"من بغداد إلى سبل الدبلوماسية"، هو عنوان كتاب إسرائيلي جديد يرصد العلاقات بين مصر وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام عام 1979، قام بتأليفه تسيبي جباي، السفير الإسرائيلي الأسبق، والذي عمل في الدبلوماسية الإسرائيلية على مدار أكثر من 30 عامًا، وكان له دور في تأسيس وتعزيز العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بعد التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد". وعن تلك الفترة يقول جباي في كتابه "الدكتور هداس مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق بدأ في تنظيم وحدة خاصة بمصر في الوزارة وكنت من أوائل العاملين فيها والمنضمين إليها، كنت سعيدًا أنني سأعود للعمل في شئون الشرق الأوسط، كان لدي فضول شديد لزيارة مصر، أم الدنيا، كما يحب المصريون تسميتها، لقد سمعت عن القاهرة، وأنا ما زلت شابًا في بغداد التي ولدت بها، لقد كانت مصر عدوتنا الكبرى التي حاربتنا بعنف وقسوة على مدار 30 عاما، وفجأة أصبحت تلك العدوة في متناول اليد ويمكن زيارتها بدون أي عائق". ويوثق جباي في كتابه تجربته وانطباعاته خلال فترة عمله في مصر كمستشار سياسي أول في السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، قائلاً إنه لم يجد أي معارضة للسلام مع إسرائيل من قبل الشعب المصري، وإنهم في القاهرة تحدثوا عن مزايا السلام مقابل أهوال الحرب، وحتى هؤلاء الذين شاركوا في المعارك أعربوا عن دعمهم الشديد لمبادرة الرئيس الراحل أنور السادات وهاجموا بشراسة الفلسطينيين وقادة الدول العربية الذين عارضوا السلام. بالرغم من ذلك كما ينقل موقع "نيوز وان" الإخبار الإسرائيلي فإن جباي يشير في كتابه إلى مواقف قادة المعارضة بمصر الذين رفضوا التطبيع مع إسرائيل، ومواقف أدباء وصحفيين رافضين أيضا للعلاقات مع إسرائيل، لافتًا إلى أن هؤلاء وجدوا أسواقا لكتبهم في الدول العربية وبالأخص في الدول الثرية. وأشار إلى أن الخلاصة من تجربة المؤلف هي أن السلام مع مصر تم توقيعه لعدم قدرة الأخيرة على حسم الأمر مع إسرائيل وهزيمتها بأرض المعركة وميدان الحرب، لذا فلم يكن أمامها مفرًا إلا السلام، فالحديث يدور عما يفرضه الواقع، وأكبر دليل على ذلك هو تصريحات الدكتور مصطفى خليل رئيس الحكومة المصرية في السنوات الأولى بعد توقيع كامب ديفيد. إذ "أنه عندما زار الرئيس الإسرائيلي يتسحاق نافون مصر عام 1980، تم دعوته لإلقاء خطاب في مقر الحزب "الوطني" الحاكم آنذاك، وليس في البرلمان، وهو الخطاب الذي ألقاه باللغة العربية وأثار انفعال الحاضرين بسبب لغته الطليقة ومحتواه الداعي للتعايش السلمي بين مصر وإسرائيل"، على حد قوله. وجاء في الكتاب، أن خليل رد على خطاب نافون بخطاب آخر قال فيه: "لا يمكنكم تقليب صفحات التوراه والزعم بان أرض فلسطين أعطاها لكم الرب، لا سيدي الرئيس، أنتم شعب غريب في المنطقة، وليس لديكم أي حقوق تاريخية، نحن مستعدون لقبولكم في المنطقة العربية، لأنه ليس لدينا خيار آخر، سوري العيش معكم في سلام، وإقامة علاقات جيرة طيبة، لكن ليس أكثر من ذلك". وقال الموقع الإسرائيلي، إن ما يستنتج من الموقف السابق الذي ذكر في كتاب جباي هو نتيجة واحدة، وهي أن السلام البارد أفضل من الحرب مع مصر، مضيفًا أنه منذ توقيع معاهدة السلام شهدت مصر تقلبات كثيرة وتغيرت فيها أنظمة الحكم إلا أن علاقات السلام مع إسرائيل ظلت كما هي في مكانها.