يعود آخر تتويج لبوروسيا دورتموند إلى العام 2002، في تلك الحقبة، جلس مدرب شاب إلى جانب ماتياس زامر على مقاعد اللاعبين الإحتياطيين، ووضع هذا المساعد الكتوم، معرفته الواسعة في كرة القدم، وحسه التحليلي والفني الدقيق في تصرف المدافع السابق للمنتخب الألماني ليقودا فريقهما إلى الإنجازات المعروفة للجميع. أما اليوم فإن يورجن كلوب يمسك وحيداً تدريب بوروسيا دورتموند، لكن الرمز الجديد للكرة الألمانية يملك قاسماً مشتركاً مع ماتياس زامر الذي يشغل منصب المدير الرياضي في الاتحاد الألماني، يتخطى كونه ولد في العام ذاته مع الأخير. لقد نجح كلوب الذي تعاقد معه بوروسيا دورتموند عام 2008 في تحويل فريق سيء للغاية إلى أحد أفضل الفرق في البلاد وهو الآن على عتبة إحراز لقب جديد قبل أربع مراحل من إنتهاء الدوري المحلي، فعلى الورق، يبدو الوضع متشابهاً إلى درجة ما على ما كانت عليه الحال عام 2000 عندما استلم زامر تدريب دورتموند. تحت شعار التأثر ويقول كلوب في مقابلة حصرية مع موقع FIFA.com قبل ساعات قليلة من توجه فريقه إلى مونشنجلادباخ لملاقاة فريق المدينة "بالطبع لم يعد اللقب هو الشغل الشاغل لنا، فعند جردة الحساب، أعتقد بأن فريقي يستطيع أن يكون فخورا من عروضه. لقد حققنا فعلاً موسماً ناجحاً". ففي حال خسارة أو تعادل باير ليفركوزن السبت ضد هوفنهايم، يستطيع دورتموند ان ينهي التشويق تماماً من خلال الفوز أو التعادل على بوروسيا مونشنجلادباخ صاحب المركز الأخير. ويعرف عن كلوب مدرب ماينتس السابق جديته في عمله، وصراحته، وحسه وشعوره الجياش، وفي ما يتعلق بالصفة الأخيرة، فأنها لا تعجب دائماً المدرب المذكور ويقول في هذا الصدد "بعض الصور تغضبني عندما آراها على الشاشة. لكنني أستطيع أن اؤكد لكم بأن كل شيء محسوب، فأنا أعيش المباراة تماماً، وبشغف كبير". تقدم غير متوقع ويعرف كلوب كيفية التحدث إلى لاعبيه، بفضل حث لاعبيه المتواصل، تمكن هؤلاء من الابتعاد عن باير ليفركوزن بفارق ثماني نقاط. فبعد أن كان دورتموند يبسط سيطرة كاملة على الدوري لم يتبق عليه الآن سوى الصمود. وأضاف كلوب الذي أمضى معظم مسيرته التدريبية في مصاف أندية الدرجة الثانية "صراحة، لم يكن أحد يتوقع داخل النادي أن يرانا في المقدمة عشية اقامة المرحل الثلاثين ونحن نتقدم بفارق 8 نقاط عن صاحب المركز الثاني. في المقابل، كنا ندرك جميعاً بأننا نملك فريقاً موهوباً وقادراً على المنافسة". العودة بين اندية النخبة بفوزه على فرايبورج 3-0 أمام 80720 متفرجاً، ضمن دورتموند بطل أوروبا عام 1997، وبغض النظر عن نتائجه في المباريات المتبقية له، بطاقة المشاركة في دوري أبطال أوروبا UEFA الموسم المقبل. وقد امتلأ ملعب سيجنال ايدونا بارك عن بكرة أبيه لهذه المناسبة لأن أنصار النادي كانوا ينتظرون هذه اللحظة منذ وقت طويل. وكشف كلوب الذي يمتد عقده مع دورتموند حتى عام 2014 "بتأهلنا إلى دوري أبطال أوروبا، تخطينا بأشواط الأهداف التي وضعناها في مطلع الموسم. هذا الأمر يثلج صدر النادي واللاعبين أيضاً الذين نالوا حق مواجهة أفضل الفرق الأوروبية الموسم المقبل". منح الفرصة للشبان يبدو المستقبل زاهياً خصوصاً بأن معدل أعمار الفريق يبلغ 77ر24 عاما. وعلى الصعيد الشخصي، استغل بعض اللاعبين الموسم الجيد لفريقهم للدخول إلى صفوف المنتخب الوطني، والأمر يتعلق بالظهير الأيسر مارسيل شميلتسر (23 عاما)، وصانع الألعاب ماريو جوتسه (18 عاما)، ولاعب الوسط الدفاعي زفن بندر (21 عاما)، الذين خاضوا أول مباراة رسمية لهم مع المانشافت في الأشهر الأخيرة. وإنضم هؤلاء إلى المدافع مات هاملز ولاعب الوسط المهاجم كيفن جروسكروتس (كلاهما 22 عاما). ويعبر كلوب عن فخره بلاعبيه الشبان بقوله "استدعاء خمسة لاعبين إلى صفوف المنتخب يؤكد التطور الكبير الذي طرأ على الفريق هذا الموسم". شاهين صانع ألعاب متميز لكن اللاعبين الألمان ليسوا وحدهم الذين تألقوا في صفوف دورتموند، لأن نوري شاهين (22 عاما) يعتبر مايسترو وضابط الإيقاع في خط الوسط، كما أن التركي الدولي يجيد تنفيذ الركلات الثابتة. اجادة لشاهين لأكثر من دور، ساهمت في تسجيله 6 أهداف ونجاحه في 8 تمريرات حاسمة في موسم 2010-2011. ويقول كلوب عن نوري الذي ينتظر عودته من الإصابة بفارغ الصبر "يملك نوري إمكانيات هائلة، ويتمتع بخبرة استثنائية للاعب في سنه. أعتقد بأنه يملك هامشاً كبيراً من التطور، وهو يستطيع أن يرتقي بمستواه بشكل كبير". نحو عصري ذهبي من جهته، فإن المدير الرياضي في النادي مايكل تسورك حقق صفقة ناجحة من خلال التعاقد مع شينجي كاجاوا مقابل مبلغ زهيد مقداره 350 ألف يورو، لأن صانع الألعاب الياباني كان أحد مفاتيح اللعب في القسم الأول من الموسم قبل أن يتعرض لكسر في ساقه خلال كأس آسيا AFC، ولولاها لسجل أكثر من الأهداف الثمانية الموجودة في حوزته حاليا. ويؤكد كلوب "جهز مايكل تسورك فريقاً قادراً على المنافسة. يملك مساعدوه قدرة على اكتشاف المواهب في جميع الأسواق ويزودونه بالمعلومات بسرعة". وبالتالي فإن دورتموند نصب شباكاً في جميع الأماكن ونجح في تحقيق تعاقدات ناجحة في سوق الإنتقالات. ففي شهر مارس/آذار، خضع الناشىء الاسترالي مصطفى أميني (17 عاما) القادم من فريق سنترال كوست مارينرز لتجربة في صفوف الفريق. ويبدو أن المفاجآت ستكون بإنتظار أنصار بوروسيا دورتموند في السنوات المقبلة، فمشاركة هذا النادي العريق من منطقة الرور الصناعية في دوري أبطال أوروبا هو نبأ سار بحد ذاته. كل الأمور تشير إلى أن بوروسيا دورتموند على عتبة دخول عصر ذهبي.