دعا الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين"، الشعب المصري إلى التمسك بالأخلاق التي سادت ملايين المعتصمين بميدان التحرير خلال أحداث ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، معتبرًا أن من أهم سماتها ذوبان الشعب بكافة أطيافه في سبيكة واحدة أصبح من الصعب كسرها، وحث على عوة تلك الروح لتسود العلاقة بين المصريين في هذه المرحلة للعبور بالوطن إلى بر الأمان. وأضاف في حديث الثلاثاء بمسجد "عصر الإسلام"، بحضور قيادات "الإخوان" والآلاف من أبناء الإسكندرية مساء الثلاثاء، أن الله تعالى يمهل دعوة المظلوم ولا يتركها أبدًا، لافتًا إلى مفارقة، وهو أنه "في يوم 12 فبراير 1949 تجمعت قوى الباطل والإرهاب المتمثلة في دولة بأكملها لاغتيال الإمام (حسن) البنا وفي ذات اليوم 12 فبراير 2011 خلع الشعب المصري النظام وأسقط الظلم". وقال بديع إن الله تعالى انتقى من بين الشباب المصري من يختاره شهيدًا من بين الملايين التي نزلت إلى ساحة التحرير، لأن منهم من نزل من ساحة "فيسبوك" إلى الميدان طالبًا الشهادة فمنحها الله له, واعتبر أن هؤلاء أن الشهداء هم الذين دفعوا ثمن الثورة في مصر، وأن دماءهم أمانة في رقاب الشعب المصري، وعليه أن يحافظ عليها، وأن يحرس هذه الثورة من السرقة. ولم يخف بديع استياءه إزاء موقف الرافضين للتعديلات الدستورية والتي تمريرها بغالبية كبيرة، بعدما رأوا أن الموافقة عليها تفريط في دماء الشهداء الذين سقطوا في الثورة، مثلما انتقد القائلين بأن التصويت ب "لا" بمخالفة شرع الله. وتابع قائلاً: "تألمت كثيرًا لمن قال إن الموافقة على التعديلات الدستورية تعني التفريط في دم الشهداء، كما تألمت أيضًا لمن قال إن رفض التعديلات الدستورية تخالف شرع الله". وحذر من الفرقة التى قال إنها ستؤدي إلى صنع "فراعين أخرى يكون هدفهم تفريق الأمة، وإثارة المشكلات بين المسلمين والأقباط، أو المسلمين أنفسهم، فضلاً عن محاولات شق صفوف جماعة الإخوان المسلمين". وكشف مرشد الإخوان عن واقعة تؤكد تبعية مصر في عهد مبارك للولايات المتحدة بصورة فاضحة، حينما عرض الرئيس السوداني عمر البشير القبة على الرئيس المخلوع في أحد لقاءاتهما أن تقوم الحكومة السودانية بزراعة القمح لمصر في أرضها ومن حصتها في المياه لكنه رفض وقال: "أمريكا حتزعل مني"!. وفي إشارة إلى الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق، الذي يتهمه منتقدوه بأنه المسئوة عن إفساد الزراعة في مصر، قال بديع إن "الوزير الذي سرطن أجيالاً من المحاصيل الزراعية في التربة كان يقول عدونا ليس الذي في الشرق (الكيان الصهيوني)، وإنما الذي في الجنوب (السودان ودول حوض النيل)". وكشف المرشد أنه عند لقائه مع الرئيس التركي عبد الله جول خلال زيارته إلى مصر التي جاءت عقب الإطاحة بالرئيس حسني مبارك سأله الحاضرون عن التجربة التركية وكيفية إحداث نهضة إسلامية من خلال حزب إسلامي في دولة علمانية والاستفادة منها في مصر، فأجاب الرئيس باللغة العربية: "رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر". وأكمل جول أجابته على السؤال باللغة التركية قائلاً: "أقمنا حضارتنا ونهضتنا على قيم ومبادئ أخلاقية تعرفونها جيدًا، وأنتم في مصر تستطيعون بناء حضارة جديدة أفضل من نهضتنا وحضارتنا"، وفق ما نقل بديع عنه. وفيما يتعلق بالخوف من الإسلاميين، قال بديع: "الذي يخوف الأقباط من الإسلام هو الذي يخوف المسلمين أيضًا من الإسلام"، ودعا الإسلاميين إلى أن يقدموا النموذج الحقيقي للإسلام الذي كان يعيش فيه الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسيحيين واليهود حتى أن جاره اليهودي الذي كان يؤذيه حينما تغيب عن الإيذاء ذهب ليطمئن عليه فوجده طريح الفراش مريضًا فزاره، ودعا له بالشفاء.