لا تحدثونا عن الفتنة بين المسلمين والأقباط ، ولا عن غيرها . فمنذ سلموا البلد للأمريكان ووقعوا مع الصهاينة اتفاقيات كامب ديفيد ، انقسمت مصر وانشقت نصفين وتبعتها باقي الأمة . و من يومها نشأت فتنتنا الكبرى ، و أم الفتن كما يقولون ، انها الفتنة الوطنية الأخطر فى تاريخنا الحديث ، ومنها تولدت ألف فتنة وفتنة أخرى . انشقت مصر وانقسمت الى نصفين غير متساويين : • النصف الأول هو النظام ورجاله . • والنصف الثاني هو كل شعبنا الطيب الغلبان بكل من فيه من مواطنين ووطنيين * * * • النصف الأول تحدى الجميع وانتهك الدستور والشريعة والقانون ، ووقف مع الخواجات والصهاينة ، و سيطر على كل عناصر القوة من السلطة والثروة والبرلمان والسلاح والأمن والسجون والإعلام وقبض على أقوات الناس و مصائرهم . • والنصف الثاني المحكوم يرفض كل ذلك، ولكنه مقهور و مضطهد ومغلوب على أمره و مسجون و محاصر، بعد أن جردوه من كل أدوات المقاومة والتأثير والفعل والتغيير والدفاع عن النفس . * * * النصف الأول هم أحفاد الخديوي توفيق وحزبه الذين ادخلوا الانجليز مصر . والنصف الثاني هم أحفاد عرابي وجيشه الذين حاربوا الانجليز وهُزِموا بسبب الخيانة . وهم الذين بنوا مصر على سواعدهم ، و حاربوا فى أكتوبر وعبروا وكادوا ان يحرروا سيناء ويستردوها كاملة السيادة . أما النظام فهو الذي سرق منا النصر وادخل الأمريكان مصر من أوسع أبوابها وانشأ للصهاينة سفارة على نهر النيل ، وتحول هو و ورجاله إلى وكلاء تجاريين وسياسيين لهم فى مصر وفى المنطقة كلها . * * * ومن يومها، فقد النظام الذي يحكمنا شرعيته الوطنية علاوة على شرعيته الدستورية والقانونية . و من يومها ، وهو يحكمنا بلا شرعية . يحكمنا بالقوة . وهذا هو مربط الفرس : * * * فان لم تكن الشرعية هي مصدر الحكم فلماذا يحترمها الآخرون ؟ وان لم تكن الغاية هي الوطن واستقلاله ، فكل البدائل مباحة . وبالفعل بعدها ، هرول الكثيرون ، كل ينشىء لنفسه شرعية خاصة وبديلة عن الشرعية المهدورة . اختار البعض الدين بديلا عن الوطن ، رغم انهما لا ينفصلان . ثم اختاروا الطائفة بديلا عن الوطن والدين معا . واختار البعض الآخر الثروة والمصلحة الخاصة . واختار رابع الحزب او الجماعة . واختار خامس الولاء للنظام بديلا عن الولاء للوطن . وهكذا... * * * ومع غياب نظام وطنى يضبط إيقاع الأفراد والجماعات فى إطار مشروع قومى جامع يحقق الاستقلال ، ويحافظ عليه ، وينهض بالمجتمع ، ويحكم بالعدل وبالقانون ... مع غياب مثل هذا النظام الضابط : انفرط المجتمع ، وأخذ كل من هب ودب ، يسعى لاستقطاع جزءا او مساحة من هنا او من هناك : سلطة او ثروة او أرضا او نفوذا او دعما خارجيا ، يستأثر بها لنفسه ، و يدعم بها شرعيته الخاصة البديلة فى مواجهة شرعيات الآخرين . وتيتم الوطن ، وساد الصراع ، و انتشرت الفتن . والبقية تأتى . * * * إخواننا الأعزاء بنى الوطن والأمة : الاستقلال أولا والاستقلال وأخيرا به نتحرر وفى معاركه نتوحد ، وبحصاده نحل كل مشكلاتنا بإذن الله . [email protected]