ما هي القواسم المشتركة بين الزعماء العسكر في المنطقة العربية، بل في العالم الثالث كله!؟ هل هناك ملامح معينة تجمعهم، وتجعلنا نضعهم تحت تصنيف معين: بشري، أو نفسي، أو عقلي، أو حتى حيواني!؟ تعال نتأمل معًا قارئي الكريم، فلعلك أن تضيف على هذه الملامح ما تلحظه من تشابه أو توافق، لتكتمل الصورة، ويتضح المعنى! = = كلهم يملك كمية من الصلف والعنجهية تكفي لتنجيس المحيط الأطلسي، فلا يقبل نصيحة، ولا ينزل عن رأيه، ولا يتراجع عن عناده؛ حتى لو رأى الطوفان يدهمه، ويدهم أهله وأشياعه.. وقد تجلى هذا واضحًا في الحمار فرعون وخُدامُه، فلم ينتصح بآية، ولم ينزجر بوعيد (ولقد جاء آل فرعون النذر. كذبوا بآياتنا كلها!) كما تجلى في موقف بن علي، ومبارك، والقذافي.. والنتيجة أن ديسوا جميعًا.. والعقبى لكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب! = = كلهم ملهمون ميامين، أصحاب إنجازات هائلة، ومشاريع ترفيهية (ينغنغون) بها المواطنين المتبجحين، نكّاري الجميل، الذين لا يبوسون أيديهم (وش وضهر) حمدًا لله على أن رزقهم بهذا القائد الملهم؛ ويصل بهم الفخر بالإنجازات القومية مدىً بعيدًا، حتى إنه لو افتتحت دورة مياه في عزبة قصية، فبتوجيهات من فخامته وسيادته وجنابه! ويظهر ألف ممن يؤكدون أن دورة المياه هذه مشروع وطني جبار، ونهضة حضارية وثابة، وخطوة تضعنا في مصاف الدول المش عارف إيه! = = كلهم وطنيون مخلصون لدرجة أنهم لا يبيتون مع العدو في فراش واحد، وحتى إنهم لا يتقنون على الإطلاق فن (بوس) خده ويده، والنوم في حضنه، ولا يعلنون صداقتهم المباشرة له.. ويقفون بانتشاء أمام الكاميرات لتُلقط لهم الصور وهم يترامون في أحضان صديقهم اللدود! بل إن أحدهم أكله ضميره لما مات صديقه العزيز رئيس وزراء العدو.. فتأثّم أن يكتم أحد الأسرار الدبلوماسية الرفيعة، وأعلن أنه وصديقه الفقيد كانا يتزاوران (في الله) منذ ثلاثين سنة خلت! ويلعبان معًا الكومي، ويشربان معًا الويسكي الحلال! وأن العالم فقد برحيله رجلاً (جزارًا) محبًّا للسلام! مع أن هذا اللعين كان رئيسا لأركان حرب جيش الدفاع (!) الصهيوني، الذي ألحق بالعرب هزيمة مخزية في حرب يونيو/ حزيران 1967 أسفرت عن ضم إسرائيل للضفة، وغزة والقدس الشرقية، وهضبة الجولانة، وشبه جزيرة سيناء! وكان جزار انتفاضة عام 1987. = = كلهم يحرصون على أمن الوطن لدرجة قصفه عند الاقتضاء حتى لا يقع في أيدي غيرهم، وإشعاله حرائق (من جرية لجرية/ ومن حارة لحارة/ ومن زنجة لزنجة/ ومن نفر لنفر)! وعندهم استعداد أن (يجيبوا عاليها واطيها) كما فعل أحدهم في حلبجة، وكما فعل آخر في حلب وحماة، وكما يريد قذاف الدم في طرابلس! = = كلهم لهم مفتون ووزراء أوقاف عِراض الأقفية، غلاظ الأكباد، كارهون للوطن، يفصلون لهم الفتاوى، ويُلبسون انحرافاتهم عمامة شرعية، ويصفونهم بأوصاف لم ينلها عمر بن الخطاب، وهارون الرشيد رضي الله عنهما! حتى إن بابراك كارمل الملحد، والأسد الإسماعيلي، والقذافي منكر السنة، وبن علي مجفف المنابع، لهم وزراء أوقاف معممون مطمطمون.. وقد أعلن وزير أوقاف بن علي سعادته الكبيرة، وافتخر بدوره التنويري حين سبحت أمامه طالبات كلية الشريعة بالبكيني! = = كلهم يعينون لخرق القانون أساتذة قانون، متخصصين في تفصيل (البدل القانونية) على مقاس الزعيم الملهم، بحيث يطول عمره في الكرسي (بالقانون) ، ويورث أبناءه (بالقانون)، ويقمع معارضيه (بالقانون)، ويلغي الفانون (بالقانون)، ويتحول (بالقانون) إلى شخصية متألهة كأنه تعالى ما خلق منها اثنتين، لحميد صفاته، وكمال خلقه وخلقه، وتمام عدله، ونزاهة لسانه، وطهارة يده.. وارجع رعاك الله بذهنك، وانظر من كانوا يقودون مجلس الشعب والنواحي الدستورية في الأمة المصرية منذ ثورتها الأولى حتى تنتهي بحميد الذكر فتحي سرور.. تر عجبًا! = = كلهم متدينون جدًّا، يصلون الجمعة كل ثلاث سنين، ويحرصون أن تصورهم كاميرات الدنيا أثناء الصلاة، ويحجون عند الاقتضاء، ويحملون ألقابًا فخيمة تملأ الفم مثل الزين بن علي بتاع تونس رضي الله عنه، حامي حمى الحمى والدين (كما هو مكتوب على لوحة رخامية ضخمة على جدار جامع الزيتونة العريق الذي أسس سنة 114 هجرية.. أي منذ أكثر من 1318 سنة) وحتى لو منعوا الأذان، وسبوا القرآن، وأهانوا الدين وأهله، وأدخلوا الناس المساجد بالبطاقات الإلكترونية، واعتقلوا من يضيء نور حمام بيته قبل الفجر على أساس أنه قام ليصلي ، وهي من الجرائم المغلظة في عرف مؤمني أمن الدولة! = = كلهم يحاربون الإسلام (آسف على سبق القلم: بل أقصد الإرهاب) ويتحدون جبهة واحدة لاجتثاثه، وينسبون فيه ما قال مالك في الخمر، وما قالت أمريكا في ابن لادن! وهم مخلصون لذلك للنهاية، حتى لو انتفض الشعب لإقصائهم فلا بد أن يكون السبب هم (أصحاب اللحي، باختلاس اللام وكسر الحاء كما ينطقها الفقيد القذافي) أو طالبان أو ابن لادن أو الزرجاوي، أو الإخوان.. قالها فرعون منذ القدم عن سيدنا موسى عليه السلام، ثم قالها مبارك: (البديل هو الإخوان)، وقالها الحليوة بن علي، كما قالها الأخ معمر (بن لادن وطالبان)، وقالها عمر سليمان قبله، وسيقولها كل فرعون وهامان! = = كلهم يستعينون ببلطجية ومرتزقة وقوات خاصة مجردة من الإنسانية، ولهم من صنوف الأمن وصفوفه العدد العديد، والسجون في ديمقراطياتهم أكبر من عدد الجامعات.. ورجال الأمن أكبر من عدد العمالة اليدوية المسكينة المستكينة.. وهؤلاء المرتزقة قد يكونون محليين من أعوان الواطي الدمّقراطي، أو مستوردون بالعملة الصعبة لأداء مهمة صعبة، في مواجهة ظروف صعبة! = = كلهم يملكون (غرف جهنم) التي تحوي ملفًّا لكل مواطن، خصوصًا الكبار والمسؤولين ممن حولهم، ومن يدبرون الأمور معهم، ليستعينوا بها عندما يحاول أحدهم أن (يلعب بديله) فيقطعوا لسانه بما يكسر عينه، ويضمن استمرار ولائه! = = كلهم شرفاء جدًّا، أطهار الأيدي جدًّا، لا يحتجنون من الأموال إلا بمقدار ما يؤمن مستقبل الأولاد من غدر الزمان، وارتفاع الأسعار، وكثرة المطالب، حتى إن بعضهم كان مسكينًا، مش لاقي تمن البدلة اللي بيلبسها! كما ذكر الفقيد القذافي! = = كلهم يملك حاشية كبيرة من مساحي الجوخ، والزمارين، والطبالين، يسترون عورات سادتهم، ويتفننون في الكذب من أجلهم حتى كتب أحدهم ذات مرة: إنه اكتشف بعبقريته سر انحياز الزاهد حسني مبارك لمحدودي الدخل، ذلك لأنه هو (الرئيس يعني) أيضًا محدود الدخل (يا عيني) ولا يملك أكثر من مرتبه، لذا سيبقى أنموذجًا وقدوة، ومثلاً أعلى، وكل حاجة حلوة إلى يوم القيامة! وكان هذا الصحفي الكذوب يقبض مقابل أكاذيبه وتلفيقاته ودبابيسه وكبسولاته، بشكل يحير العقل.. كتب مصطفى بكري عنه يومًا: (من شقة بسيطة إلى فيلا في شارع عباس العقاد، ومن عباس العقاد، إلى فيلات وشقق في الساحل الشمالي والإسكندرية والعين السخنة والبحر الأحمر، إلى منتجع الجولف بالتجمع الخامس.. من راتب شهري لا يزيد على خمسمائة جنيه إلى أموال وأصول تزيد قيمتها على المليار جنيه. إذا تحرك (هذا الدلدول المطبلاتي) تقف له ساعة الزمن، موكب يضم سيارات حراسة شيروكي وموتسيكلات تتقدم، ومقدمة تفسح الطريق، وتصدر التعليمات بفتح إشارات المرور وإغلاق الشوارع، وعندما يصل إلى منزله تتوقف أسانسيرات العمارة بأسرها، وينتشر حراس أشداء، ويتولى أمين شرطة مهمته الوحيدة، توصيل سعادته من الأسانسير بالدور الأول إلى فيلته بالدورين السادس والسابع. كان يتولى حراسته 28 حارسًا ينتشرون حول العمارة، وداخلها، وفي الأدوار التي يقطن بها! وبعضهم كانت مهمته فقط هي حراسة الزوجة وأنجاله، وكانت تكلفتها الشهرية 80 ألفًا من الجنيهات فقط! لقد خصص لنفسه ولأسرته 22 سيارة تضم سيارات مختلفة أبرزها المرسيدس الشبح والشيروكي، كان كل فرد من أفراد الأسرة يتحرك وخلفه سيارة شيروكي مكدسة بالحراس، وكله على حساب صاحب "المخل" يا خبيبي! هل تصدق عزيزي القارئ أن (.....) خصص لنفسه ولمن حوله 30 "موبايل" و4 طباخين وسفرجية يعملون داخل منزله و18 سكرتيرة، إضافة إلى موظف برتبة صحفي كان يتولى إعداد الشيشة لأسطورة العصر ومفكر الزمان، وكل ذلك من مال المؤسسة التي أصابها الوهن في ظل حكمه وجبروته)!!!!!!! = = كلهم يوافق كلهم ولا يدينه ولا يتهمه ولا ينتقده إلا عند الاختلاف على غنيمة رغم معرفته بعورات صاحبه ومخازيه، فإذا ما سقط تخلى عنه وباعه إلا بعض من يملكون (الأخلاق العربية) التي تغيث الملهوف، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الطرد! = = كلهم يقتل بدم بارد، ويتخلص من خصومه بألف طريقة وطريقة، ووراءه دائمًا (منظفون) يطهرون مكان الجريمة، ويثبتون أن القتيل أو الضحية كان إرهابيًّا يريد قلب نظام الحكم، وخطف المكتسبات الثورية (نسبة للثور لا للثورة) وأن له أعوانًا كثرًا، يتم القبض عليهم، ونزع (آسف: جمع) اعترافاتهم، من خلال شرطة نظيفة في خدمة المأمور.. سوري أقصد في خدمة الشعب.. كفاية كدا.. اكتب أنت ملامح أخرى من فضلك.. لأنني سأقرأ الملامح الفرعونية في المقالات التالية إن شاء الله تعالى.. ___________________ قال الصديق الشاعر المبدع إمام مصطفى، بعنوان: يوم ما هزت العدرا الرطب: كنت داير في الميدان بين كفايه والتجمّع والمجمّع/ كنت حاسس نفسي هاجر وام عيسى/ شايل الأوراق وباجري/ عللي ألقى بير شهادة/ أو رطب ينزل عليّه أروي بيه عطش الوليد/ الزفّه طلقات الرصاص والقنابل/ ياللي ما بتسمعشي إسمع/ يا أمل دنقل تعالى/ يا عصام عبد الله قوم/ أمنا بتصرخ هاتولد/ صوتها غطى ألف مدفع/ غطى صوت الفنانين الخوافين واللي في التلفاز بيعووا/ والعقيد بيقوللي إرجع/ أيوه إنت ياللي شبه المجرمين/ في الحقيقه هوه كان المجرمين/ كان عبيد الساده واسياد العبيد/ شكلي مش مجرم يادبورتين وتاج/ شكلي شكل المطحونين والغلابه الشقيانين/ شكلي مصري وانت شبهك يبقى مين!؟/ إنسحب بمصفحاتك/ اللي شبهك عيب يكون وقت الولاده في ميدان الثائرين/ هيه ساعة وصرخة الميلاد سمعها كل حي ف كل حي/ طلع النهار والليل في لحظه من الميدان/ بينما لازلت أهرول في الميدان/ والميدان عمّل يفرقع/ قوم يامصري قوم وإسمع/ واللي ما بيسمعشي يسمع واللي ما بيفهمشي يفهم/ مصر ولدت يوم جديد [email protected]