أصدرت السفارة الأمريكية بالقاهرة ، بعد صمت دام أكثر من يومين على أحداث الفتنة الطائفية التي شهدتها الإسكندرية ، بيانا أمس أدانت فيه الحادث وأعربت عن تضامنها وتعاطفها مع ضحايا الهجمات ، حسبما جاء بالبيان . وقال البيان إن هذه الهجمات جاءت متزامنة مع مناسبة أحد السعف المقدس عن المسيحيين المصريين، وان هذا الحادث يعد من أعمال العنف ضد الجالية القبطية بالإسكندرية ويجب إدانته. ودعا البيان الحكومة المصرية للإسراع في تحرياتها الأمنية حول دوافع هذا الهجوم ومن يقف ورائه وتقديم الجناة للعدالة. وطالبت السفارة الأمريكية الحكومة بذل كل جهودها لتهدئة الأمور وتعزيز أعداد قوات الأمن المخصصة لحماية دور العبادة الإسلامية والمسيحية. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها السفارة الأمريكية من الحكومة المصرية تعزيز إجراءات الأمن حول المساجد أيضا. وفسر المراقبون تأخر السفارة الأمريكية في إصدار هذا البيان إلى ما بعد انتهاء أعمال الشغب بالإسكندرية إنما يرجع لعدم رغبة السفارة الأمريكية في أن تبدو وكأنها تحاول الضغط على الحكومة المصرية في هذا الشأن الداخلي. في سياق متصل ، كشفت مصادر مطلعة بوزارة الداخلية أن وزارة الداخلية ستعيد النظر بشكل سريع في خطط تأمين المنشآت الحيوية على مستوي الجمهورية على ضوء الاعتداءات الأخيرة على 3 كنائس بالإسكندرية ، وتعطي الخطط الجديدة للضباط والأفراد حرية التصرف والتعامل الفوري دون انتظار لأخذ الأوامر من القيادات الأعلى. وقالت المصادر إن التحقيقات الأولية مع أفراد الحراسات حول الكنائس كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة سواء من حيث كفاءة الاتصال بأجهزة اللاسلكي أو من حيث كفاءة الأسلحة أو تدريب الأفراد القائمين على الحراسة. وأشارت المؤشرات الأولية للتحقيقات إلى إجهاد حالة أفراد الحراسات ليس فقط على الكنائس وإنما على جميع المنشآت الحيوية ، وأن أفراد الخدمة يقضون ساعات طويلة في الخدمة أكثر من المحدد لهم مما يعرضهم للنوم أثناء الخدمة ، كما كشفت أيضا التحقيقات عن تقادم شديد وتخلف في نوعيات الأسلحة المزود بها أفراد الحراسة سواء البنادق أو الطبنجات ، وأن كثيرا منها لا يعمل أصلا ولم يجر لها تنظيف أو صيانة منذ أشهر. وكشفت التحقيقات أن أيا من الأفراد القائمين على الحراسة لا يتمتعون بأي قدر من سرعة البديهة أو حسن التصرف لأنه يتم اختيارهم مما يسمي "فرز درجة ثالثة " من جنود الأمن المركزي. وبالنسبة لوسائل الاتصال اللاسلكي ، أشارت التحقيقات الأولية إلى أن أفراد الحراسة حول أي كنيسة مزودون بجهاز لاسلكي واحد ، ولا يعمل في أغلب الأحيان بكفاءة سواء بسبب تلف البطارية أو بسبب وجود تلف فيما يسمي هوائي الجهاز ، الأمر الذي لا يمكن الجهاز من التقاط الإشارات بصوت مسموع كافيا ، كما أن جهاز اللاسلكي غير مزود بسماعات أذن تمكن حامله من سماع الإشارات بوضوح نظرا لوجود أطقم الحراسة في أماكن عالية الضوضاء. وفسرت جهات التحقيق وقوع الاعتداء على 3 كنائس بفواصل زمنية تقدر بساعة ونصف ساعتين بين كل اعتداء وآخر ، بأن الشخص الحامل لجهاز اللاسلكي ربما لم يسمع الإشارة أو ربما كان الجهاز مغلقا ، كما أن أفراد الحراسة على الكنيسة الأولي التي شهدت الاعتداء ومقتل أحد المواطنين الأقباط تأخرت في الإبلاغ من خلال جهاز اللاسلكي الموجود معها. وقد أوصت لجنة التحقيق بإعادة النظر فورا في نوعية التسليح لأفراد الحراسات الخاصة وكذلك وسائل الاتصال اللاسلكية ، وضرورة تزويد كل فرد بجهاز لاسلكي مزود بسماعة توضع على الأذن أو بالقرب منها ليتمكن من سماع الإشارات بوضوح ، كما أوصت بضرورة إعادة النظر في نوعية الجنود المكلفين بالحراسات الخاصة . وطالبت لجنة التحقيق بأن يترك اتخاذ القرار لأفراد الحراسة للتعامل مع أي موقف طارئ إذا كان الأمر يتعلق بهجوم ولا ينتظر الأمر بالموافقة على التعامل مع المهاجمين باستخدام السلاح . على الجانب آخر ، كشفت مصادر أمنية عن معلومات خطيرة تفسر لماذا وقفت الشرطة لا تحرك ساكنة لمدة يومين كاملين ونصف رغم تزايد حدة الشغب والاعتداء على الممتلكات وكذلك على أفراد الشرطة من الشباب القبطي المتجمهر. وقالت المصادر إن تعليمات عليا صدرت لرجال الشرطة بضرورة ضبط النفس وعدم الرد على الشباب القبطي والاكتفاء فقط بحصارهم ، وهو الأمر الذي غل يد رجال الشرطة عن كبح المظاهرات في بدايتها قبل أن تتحول لشغب. وأكدت المصادر أنه لم يتم إلغاء تلك الأوامر الرئاسية إلا بعد إشارة عاجلة من أجهزة أمنية لرئاسة الجمهورية تحذر فيها من وقوع انفلات أمني قد يشمل الإسكندرية كلها إذا بقيت الأوامر التي تمنع الشرطة من قمع أعمال الشغب بحجة أن المتظاهرين أقباط وبالفعل صدرت أوامر رئاسية الساعة 2.30 بعد ظهر الأحد الماضي بإنهاء الشغب واعتقال مرتكبيه مهما كانوا ،وخلال نصف ساعة فقط تمكنت الشرطة من إنهاء الشغب القبطي وإعادة الهدوء لشارع 45 بالعصافرة.