* تثبت صفحات التاريخ وتضاريس الجغرافيا أن دولة الرجل الواحد هى دولة قمعية إستبدادية متسلطة فاشلة , ساقطة سقوط جلمود صخر حطه السيل من عل..!؟. سقطت دولة " شاوشيسكو " فى رومانيا بعدما تم إعدامه هو وزوجته فى ميدان عام بعد ربع قرن من القهر والعدوان . وسقطت دولة " سياد برى " فى الصومال عندما قام بانقلاب عسكرى , وألقى القبض على الحكومة والأحزاب السياسية وإلغى الدستور وحل البرلمان ومؤسسة الرئاسة . ثم كانت نهايته أن فر مذعورا إلى نيجيريا ومات هناك. وسقطت دولة القذافى فى ليبيا بعدما أذاق شعبه الويل والثبور وعظائم الأمور . ثم كان مصيره أن قتل وهو داخل ماسورة صرف صحى . وسقطت دولة " زين العابدين " بعد ماحول الصلاة فى عهده إلى تهمة تستحق الإعدام , وكان مصيره الهروب غير مأسوف عليه . وسقطت دولة " لينين وماركس " وتم تحطيم صنم الشيوعية إلا فى مصر فمازال الشيوعيون لهم حزب رسمى..! . وسقطت دولة " سوهارتو " فى أندونسيا بعد ماحكم 32 عاما وأدى قتل 6 من الطلاب فى جامعة " جاكرتا " إلى سقوطه فى العام1998 .
* إن دولة الر جل الواحد هى كالعبد الآبق أينما توجهه لايأتى بخير . هى دولة ينخر فى عظامها السوس , مستقبلها على شفا جرف هار , هى حلم نائم وظل زائل لأنها تقوم على حكم جائر . دولة الإستبداد دائما خاوية على عروشها من كل القيم الأخلاقية , قبل أن تكون مفلسة اقتصاديا وسياسيا . تركها الطاغية مبارك بعد 30 سنة مستنقعا من الفساد تسبح فيها فيروسات الشللية واللصوصية . وحدث ولاحرج عن ملايين الفقراء الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف . ناهيك عن ملايين المرضى بكل أنواع الأمراض الفتاكة التى لاعلاج ولادواء لها . أضف إلى ذلك سكان القبور الذين لايرون النور لابليل ولانهار . لقد زرع مبارك الشوك فى أنحاء الوطن ولغم أراضيه بقنابل موقوته ستنفجر فى أى وجه نظام قادم حتى يترحم الناس على أيام الطاغية..! . وهكذا يفعل الطغاة ويتلاعبون بأدمغة شعوبهم التى فرغوها من محتواها وتركوها ليلها كنهارها..! .
* إن دولة الرجل الواحد هى دولة بور جرداء لانبت فيها ولازرع ولاماء . هى أرض فلاة عقيمة لاينمو فيها غير الشوك , ولايزحف فى جحورها غير الأفاعى السامة والعقارب القاتلة , هى غابة استوائية لايعيش فيها غير الثعالب الماكرة والوحوش الضارية والذئاب الجائعة والقطط السمان . هى أرض لاخير فيها ولامستقبل لها ولاأمل فيها . إن دولة تقتل شبابها , وتسجن علماءها , وتغتصب فتياتها , وتتهم شرفاءها , وتلطخ سمعة كبراءها , هى دولة تعيش خراج حدود الزمان , لم تشرق عليها شمس , ولم يضئ فى سمائها قمر , ولم يسطع فى عليائها نجوم . إنها دولة الظلم والظلام والقهر والاستعباد والفقر والجهل والمرض.
* إن دولة الرجل الواحد فى أى بقعة على هذه الأرض تعنى دولة الرأى الواحد والحزب الواحد والإعلام الموجه والقضاء المسيس والأمن المتسلط والشعب الشارد التاهه بين هذا وذاك . تعنى الفقر المدقع والمرض المفزع والخوف المؤلم والحكم المفلس . دولة الرجل الواحد تقتل الكفاءات وتصعد بالنفايات , تثبط أصحاب العقول وتمكن لأصحاب أرباع وأنصاف العقول . تصعد بالرمم وتهبط بالقمم . تسجن العلماء وتطلق سراح البلهاء , تعتقل الأحرار وتطلق العبيد . تزرع النفاق وتغذى الشقاق , تجتث جذور المخلصين الوطنيين . وتبذر بذور النفاق والمنافقين فى كل شبر فى ربوع الوطن .
* دولة الرجل الواحد هى دولة " الإفلاس والمفلسين " . الإفلاس من كل شئ , الإفلاس من الدرهم والدينار , الإفلاس من كل القيم الأخلاقية , الإفلاس من أى منظومة مجتمعية , الإفلاس من أى رصيد سياسى محترم . الإفلاس من كل القوانين والدساتير المعترف بها دوليا . أما المفلسون فهم كثر , حدث ولاحرج عن مفلسين يجلسون على منصة العدالة . وحدث ولاحرج عن مفلسين يتصدرون الدعوة والإرشاد , ومفلسين فى الوعظ وهم أولى الناس بالنصيحة والموعظة . وحدث ولاحرج عن مفلسين على رأس أحزاب سياسية كرتونية وهمية . وحدث ولاحرج عن مفلسين يتصدرون قنوات إعلامية مشبوهة بالليل والنهار وكأنهم مضاد حيوى يجب تناوله كل يوم ثلاث مرات بعد الأكل ..!.
* دولة الرجل الواحد , هى دولة الفشل عنوانها والاستبداد مضمونها والقهر والذل منهج مقرر على أبنائها , والسجون والمعتقلات هى محل إقامة شبابها . والتسول والفقر والفاقة لأراذل الأمم هى محاور أساسية فى أركانها . هى دولة تزرع الفقر وتجنى الفاقة , تزرع الخوف وتجنى الذعر , تزرع الشك فى كل شئ , حتى فى انتماء المواطن لوطنه ولأرضه التى ولد ونشأ وكبر عليها . وبالطبع لاتجنى غير القلاقل والاضطرابات والمظاهرات والاحتجاجات والوقفات المناهضة لها ولسياستها . دولة تستورد الأسلحة الفتاكة القاتلة ليس لمواجهة أعدائها فى الخارج , لكن لإسكات صوت معارضيها بالداخل . دولة اختلط فيها الحابل بالنابل فلم تعد تفرق بين سياسيى معارض وبين عدو متربص لها فى الخارج . اختلطت المفاهيم فطاشت الرصاصات .
* دولة الرجل الواحد هى دولة الخفافيش التى لاتطير إلا فى ظلام الليل . تلك الخفافيش تربت فى أوكار الدعارة السياسية وحضانات البغاء الإعلامى . تلك الخفافيش نمت وترعرعت وسط ظلام دامس خيم على أرجاء الوطن فى شتى الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية . تلك الخفافيش السوداء سواد الليل , مصت دماء الوطن ونهشت لحمه وأوهنت عظامة فكبرت كروشها وتضخمت ثرواتها وبنوا القصور الشاهقة الفخمة , وعامة الشعب لاتجد قوت يومها. وماكان لهذه الخفافيش أن تحلق وتطير فى سماء الوطن فى وجود سلطات منتخبة تحاسب الفاسدين والمخربين . الفساد المطلق الموجود فى دولة الرجل الواحد هى البيئة المناسبة والمناخ الملائم لنمو وتكاثر تلك الأوكار الخفافيشية الليلية .
* لامستقبل لدولة الرجل الواحد فى أى بقعة على هذه الأرض كما ذكرت آنفا . دولة الرجل الواحد هى من مخلفات الزمن الماضى . لامكان تحت الشمس لدولة القبضة الأمنية القمعية الاستبدادية . لامكان تحت الشمس لدولة الحبس الاحتياطى الممدود بلا حساب إلى يوم الحساب . لامكان تحت الشمس لدولة الرجل الواحد التى تبنى أصناما للديكتاتور فى كل الميادين وتجبر المواطنين على الطواف حولها إلى يوم الدين . لامكان تحت الشمس لدولة الرجل المعجزة الذى يعد الشعب ويمنيهم بملعقة من ذهب لكل مواطن , والشعب لايجد ملعقة من خشب..! . لامكان تحت الشمس لدولة الكهنة والفراعنة والسحرة الذين يزينون للطاغية سوء عمله فيراه حسنا . لامكات تحت الشمس لدولة القطط السمان المنتفخة بطونها حتى دنت وتدلت على الأرض من فرط مافيها من أموال حرام . لقد دفع الشعب فاتورة باهظة عقوداعديدة ودهورا مديدة ثمنا لتسلط تلك الدولة , ولم يعد فى خزينة الشعب درهما ولادينارا ليتحمل من جديد إعادة استنساخها مرة أخرى على أرض مصر . الزمن لايعود للوراء والتاريخ لايكتب صفحاته إلا مرة واحدة , والشعوب التى ذاقت حلاوة الحرية لايمكن أن تقبل أن تتجرع مرارة العبودية مرة أخرى . .
