؤيتك لتعيين المرأة فى القضاء ؟ تعيين المرأة فى القضاء عامة وفى مجلس الدولة خاصة يخضع للملاءمات أكثر منه للنصوص، وبالتالى فقد ارتأى المجلس أن الوقت لم يحن لتعيين المرأة فى الوظائف الفنية فى مجلس الدولة.
** عدم التعيين يعتبر غير دستوري طبقًا لدستور 2013؟ عدم تعيين المرأة قاضية ليس مخالفًا لأحكام الدستور.
** كيف ترى موقف مجلس الدولة من موقف السفيرة مرفت التلاوى بزعم تدخلها فى شئون العدالة بسبب مطالبتها بتعيين المرأة قاضية؟ موقف مجلس الدولة بالنسبة للخطاب الذى أرسله رئيس المجلس القومى لحقوق المرأة أعلن رسميًا بمعرفة الجهة المختصة فى مجلس الدولة وأحاط به رئيس الجمهورية المؤقت، ومجمله أن هذا شأن خاص من شئون قضاء مجلس الدولة.