نريد أن نفهم كيف تتسرب مستندات تؤكد أن الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس حكومة الثورة يعمل مستشارا قانونياً للمتهم الرئيسي في موقعة الجمل ابراهيم كامل المحبوس حالياً في مزرعة طرة، ويظل في منصبه؟! نشرت خبر تلك المستندات عدة صحف في أوائل أبريل الحالي، ومع ذلك ما يزال الرجل رابطاً كالوتد. لم يسأله أحد، ولم يهتم رئيس الوزراء عصام شرف، مع أن هذا العمل يعني تضارباً في المصالح، لأن المسئول الثاني في الحكومة يقبض راتباً من متهم محبوس احتياطياً وقيادي بارز في الحزب الوطني المنحل ومفكر التوريث. أوضحت المستندات أن الجمل مستشار قانوني للشركة المصرية للمنتجعات السياسية التي يرأسها، وثبت في محضر اجتماع الجمعية العمومية غير العادية لتلك الشركة، المنعقد في 26 أغسطس 2010 تفويضه للدكتور أحمد الصباحي لحضور الاجتماع. حركة "مواطنون ضد الغلاء" تقدمت ببلاغ للنائب العام للتحقيق مع الجمل حول هذه المستندات الخطيرة. واتهمته أيضا بمساندة رجال الأعمال من خلال الدفاع عن مرسوم قانون يتيح لهم التصالح في القضايا المنظورة بعد دفع مبالغ زهيدة لا تتفق مع حجم الأموال التي استولوا عليها من جيوب المصريين. أي أن أحمد عز على سبيل المثال يمكن أن يخرج بريئا مقابل أن يدفع مبلغا معينا! وجاء في البلاغ أن الشركة التي يعمل بها الجمل حصلت علي 28 مليون متر مربع في منطقة سهل حشيش بالغردقة بالتخصيص بالأمر المباشر من هيئة التنمية السياحية بسعر دولار وأربعين سنتًا للمتر المربع،. وتضمن بلاغ سابق لحركة «مواطنون ضد الغلاء» للنائب العام مستندات تثبت تورط نفس الشركة في بيع المتر الواحد بسعر 75 دولارًا للمتر الواحد خلال نفس الفترة مما أضاع علي الدولة مبلغاً يتجاوز 10 مليارات جنيه. ويقول البلاغ إن عمل الجمل كمستشار قانوني للشركة يمكنها من الإفلات من جريمة الاستيلاء علي المال العام بجانب تمكين مسئولي هيئة التنمية السياحية من جريمة تسهيل الاستيلاء علي المال العام. وتضمنت المستندات التي تم تقديمها للنائب العام ضد الجمل محضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة ومستنداً يوضح حصول الشركة علي أراض بالأمر المباشر وآخر يكشف الاستيلاء علي 4 ملايين متر مربع بسعر دولار للمتر الواحد في منطقة دهب. أمر خطير للغاية أن يكون نائب رئيس وزراء مصر مستشارا قانونيا لقائد ميليشيات الجمال والحمير والخيول التي اقتحمت ميدان التحرير لقتل شعبها وترهيبهم. ألم تكن هذه المستندات كافية لازاحته من منصبه. إنني لا اتخيل أن الرجل الذي يقال إنه الصانع الحقيقي للقرار المصري حاليا، مستشار لأكبر بلطجية نظام مبارك. لا اتخيل أن عصام شرف الثائر في ميدان التحرير مع أسرته يقبل ذلك ويسكت على ما نشر كل تلك الأسابيع تاركاً الجمل يشعل الحرائق في مصر وآخرها حريق قنا الذي يزيده اشتعالاً يوما بعد آخر بصب البنزين عليه كلما خمد قليلا؟! ماذا يريد الجمل من ذلك.. هل يقود "الثورة المضادة" من قلب مجلس الوزراء؟! يحيى الجمل يعمل أيضا مستشاراً لمكتبة الإسكندرية، وعينته في هذا المنصب السيدة سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق والمتهمة بتحويل الأموال المخصصة للمكتبة إلى حسابها الخاص، وهو ما جرى التحقيق بشأنه معها يوم الجمعة الماضي في مستشفى شرم الشيخ. وأنا أفتش في ملف الجمل، وجدت أن اسمه أثير في قضية بطلان عقد "مدينتي" الذي حصل بمقتضاه هشام طلعت مصطفى على الأرض بوسائل غير قانونية، وهذا يعني أنه مرتبط باثنين في مزرعة طرة حاليا، ابراهيم كامل بطل موقعة الجمل، وهشام طلعت بطل موقعة سوزان تميم. في 26 سبتمبر 2010 كتب عبدالله كمال رئيس تحرير روز اليوسف السابق أن "مايسة" يحيى الجمل حصلت على أراض بأسلوب التخصيص منها 37 فدانا في مايو 2005 بسعرى المتر 200 جنيه، وحصل أبوها على قطع أرض مساحتها 720 مترا في فبراير 2004 بسعر المتر 750 جنيهاً، ثم باعها بعد عامين إلى حسين سيد أبو سعدة. وحصل ابنه مصطفى يحيي عبدالعزيز الجمل على قطع أراض أخرى في 17 فبراير 2004 بنفس المساحات والسعر وباعها لأبيه في 2006، وبدوره قام ببيعها لحسين سيد أبو سعدة بعد ثلاثة شهور. وتساءل عبدالله كمال: هل كانت الأرض مخصصة أصلا للسيدة مايسة، وهل كانت مخصصة للسيد مصطفى ابنه، وما تلك الصدفة الفظيعة التي تجعل ثلاثة من عائلة واحدة يحصلون على هذه الأراضي التي تحولت إلى فيلات لست أدري عددها.. هل هي 700 فيلا، ومن هو حسين سيد أبو سعدة.. أهو شريك أم مشتر حقيقي؟.. بكم اشترى وبكم باع وأي سعر يكون عادلاً؟.. أليس سعر ال200 جنيه الذي اشترت به مايسة يحيى الجمل هو نفس السعر الذي اشترى به هشام طلعت مصطفى؟.. وحصل يحيى الجمل أيضا على فيلا من الحكومة في مارينا ثم باعها بعد ذلك لسيدة كويتية. عبدالله كمال كتب هذا الكلام مرتين.. مرة عام 2010 عندما كان يحيى الجمل معارضاً للنظام.. ومرة أخيرة عندما صار الجمل في قلب النظام الجديد نائبا لرئيس الوزراء، حيث اتهمه بأنه يضطهده ويسعى لتغييره برئيس تحرير آخر لأسباب شخصية لا علاقة لها بالصالح العام. لم أعثر في ملف الجمل على نفي لهذا الذي أعاد عبدالله كمال كتابته، ولم تحرك الحكومة ساكناً، مع أن الكلام خطير يستوجب تحويله إلى القضاء للتحقيق مع الاثنين حتى نصل إلى الحقيقة. لكي تكون حكومة صالحة يجب أن تدفع الشبهات ولا تهمل الاتهامات والمستندات الشاهدة عليها، خصوصا أننا غارقون في أوحال فساد النظام السابق وسرقاته ولا نريد أن نعيد انتاج الفساد بحكام جدد. [email protected]