قالت مجلة "إيكونومست" البريطانية، إن المشير عبدالفتاح السيسي،الذي وصفته ب "الرجل العسكري القوي" و "الماكر"، يجب أن يفعل أكثر من مجرد خلع الزي العسكري قبل انتخابه رئيسا لمصر. وأضافت المجلة في تقرير نشرته اليوم الجمعة تحت عنوان "رئيس مصر المحتمل يتظاهر بأنه مدني"- إن السيسي ألمح بإسلوبه المعسول إلى أن حملته الانتخابية لن تكون تقليدية، لكن لا ضرورة لهذا التلميح؛ فكثير من المصريين يتوقعون ألا يبذل وزير الدفاع السابق مجهودا كبيرا قبل إعلان فوزه الساحق بالانتخابات المقرر إجرائها يوم 26 مايو القادم. وأرجعت المجلة هذا الفوز المحتمل إلى أن السيسي هو مرشح الدولة ومدعوم من قبل الحيش والشرطة وأجهزتها المدنية، كما أنه في نظر الكارهين للإخوان "بطل"، وساهم حماسهم ناحيته في ظهور ما أسمته ب"السيسيبيليا" التي تجلت في انتشار صوره على القمصان والشوكولاته والحلي، ليخلق هذا الزخم تحدياً هائلاً للمرشحين المنافسين له في الانتخابات. وتشير المجلة إلى أن استطلاعات الرأي في مصر لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، لكن استطلاع مركز "بصيرة" وهو أحد استطلاعات الرأي المستقلة أظهر مؤخرا تراجع شعبية السيسي من 51% في فبراير الماضي إلى 39% في مارس. لكن مايعزز فوز الجنرال-في رأي المجلة- هو أن المصريين الذين قد يصوتون ضده، من المرجح أن يقطاعوا الانتخابات، ومنهم نحو 20% ما زالوا يؤيدون "الإخوان المسلمين" رغم الحملة الشرسة التي تشنها الدولة لتشويه صورتهم والتي ترافقها حملة اعتقالات ومحاكمات جماعية. وتابعت "إيكونومست": إن السيسي "59 عاما" لديه موهبة الخطابة بلغة عامية جذابة ويميل للنداءات العاطفية وشعارات القومية، وبعد أن خلع زيه العسكري، ظهر المرشح المبتسم مؤخرا فوق دراجة جبلية بزي التدريب، فيما يبدو أنه ملف شخصي نادر لديكتاتور صارم"، على حد وصفها. وأضافت: إن لذلك صدى جيد عند مصريين كثيرين لا يتوقون لشيء إلا الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات، لكن في رأي المجلة التظاهر بالمدنية لايكفي؛ موضحة أن السيسي يجب أن يضع حدا لانتشار الفقر، فالدخول تتراجع والاقتصاد راكد، ونقص الكهرباء يعاني منه حتى ميسوري الحال، كما تراجع ترتيب مصر في مؤشر "السعادة" الذي تجريه الأممالمتحدة، متجاوزا ترتيب اليونان، عندما كانت تعاني من الافلاس في الفترى ما بين عامي 2006 و 2012. وتقول المجلة: رغم مشاعر البؤس والألم بسبب تأزم الأوضاع ووحشية الشرطة ومقتل نحو 3 آلاف شخص منذ الانقلاب، لكن المتعاطفين مع الإخوان معظمهم من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، أما الشائع في الشارع المصري هو أن السيسي قادر على إصلاح هذه الأوضاع. مع ذلك، توقعت أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة تكرار لعملية التصويت على الدستور الجديد في ديسمبر الماضي الذي تم تمريره بنسبه 98%. وأوضحت أن التغييرات الأخيرة في الجيش المصري قد تفسر سبب تأخر إعلان السيسي ترشحه للرئاسىة وتحديد موعد الانتخابات؛ فعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية مترامية الأطراف قد استولت على السلطة منذ عام 1952، لكن كثير من الجنرالات كانوا يخشون ظهور قائدهم الأعلى في الجبهة الأمامية لمعركة السياسة، على حد قول المجلة. وتابعت: لكن في مارس الماضي أجرى السيسي تنقلات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولضمان المزيد من الولاء قام بترقية محمود حجازي إلى رئيس هيئة الأركان وهو من المقربين للسيسي، وسبق أن عينه من قبل رئيسا للمخابرات العسكرية، كما تزوجت ابنته من أحد أبناء السيسي الثلاث. وأنهت المجلة تقريرها بالقول: إن تغييرات الجيش تكشف عن مهارة السيسي كرئيس سابق للمخابرات، وقد أقنع من قبل الإخوان المسلمين خلال فترة حكمهم الوجيزة بأنه رجل جيد ومتدين يمكن الوثوق به، وهذا المكر قد يفيده في المستقبل؛ حيث سيواجه الرئيس القادم لمصر مهمة شاقة تقتضي تطهير مؤسسات الدولة المتهالكة من المحاكم والشرطة إلى أنظمة الصحة والتعليم الفاشلة. وسيكون على السيسي فعل ذلك كله، ليس فقط من أجل مصر، بل من أجل نفسه أيضا".