الاقوياء فقط هم الذين يصنعون التاريخ، ولا مكان في سجلات التاريخ للضعفاء والجبناء والمترددين والمتأمرين. حين قدم الجنرال بارك شونج هي رئيس كوريا الجنوبية الاسبق إلي سدة الحكم في عام 1961، كان الوضع الإقتصادي والإجتماعي في اسوأ حال نتيجة للحرب التي دارات رحاها بين كوريا الجنوبيةوكوريا الشمالية في الفترة ما بين 1950 حتي 1951 والتي إحتلت فيها كوريا الشمالية كوريا الجنوبية عدا إقليم صغير يسمي بوسان وكان يقع في اقصي جنوب البلاد، وقام الجنرال بارك في اقل من عقدين بتحويل كوريا من دولة من دول العالم الثالث إلي دولة قوية ووضعها علي أول طريق التقدم والتكنولوجيا الحديثة. ويعتبر بارك هو باني نهضة كوريا الحديث فعلي الرغم من أنه لم يصل إلي سدة الحكم بطريقة ديمقراطية, وعلي الرغم أيضا من أنه كان ديكتاتورا إلا انه استطاع في فترة حكمه من عام 1961 وحتي مقتله عام 1979 علي يد رئيس المخابرات كيم شي كيو, استطاع أن يبني كوريا الحديثة بالقيادة الجيدة و بالتخطيط و بالعمل والتفاني, فالقيادة هي نشاط وفعالية تحتوي على التأثير على سلوك الآخرين كأفراد وجماعات نحو انجاز وتحقيق الأهداف المرغوبة, وهي إنجاز وتأثير في المقودين نحو تحقيق الأهداف المرغوبة والمنشودة، ومن المعروف أن كل دقيقة واحدة تبذل في التخطيط توفر 4 ساعات عند التنفيذ. وغفر الشعب الكوري للجنرال بارك ديكاتوريته عندما شعروا بصدق توجهه، وعندما وجدوا أن ظروفهم الإقتصادية والإجتماعية قد أخذت في طريقها نحو التحسن فصبروا علي الديكاتورية وغضوا الطرف عن الديمقراطية وتفرغوا للعمل الجاد والمنظم والمستمر فتعاون طلاب المدارس والجامعات مع الجيش الكوري – كما حكي لي البروفيسور ليم- في زراعة كافة جبال كوريا بالاشجار ورعايتها بالري والمتابعة حتي تحولت جبال كوريا من اللون الاصفر إلي اللون الاخضر وزادت كميات المطر ومع تحول جبال كوريا إلي اللون الاخضر تحولت كوريا إلي روضة كبيرة من ادناها إلي اقصاها، وكان الجنرال بارك قد امر بتركيب ميكروفونات في كل قرية وفي كل حي من مدن كوريا، وكان يتم النفخ في النفير او البروجي في تمام الساعة الخامسة صباحا وكانت اصوات الميكروفونات ليست كفيلة بإيقاظ النائمين فقط ولكنها، من شدتها كانت كفيلة بإيقاظ الاموات ايضا، فيذهب الفلاح إلي حقله والعامل لمصنعه والتلميذ لمدرسته ، في عام 1979 ومع تحسن الاوضاع الكورية بشكل كبير ومع الشعور المتنامي لدي بارك بأنه هو من صنع كوريا الحديثة، وبدلا من أن يخف من قبضته الامنيه ويمنح الشعب الفرصة في استنشاق نسائم الحرية والديمقراطية، زاد من ديكاتوريته فما كان من رئيس المخابرات الكورية إلا انا قتله، واستمرت القلاقل لعدة سنوات قبل أن يفرض الشعب الكوري- وخاصة شباب الجامعات – كلمته واستطاع أن ينتزع حريته وديمقراطيته انتزاعا، ليتفاعل الشعب مع الحريات والديمقراطية ومع ما توصل إليه من تقدم ملحوظ بعد وضع قدمه علي الطريق الصحيح نحو العمل والإنتاج ويحافظ علي الاثنين معا ليصنع قصه رائعة ويرسم لوحة فائقة الحسن. فماذا نحن فاعلون؟؟ أظن أن الامر في مصر أكثر تعقيدا وأكثر صعوبة, وكم اتمني أن نحذو حذو كوريا نحو العمل والعلم والأخذ بأسبابهما، وكم اتمني ايضا أن يتم التنقيب علي الكفاءات التي تصنع الفارق في كافة المؤسسات، وكم اتمني ألا يطفو علي السطح الخبث الذي يطفو دائما، فهل سيتحقق هذا؟ الايام والشهور القادمة هي التي ستجيب علي هذا السؤال..
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.