عاد الاولمبي إلى دوري الأضواء بعد عشر سنوات من الغياب، وهي عودة اسعدتني كثيرا لأنه صاحب الشعبية الثانية في الثغر بعد الاتحاد السكندري، وكانت له صولات وجولات في تاريخ كرة القدم المصرية. كم من النجوم البازغة خرجت عبر تاريخه الطويل، فهو أقدم ناد في مصر، قبل أن تدور عليه الدوائر ويسقط إلى النسيان، حتى ظن الكثيرون أنه لحق بفريق "السواحل" الذي انقرض تماما من الحياة، رغم أنهم يقولون إن روحه نسخت في حرس الحدود! الاولمبي هو القطب الثاني للاسكندرية، يتميز عن القطب الأول "الاتحاد" بحصوله مرة واحدة على الدوري العام في الستينيات، بينما لم يحصل الاتحاد على هذه البطولة، لكنه حصل على عدة بطولات في كأس مصر جعلت الأب الروحي للنقاد نجيب المستكاوي عليه رحمة الله، يسميه "الاتحاد الصيفي"، نظرا لأن بطولات الكأس تقام عادة في الصيف. لا أحد ينسى الكاس الكبير وهو غير أحمد الكاس الذي تعرفه الأجيال الحالية. لا ننسى طاهر الشيخ الذي بزغ نجمه في الاولمبي قبل أن ينتقل إلى الأهلي في عهد فريقه الذهبي الجبار الذي كان يدربه المجري هيديكوتي. عودة الفرق الشعبية يعطي لمباريات الكرة طعما، ويخلق منافسة حقيقية، لأن المنافسة تصبح باردة بدون جمهور، والفرق المتألقة تظل صغيرة اذا افتقدت المشجعين واعتمدت على الجماهير المؤجرة أو الموظفين في الشركات التي تمثلها تلك الأندية، وفي الغالب يكون ولاؤهم الأول للأهلي أو الزمالك! تصوروا لو كان هناك فريق في امكانيات انبي والحرس المادية والفنية، وراءه جمهور حقيقي. ساعتها كنا سنتحدث عن الحلاوة والطلاوة والجمال والمنافسة التي تمتد حتى الدقيقة الأخيرة من عمر الدوري كما حصل قبل أكثر من موسمين عندما ظلت البطولة معلقة بين الاسماعيلي والأهلي حتى آخر دقيقة من مباراة كل فريق! وبقدر سعادتي بعودة الاولمبي والترسانة أيضا، بقدر ضيقي من صعود ناد ثان لشركات البترول وهو بتروجيت ، وقد يصعد أيضا ناد ثالث وهو بترول أسيوط، يعني الدوري عندنا سيتحول لدوري شركات، بأندية تملك المال والجاه والقدرة على استقطاب لاعبي الأندية الشعبية الفقيرة أصلا! لو كان انبي والحرس يملكان جمهورا حقيقيا لأصبحا بالفعل ناديين كبيرين منافسين للأهلي والزمالك، لكنهما بدون جمهور، ولهذا لا يكتسبان مطلقا صفة النادي الكبير، سنظل ننظر إليهما على أنهما من الصغار، رغم أن انبي كان وصيف الدوري في العام الماضي وحصل على كأس مصر ويقترب من الحصول على كأس الأندية العربية بنستختها التي لم ينلها أي ناد مصري من قبل رغم وصول الاسماعيلي الى المباراة النهائية قبل موسمين. التوسع في أندية الدولة المدعومة من أموال البترول أو أموال القوات المسلحة أمر في غاية الخطورة، فما اغني شركات النفط التي أصبح لها رسميا الآن فريقان هما انبي وبتروجيت، وما أغنى أندية القوات المسلحة التي يمثلها ناديان في الدوري الحالي هما الحرس وطلائع الجيش! اتوقع ان بتروجيت سينافس انبي في خطف نجوم الأندية الشعبية الفقيرة مثل الاسماعيلي والاتحاد والمصري، وسيصعد نجمه بسرعة البرق لينافس انبي على لقب الوصيف او الجلوس في المربع الذهبي. ولو لم يحدث تغيير في نظام الاحتراف وايجاد طريقة ما لتمويل الاندية الشعبية التي تمثل الاقاليم، فان هذه الأندية ستنقرض ايضا وتلحق بالسواحل، وسنتذكرها فقط في قادم السنوات مثلما نتحدث عن الديناصورات ونتخيل شكلها! [email protected]