لقد أتحفنا بعض الزملاء فى الصحف القومية ، بمجموعة من المقالات التى احتوت على ألفاظ وعبارات ومعاني أصابتنا بحالة من الاكتئاب والدهشة ، حيث حاولوا نقل صورة بعيدة كل البعد عن الواقع ، الذي يعيشه أكثر من 80 مليون مصري، وكأنهم يتحدثون عن بلد غير مصر أو شعب غير شعبنا ، فقد أكدوا فى تعليقاتهم على الانتخابات الماضية أن مصر تعيش أزهي عصور الديمقراطية والحرية، وان الانتخابات تمت بكل حيده ونزاهة وشابها بعض الخروقات البسيطة التى لم تمس بجوهرة العملية الانتخابية !. بل ووصل الأمر بهم التأكيد على ان ما يعيشه المصريون الأن يعد قمة الحريات، ووصف بعضهم ما تشهده الحياة السياسية بفوضى الحرية ، وطالب بين سطور مقالاتهم القيادة السياسية بوقف هذه الفوضى ، كما أشاد بالدور الحيادي (الطيب ) الذي تلعبه القيادات الأمنية المصرية !. وأكد بعضهم فى حواراتهم مع الفضائيات ، أن هذه الانتخابات تعد المنطلق الحقيقى للحرية فى مصر ، ومنهم من وصف الحزب الوطنى بالفارس الذى أنقذ مصر من مزايدات المعارضة ، بل وجدنا أحدهم يعلن أن الحزب الوطنى، الذي يتشرف بالانتماء له ، لن يسمح لأحد أن يخترق مجلس الشعب بعد ذلك، وان ما حدث نموذج مشرف للديمقراطية ويؤكد تمسك الشعب بقيادات الحزب الحاكم . لقد أكدت مواقف هؤلاء الذين ملئوا الدنيا صراخا بنزاهة الانتخابات، واكتساح الحزب الوطنى للمقاعد ، أنهم يسعون بكل جدية ليكون لهم دورا اكبر خلال المرحلة المقبلة ، ويطمعون فى مناصب ارفع ، فلم يقنعوا بكراسيهم فى المؤسسات الصحفية القومية ومناصبهم فى بعض المجالس النيابية ، وتناسى هؤلاء ان صاحبة الجلالة ستسطر لهم مواقفهم المخزية بحروف من السواد ، وستذكرهم أجيال الصحافة القادمة بأنهم نخاسين باعوا الوطن وأقلامهم مقابل حفنة من المناصب الزائلة . لقد اعمي هؤلاء نظارات المصالح والوصولية ، عن واقع أدانه كل ذى عقل واستنكره كل المؤسسات الدولية والمدنية المحلية ،وانكوى بناره كل من شارك فى الانتخابات وعلى رأس هؤلاء بعض رموز لحزب الحاكم المحترمين - من أمثال الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء - الذين اغتالهم التزوير الفاضح سياسيا. ولا أدرى أي حرية يتحدث عنها هؤلاء فى ظل عمليات التزوير الواسعة التى شهدتها كل اللجان الانتخابية ، وأكدتها أحكام القضاء المصرى الذى اصدر عشرات الأحكام ببطلان هذه اللجان ، بل اى حرية في ظل تعديلات دستورية أبعدت رجال القضاء عن صناديق الاقتراع ، من أجل أن يسهل علي الحزب الحاكم التهام فريسة الانتخابات في سهولة ويسر. أي حرية في ظل منع الأحزاب من ممارسة دورها فى لعب دور أساسى فى العملية الانتخابية ، بل ومنع تأسيس الأحزاب (ألا المستأنس منها) والصحف وإغلاقها هى والبرامج الإخبارية على مختلف الفضائيات ، في حالة تعديها الخطوط الحمراء . بل أي حرية يتحدث عنها هؤلاء وقد اغتالت هراوات الأمن المركزي الحرية داخل اللجان الانتخابية، بل ووجدنا رجال الأمن يقومون بتسويد البطاقات الانتخابية لصالح الحزب الحاكم ولعل خير دليل على ذلك سيل الفيديوهات التى تمكن أنصار المرشحين من تصويرها وبثتها معظم الفضائيات . أي حرية ونحن نري المفسدين والمحتكرين ، ورجال البيزنس يسطون علي مواطن اتخاذ القرار والمجالس التشريعية ، ويتلاعبون بثروات الشعب المطحون وأساسيات الاقتصاد المصري. بل أي حرية يتحدث عنها هؤلاء وحريتنا أصبحت حبيسة نظام حاكم يمنحها لمن يشاء (من المقربين ) ، ويمنعها من الجميع ، ويحاول فرض الموت أو الضمور السياسى علي معارضيه. يا كتًاب السلطة لقد جانبك الصواب في كل حرف كُتب بمقالاتكم، ففي الماضي كان هناك كتًُُاب سلطة ، لكن اليوم أصبح بيننا فوضوية النفاق ، الذي يفصل الكاتب عن واقعه ، ويلبسه نظارة تحول الاستبداد والقهر ومصادرة الحريات ، إلي حياة ديمقراطية وردية فهنيئا لكم بنظارتكم ، والويل لنا من واقع التزوير الذى أصاب الجميع باليأس من العمل السياسى .