في الحقيقة نجد أن كل عملية او استحقاق انتخابي يتعرض له المواطن في أي دولة في العالم لابد ان يسبقه مجموعة من الضمانات التي تضمن له نزاهة هذا الاستحقاق ونزاهة الاجراءات اللازمة له , وحدث ذلك في مصرنا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ولكن سرعان ما تم الانقضاض علي هذه الضمانات في الاستفتاء الحالي المزمع اتمامه يومي 14 , 15 من هذا الشهر الحالي , ويظهر هذا جلياً في النقاط التالية : بالنسبة لصلاحيات رئيس اللجنة الفرعية حيث يكمن دوره في منع دخول احد داخل المقر الانتخابي إلا من له حق الانتخاب فقط , كما ان اللجنة اشترطت لدخول المراقب اللجنة أن يأخذ الاذن والموافقة من رئيس اللجنة حتى ولو كان يحمل تصريح بالمراقبة , كما يحق لرئيس اللجنة تقييد المراقب داخل اللجنة حيث يحق له ان يطرده من اللجنة اويقلل فترة تواجده فيها أو يمنعه من الدخول متى شاء بزعم التأثير علي العملية الانتخابية او التزاحم كما يتراءا له , كما ان له ان يوافق علي قيام الاعلامي بالتصوير داخل اللجنة قبل قيام المصور بذلك أو لا. بالنسبة لبدء عملية التصويت وانتهائها نجد أنها تبدأ في تمام الساعة التاسعة صباحاً وتنتهي في تمام الساعة التاسعة مساءً وذلك لمدة يومين بخلاف ماكان معمولا به حيث كانت تبدأ في الساعة الثامنة صباحاً فلماذا تم تأخير الموعد ساعة كاملة ؟ كما انه اجاز ان تمد الي مابعد التاسعة اذا وجد احد داخل مقر الجمعية الانتخابي ولم يصوت بعد, وهذا يوحي بالشك والريبة من حدوث عملية تزوير للاصوات خاصة بعد زيادة ساعات التصويت لأكثر من 4 ساعات - خاصة بعد اعلان العديد من القوى السياسية والثورة مقاطعتها لهذا الاستفتاء - حيث كانت تغلق اللجان الساعة السابعة مساءً في الانتخابات السابقة. بالنسبة للصناديق الخاصة بالاقتراع فنجد انه تم التأكيد علي خلو الصناديق من اي اوراق ووجود حبر فسفوري وغيره ولم تتم الاشارة مطلقا الي شكل الصندوق وحتمية كونه زجاجياً او بلاستيكياً شفافا يظهر مابداخله مثلما كان معمولا به من قبل. بالنسبة لبطاقات الاقتراع نجد أنه في اجراءات عملية التصويت في الداخل نص علي ان الناخب بعد ان يثبت شخصيته لأمين اللجنة يتجه نحو رئيس اللجنة لكي يعطيه بطاقة الاقتراع ولم يحدد صفات هذه البطاقة أو شكلها , مثل أنها مختومة بخاتم رئيس اللجنة او احد اعضائها او بها تاريخ الانتخاب او الاستفتاء مثلما حدد ذلك في الانتخابات بالخارج , وهذا يثير العديد من التساؤلات والشكوك . بالنسبة لتصويت المنتقبات حيث الزم الكشف عن المنتقبات من قبل السادة رؤساء اللجان ومن ترفض تمنع من التصويت وجعل الاستثناء ان يكون الكشف من قبل السيدات , كما أن هذا لم تتم الاشارة اليه بالنسبة للمنتقبات في الخارج . بالنسبة لتصويت المكفوفين ومن بهم عاهات تمنعهم من التصويت بأنفسهم جعل رئيس اللجنة هو الذي يصوت لهم بعد اخذ رأيهم شفاهة ويدون لهم في بطاقة الاقتراع دون ان يرى ذلك احد فما الضمانة اذا ما حاول رئيس اللجنة القيام بتغيير ماقاله الناخب المكفوف ؟ وجعل الاستثناء ان يجوز لمن مع الناخب المكفوف ان يصوت له في بطاقة الاقتراع , هذا بخلاف مانص عليه بشأن التصويت في الخارج حيث جعل امين اللجنة هو الذي يصوت للناخب الغير قادر ولرئيس اللجنة ان يوقع علي البطاقة . بالنسبة لمراقبة الاعلاميين والمنظمات الحقوقية المحلية نجد أنه قصر مراقبة الاعلاميين والحقوقيين علي فصيل واحد فقط من الاعلاميين والحقوقيين وهو المؤيد لخارطة الطريق ولما حدث في الثالث من يوليو اما الرافضين لتلك الاحداث فقام بتنحيتهم حيث تم اغلاق وحجب جميع الصحف والقنوات الفضائية الرافضة لاحداث الثالث من يوليو , وكذلك تم استبعاد كافة المنظمات الحقوقية الرافضة لاحداث الثالث من يوليو , كما أنه جعل دخول الاعلامي المراقب لمقر لجنة الاقتراع الفرعية او العامة مرهون بموافقة رئيس اللجنة حتى ولو كان يحمل تصريح مراقبة من اللجنة العليا , كما انه منع قيامهم بتصوير اي شيء داخل اللجنة الا بعد موافقة رئيس اللجنة , كما جعل حضورهم أثناء الفرز واعلان النتيجة داخل اللجان الفرعية فقط اما اللجان العامة فجعل حضورهم فيها أثناء الاعلان عن النتيجة فقط , كما جعل لرئيس اللجنة حق تقليص مدة تواجد الاعلامي او المراقب داخل اللجنة , كما له اختيار عدد محدود من الاعلاميين لحضور الفرز بزعم التزاحم بحيث لا يتجاوز عددهم خمسة اعلامين فقط , كما الزم الاعلاميون بحمل بطاقات الصفة الاعلامية بجانب بطاقة التصريح من اللجنة العليا , واعطي الحق للجنة العليا بشطب التصريح الشخصي او تصريح المؤسسة بأكملها في حالة المخالفة الفردية من المراقب في حين كان المعمول به قبل ذلك هو شطب تصريح المؤسسة اذا ثبتت مسئوليتها في المخالفة. بالنسبة لعملية الفرز واعلان النتيجة نجد أنه جعل عملية التصويت علي يومين بخلاف ما كان معمولا به في الاستفتاء السابق لدستور البلاد 2012 حيث كان علي مرحلتين وكل مرحلة في يوم واحد فقط وكانت كل مرحلة يتم اعلان النتيجة فيها داخل اللجان الفرعية علي حدة حتى لا يتم التزوير, وبالتالي جعل الصناديق تبيت في اللجنة الفرعية ليلة كاملة بلا ضمانة حقيقية خاصة بعد اقصاء العديد من القضاة الشرفاء الذين كانوا يعلنون النتائج اول بأول حتى لا يتم تزوير الصناديق او التلاعب بها . بالنسبة للجنة الاستفتاء الخاصة بالوافدين في كل محافظة " تصويت الناخبين خارج مقار الانتخاب " هذا الامر جد خطير ويجعل هناك احتمالات كبيرة للتزوير وللناخب الدوار لأن هذا القرار يحتاج الي وسائل تقنية حديثة تمنع من التزوير ولا يمكن توافرها في ظل هذا التخبط التي تعاني منه الادارة الحالية وإذا كان الأمر بهذه السهولة لماذا لم يتم تطبيق مثل هذا الامر في الانتخابات والاستفتاءات السابقة والتي كان الوضع فيها مهيئاً لتقبل هذا . بالنسبة للاشراف القضائي والمراقبة الدولية نجد أنه تم اقصاء كافة القضاة الشرفاء الذين ينتمون لتيار قضاة من اجل مصر والذين كان لهم دوراً بارزاً في نزاهة عملية الاستفتاءات والانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة ,وبالتالي تم اقصاء كل من هو رافض لاحداث الثالث من يوليو وتم الابقاء علي كل مؤيدي الثالث من يوليو , وبالتالي فإين هي الضمانة الحقيقية لهذا الاستفتاء بعد هذا الاقصاء المتعمد للقضاة الشرفاء . كما ان هناك منظمات دولية رفضت المشاركة في مراقبة الاستفتاء خاصة بعدما انبهرت من قوة وصلابة الثوار في كافة مدن وشوارع مصر رغم عمليات القتل والسحل والاعتقال التي يتعرضون لها, كما انها رفضت المشاركة بسبب أنها شعرت بالنية المبيتة لتزوير تلك العملية خاصة بعد اقصاء العديد من القضاة الشرفاء والعديد من المنظمات الحقوقية والاعلاميين الشرفاء , وبالتالي لم تجد أي ضمانات حقيقية لهذه العملية فقررت رفض المشاركة حتى لا تكن كغطاء لتمرير هذه العملية رغم تزويرها واخيرا إن التخبط في اجراءات اللجنة العليا للانتخابات والخاصة بمواعيد اصدار التصاريح الخاصة بالمتابعين والتي تم تاجيلها اكثر من مرة يوحي بحالة الارتباك والتخبط الشديدة التي تعيشها الادارة الحالية .