قالت صحيفة "هافنجتون بوست" البريطانية، إن الشعب المصري يمر بحالة من الهستيريا المختلطة مع الحماسة القومية، ومن الصعب إجراء محادثة عقلانية مع الكثيرين حول الوضع في البلاد. وأضافت أنه بعد عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي حرص المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع على التأكيد على أن البلاد ستستعيد الكرامة المصرية واعدًا بخدمة الشعب بتفان لأنهم ضوء عينيه على حد قوله فبعد ثلاث سنوات من العنف والثورات، بات الشعب المصري في حاجة للإصلاح، وقد وضعوا الآمال على أن يكون السيسي فهو الدواء والأمل لتخفيف آلام تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتي تعني بكل بساطة الفشل التام. وقالت متطرقة لأهم المشكلات التي تواجه البلاد ألا وهي التعليم، إن النظام التعليمي يحمل نمطين الأول هم أصحاب التعليم العالي، أما الآخرين فهم من تصل نسبة الأمية بينهم إلى 40% في المناطق ذات الأغلبية الريفية". وعن البطالة، قالت الصحيفة، إن المعدل الرسمي بلغ 13.4 %، وأكثر من 70 % من العاطلين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 سنة، إضافة لانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد لأقل من سوريا، لافتة إلى أن البلاد اعتمدت على الدعم من خلال تدفق لأموال الخليج لمواجهة عجز الصادرات. وأردفت أنه في المدى القريب لا توجد احتمالات لاختفاء تلك المشكلات خاصة بعد العنف الكائن بسيناء وتفجيرات القاهرة، موضحة أن الاقتصاد المصري مرتبط بحوالي 25% من القطاع السياحي، وعدد قليل من السائحين زاروا البلاد لحضور "التجربة المصرية". وأشارت إلى أنه مع المشكلات الاقتصادية يسعى الشعب المصري لمعرفة دخله الحقيقي المتدني، لافتة إلى أن كثير منهم يشعر بأن العملية ستتعثر أكثر، لكن في الوقت الراهن وعلى ما يبدو يعمل وجود السيسي الآن كمخدر للتخفيف من آلام اليأس الاقتصادي. ورأت الصحيفة أن الشعب المصري يواصل الآن الاحتفال بالمعالم "الثورية" وإبداء عشقه للزعيم الجديد، وفي الوقت نفسه لازال السيسي يثير شعبه بمسألة ترشحه للرئاسة، لكن بعد زيارة الرئيس الروسي بوتين بات ترشح السيسي مؤكدًا. وأوضحت أن "الشعب المصري بات في أعلى مستوياته بعد تناوله الدواء المفضل له ألا وهو السيسي، لكن الرهان الأحمق هو أن السيسي لن يترشح للرئاسة المقبلة"، لافتة إلى أن زيارته الأخيرة لروسيا وصعوده للطائرة بالزي المدني هدفه توصيل رسالة للشعب المصري على أنه رجل الدولة وليس مجرد جندي. وتابعت أن "زيارة السيسي لروسيا مجرد خداع بشأن توجه مصر من دعم الولاياتالمتحدة خاصة في الشأن العسكري"، موضحة أن هناك خدعة أخرى تتمثل في عدم تساوي روسيا مطلقًا مع الولاياتالمتحدة في منح البلاد 1.5 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوية والتي بدأت منذ عام 1979. وذكرت إلى أن البلاد مهمة تواجه مهمة لا تحسد عليها من خلال كيفية تسوية وضعها القائم منذ 30 عامًا مع المعدات العسكرية المصنعة أمريكيا والتكنولوجيا العسكرية الروسية. ورأت الصحيفة أن بعض الخبراء العسكريين يعتقدون أن مصر تستطيع إعادة توجيه علاقتها العسكرية والأمنية إلى روسيا، لكن العديد من سكان مصر البالغ عددهم 85 مليون نسمة ليسوا في حاجة لمعرفة ذلك، فالرئيس القادم والمتحمل أن يكون السيسي سيتنكر للأمريكيين وينقذ البلاد من الهيمنة الأمريكية ويعيد مصر لأيام مجدها السابق بدعم من قوة عظمى بديلة. واستطردت أنه بدون إعادة هيكلة للاقتصاد المصري والمجتمع والثقافة، هناك أمل ضئيل في تحقيق نجاح وبقاء البلاد على قيد الحياة في ظل المنافسة العالمية وللأسف سيهبط المصريون على صخرة أو حفرة عميقة مثلما سقطت البلاد في الفشل الاقتصادي والتمرد العنيف، مشيرة إلى أن عدم بحث القائمين على السياسية عن حل جديد فسوف يكون السيسي الهدف التالي للاحتجاجات الشعبية.