سجلت جماعة "الإخوان المسلمين" التي كانت توصف ب "المحظورة" من قبل الصحف ووسائل الإعلام الحكومية حضورا "رسميا" على الساحة السياسية منذ إسقاط حكم الرئيس حسني مبارك، وتمثل التحول الأبرز حتى الآن في ظهورها على شاشة التلفزيون الرسمي للدولة وفي أحد أشهر برامجها، للمرة الأولى منذ إنشاء التلفزيون عام 1960. فقد استضاف برنامج "مصر النهاردة" الذي يبث على القناة الثانية، الدكتور محمد سعد الكتاتنى عضو مكتب الإرشاد، والمتحدث الإعلامي باسم الجماعة مساء الجمعة لمدة ساعة كاملة تحدث فيها عن الخطط السياسية المستقبلية للإخوان وخطتها لإنشاء حزب سياسي وخوض انتخابات مجلسي الشعب والشورى وموقفها من الانتخابات الرئاسية المقبلة. ونفى الكتاتني خلال المقابلة بشكل قاطع اتصالات بين "الإخوان" والسفارة الأمريكية بالقاهرة أو أي مسئول أمريكي، مؤكدا أن المرة الوحيدة عندما حضر لقاء استقبال وفد من الكونجرس وحفل عشاء أقامته السفارة بحضور نواب برلمانيين، وذلك بصفته زعيم الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان بمجلس الشعب بدعوة من الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس خلال المجلس السابق. وأعرب عن رفض "الإخوان" القاطع لإنشاء دولة دينية يكون فيها لرجال الدين الكلمة العليا على غرار إيران، مشيرا إلى أن الجماعة تطالب بدولة مدنية تكون مرجعيتها الإسلام وفقا للمادة الثانية في الدستور، على أن يكون الشعب هو مصدر السلطات ويختار نوابه في البرلمان بحرية ونزاهة وينتخب رئيس الجمهورية ويستطيع عزله إذا أخطأ. ووجه الكتاتني رسالة طمأنة للأقباط وللتيارات الليبرالية واليسارية التي ينتابها قلق شديد من إمكانية صعود "الإخوان" ووصولهم للسلطة، وقال "أؤكد للجميع أننا نرفض إقامة دولة دينية ولا نريد دولة إيرانية ونطالب بدولة مدنية مرجعيتها الإسلام وفقا لما أكدته المادة الثانية من الدستور". وفي رسالة طمأنة توج بها للأقباط، أكد الكتاتني أن لهم كل الحقوق والواجبات مثل إخوانهم المسلمين، وقال إن "الإخوان" يرفضون أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية، متهما نظام حسني مبارك بأنها استخدم "فزاعة الإخوان" لتخويف الأقباط والولايات المتحدة والغرب. وسعى الكتاتني إلى إرسال إشارة طمأنة للأقباط والليبراليين واليساريين، عبر تأكيده أن "الإخوان" لن يرشحوا أحدا منهم لمنصب رئيس الجمهورية، ولن يحاولوا الحصول على أغلبية مجلس الشعب القادم، ولن يحاولوا الحصول على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان. لكنه أكد أن "الإخوان" سيتنازلون عن حقهم في الترشح للرئاسة في هذه الدورة فقط، ويمكن لهم أن يترشحوا لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات اللاحقة، ويمكن أيضا أن يتنافسوا في الانتخابات بعد القادمة للحصول على أغلبية مقاعد مجلس الشعب. وقال إن "الإخوان" سيشكلون حزبا سياسيا بعد رفع القيود التي كانت مفروضة على تشكيل الأحزاب وإلغاء لجنة شئون الأحزاب التي كان يرأسها الأمين العام للحزب "الوطني" وتضم في عضويتها وزير الداخلية. وردا على التساؤلات الخاصة بالجماعة، وهل هي جماعة دينية أم سياسية، قال إنها هيئة إسلامية جامعة خاصة وأن الإسلام دين شامل فيه السياسة والدعوة والاقتصاد والاجتماع وجميع مناحي الحياة. ورفض الكتاتني الحديث عن "الإخوان" يخططون لإحياء الخلافة الإسلامية وأن يكون الخليفة أو الحاكم يمكن أن يكون من أي جنسية إسلامية حتى ولو من ماليزيا، قائلا إن الخلافة الإسلامية لم تعد مناسبة ولا تصلح في الوقت الحالي، موضحا أن "الإخوان" متمسكون بالدولة المصرية وبسيادتها". ورفض الكشف عن العدد الحقيقي للإخوان بجميع المحافظات، وقال إن الجماعة ليس لديها حصرا بإجمالي العضوية على مستوى الجمهورية، وأرجع ذلك إلى خشيتها من وقوع هذه المعلومات في يد جهاز أمن الدولة. وأشار إلى أن "جريدة "الأهرام" كانت قد نشرت تقريرا يفيد بأن عددهم يقدر ب 750 ألف على مستوى الجمهورية، لافتا إلى أن الجماعة لديها القدرة التنظيمية التي تمكنها من حشد الآلاف من أعضائها في غضون ساعتين فقط.