طرحت "الجماعة الإسلامية" مبادرة للخروج من أسوأ أزمة تشهدها مصر منذ 30 عامًا، تتضمن الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في أغسطس المقبل، بعد أن يتنازل الرئيس حسني مبارك عن صلاحياته لنائبه اللواء عمر سليمان، في عيد ميلاده الثالث والثمانين في مايو المقبل. وقالت الجماعة إن طرحها يأتي كحل للخروج من المأزق الراهن، وتفادي الدخول في أزمة دستورية، مع استمرار رفض الرئيس مبارك الاستجابة للدعوات بالتنحي عن منصبه، وإصراره على استكمال الشهور المتبقية من فترة ولايته، بعد أن تعهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر. ووفق الحل الذي يطرحه عصام دربالة أحد القيادات التاريخية للجماعة، سيتوجه الرئيس مبارك في عيد ميلاده بخطاب للشعب المصري يعلن خلاله تفويض نائبه القيام بمباشرة اختصاصاته، وذلك لأسباب صحية وبموجب المادة 82 من الدستور، على أن يدعو النائب عمر سليمان لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة حددت لها أغسطس المقبل، حيث لا يوجد نص دستوري يمنعه من ذلك. لكن هذه الخطوة ستلي مجموعة من الخطوات الأخرى التي يتعين على الرئيس مبارك اتخاذها، وعلى رأسها الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، سواءً على خلفية المظاهرات الأخيرة أو غيرها، وأن يصدر عفوًا شاملاً عن كافة المحكوم عليهم في قضايا سياسية من خلال محاكم استثنائية. فضلا عن إصدار قرار بإلغاء حالة الطوارئ السارية بالبلاد منذ نحو 30 عامًا وذلك قبل الدعوة لانتخابات تشريعية، بعد إصدار قرار بحل مجلسي الشعب والشورى بموجب المادة 136 من الدستور، ودعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب خلال مدة لا تتجاوز ستين يوًما من تاريخ صدور قرار الحل. وسيتولى القضاء الإشراف على العملية الانتخابية بكافة مراحلها، بموجب قرار يصدره الرئيس بقوة القانون متضمنًا مشاركة كل الهيئات القضائية في الإشراف عليها، وأن يتم تشكيل لجنة عليا تضم شخصيات بحكم مناصبها القضائية، بالإضافة إلى شخصيات عامة متفق عليهما من أطراف الحوار القائم، وأن تساعد القوات المسلحة الشرطة في تأمين هذه الانتخابات، بموجب المادة 147 من الدستور. ووفق سيناريو الحل المطروح، يقوم الرئيس بتشكيل لجنة متفق عليها بين أطراف الحوار الوطني للتجهيز لإجراء تعديلات دستورية وقانونية لطرحها على مجلسي الشعب والشورى الجديدين بعد انتخابهما، على أن يتم طرح هذه التعديلات- بعد موافقة المجلسين عليها- للاستفتاء الشعبي. وكان الرئيس مبارك صدّق أمس على تشكيل لجنة لدراسة واقتراح تعديل بعض الأحكام الدستورية والتشريعية من أعضاء من السلطة القضائية ومن الخبراء والشخصيات السياسية, برئاسة المستشار سري صيام رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى، لدراسة واقتراح ماتراه من التعديلات الدستورية للمواد 76 - 77 - 88 وغيرها من مواد أخرى. وتهدف هذه الخطوة إلى توجيه رسالة تثبت جدية الرئيس في وعوده بإجراء إصلاحات سياسية ودستورية، مع رفضه دعوات المتظاهرين له بالتنحي كضمانة لإجراء الإصلاحات التي ينادون بتحقيقها، وضمان عدم ملاحقتهم والتنكيل بهم إذا ما توقفت المظاهرات التي دخلت أسبوعها الثالث، على الرغم من تصاعد الاحتجاجات على بقائه وتمسك المتظاهرين بضرورة الاستجابة لمطالبهم برحيله، وهو ما يعني استمرار الأزمة إلى حين يتم التوصل لاتفاق يرتضيه الطرفان.