في الساعات الأولى من فجر اليوم الذي أعقب موقعة الجمل يوم 2 فبراير الماضي.. خرجت على إحدى القنوات الفضائية لأشير إلى مسئولية رجل الأعمال ابراهيم كامل بالتحديد. لم يكن أحد قد اتهمه بعد. لكني أقمت استنتاجاتي - وكانت في الواقع استنتاجات وليست معلومات - على حديث هاتفي له في الليلة السابقة مع قناة العربية، قال فيه "اذهبوا بكاميراتكم غدا إلى ميدان مصطفى محمود بشارع جامعة الدول العربية، سترون مئات الآلاف المؤيدين للرئيس مبارك. انتظروا الغد وسترون". ملخص ما قلت، إنني تساءلت: من أين لكامل ثقته المتناهية وهو يكرر دعوته لكاميرات التلفزيون بالذهاب إلى ميدان مصطفى محمود. ندري أنه أحد أهم حلقات التوريث ودعائمه، ويملك قوة خفية لا ندري مصدرها، فقد تحدى قبل شهور الرئيس مبارك نفسه عندما أعلن موافقته على انشاء المحطة النووية في موقع الضبعة. كان كامل حينها خارج مصر، وقال ل"المصري اليوم": عندما سأعود سيكون لي كلام آخر. هذه صيغة تهديد لا يجازف بها رجل عادي. وكان ابراهيم كامل صريحا في دعمه لأن يكون جمال مبارك مرشح الحزب الوطني بدلا من والده. ردد ذلك أكثر من مرة، مما يعني أنه شخصية مؤثرة تملك مفاتيح مهمة في صناعة القرار وعلاقة المال المتنفذة بالسلطة. لم يكن أحد غيري في ذلك الوقت المبكر قد أشار إلى أدنى علاقة لابراهيم كامل بموقعة الجمل، ومع ذلك خرج عماد الدين أديب على أكثر من فضائية ليدافع عنه باستماتة، واصفا من جاء بسيرته في ذلك الموضوع بالافتراء، وقال إنه كان معه في ذلك اليوم في ميدان مصطفى محمود وشاهده ينصرف إلى بيته بعد المظاهرة مع زوجته وأولاده. لم أفقد شكوكي يوماً بأنه "ديناصور" في النظام السابق والفوضى الأمنية التي انطلقت بعد أن غربت شمس ذلك النظام إلى الأبد. مثله لا يستسلم بسهولة فمصالحه الكبيرة في الساحل الشمالي من قرى ومطار ستتأثر وستنكشف الستائر عن الفساد المحيط بها. أمرت النيابة العامة أمس بضبط واحضار إبراهيم كامل للتحقيق معه في موقعة الجمل. خبر مهم لا يقل عن الأخبار المهمة التي أطلت على مصر بدءا من خلع رئيس النظام الفاسد. سقوط الديناصور ضربة قاصمة للفلول التي تحاول الالتفاف على الثورة ومكاسبها. فقد كنت استغرب بقاءه بعيدا عن المساءلة والتحقيق حتى أمس رغم قوته وحجمه، فهو عضو الهيئة العليا للحزب الوطني. وآية هذه القوة أن الدكتور محمد رجب في عملية اعادة بعث الحزب شبه المنحل، فصل أول أمس كل القيادات الكبيرة وعلى رأسهم الرئيس المخلوع، ولم يستطع أن يقترب من "كامل" ديناصور زواج المال بالسلطة وجمال مبارك، وبارون مخطط التوريث. إذا كان الديناصور قد سقط أو اقترب من السقوط، فإننا ما زلنا في انتظار الحسم مع أصحاب المظاهرات الفوضوية التي يسميها الإعلام "الفئوية".. فما يفعلونه لا يفسر بغير أنه مؤامرة مدفوعة الأجر لوقف حال البلد. هل يمكن أن نفترض براءة الآلاف الذين هددوا أمس باقتحام مجلس الوزراء إذا لم يخرج لهم الدكتور عصام شرف، بل امهلوه حتى الساعة السادسة مساء؟! القوات المسلحة التي حظرت الاعتصامات والتجمعات والمظاهرات يوم السبت القادم بمناسبة الاستفتاء، من واجبها أن أن تحظر أيضا ما يسمى بالمظاهرات الفئوية طوال الفترة الانتقالية، وإلا يتعرض أصحابها لقانون البلطجة المغلظ. هؤلاء يعطلون الانتاج ويوقفون عجلة الثورة من الدوران لبناء مصر واستعادة عافيتها. إنهم ينفذون أجندة الذين يريدون أن يثبتوا للشعب أن نظام مبارك أرحم بهم، وأن الديكتاتورية والفساد والقسوة مع الخبز، خير لهم من الحرية مع الجوع ووقف الحال. للمرة الثانية نطالب القوات المسلحة باستخدام سلطة الثورة ضد الفوضوى والابتزاز والعصابات المنظمة.. [email protected]