الفريق أول عبد المجيد صقر يلتقي وزير الدفاع الإيطالي    أسيوط تستعد لانتخابات مجلس الشيوخ وتستعين بالشباب لتنظيم الناخبين    تراجع في بنكين.. سعر الدولار مقابل الجنيه ببداية تعاملات الخميس    انخفاض أسعار النفط مع تقييم التطورات التجارية والجيوسياسية    طهران تطالب واشنطن بتعويضات قبل المحادثات النووية    يديعوت أحرونوت: نتنياهو أبلغ بن غفير أن الهجرة الطوعية من غزة ستنفذ خلال أسابيع إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق    الجيش الروسي يسيطر على مدينة "تشاسيف يار" في مقاطعة دونيتسك    "قصص متفوتكش".. تطورات أزمة ميراث إبراهيم شيكا.. ومصير إمام عاشور    انتظام الحركة على خط السنطة – طنطا عقب خروج قطار عن القضبان واصطدامه برصيف المحطة    تشييع جثمان لطفي لبيب من كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة اليوم    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام والقنوات الناقلة    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    طقس اليوم الخميس 31-7-2025.. انخفاض درجات الحرارة واضطراب بالملاحة    ميتا تعتزم زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بعدما فاقت نتائج الربع الثاني التوقعات    طرح صور جديدة من فيلم AVATAR: FIRE AND ASH    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    أستراليا وبريطانيا تدعوان لوقف إطلاق النار في غزة وتشددان على حل الدولتين    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى غزة    أمير غزة الصغير.. قصّة طفل قبّل يد من قدم له الطعام وقتله الجيش الإسرائيلي بدم بارد    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بشمال سيناء    ملعب الإسكندرية يتحول إلى منصة فنية ضمن فعاليات "صيف الأوبرا 2025"    "ابن العبري".. راهب عبر العصور وخلّد اسمه في اللاهوت والفلسفة والطب    دعمًا لمرشح «الجبهة الوطنية».. مؤتمر حاشد للسيدات بالقليوبية    قناة السويس حكاية وطنl القناة الجديدة.. 10 سنوات من التحدى والإنجاز    معتقل من ذوي الهمم يقود "الإخوان".. داخلية السيسي تقتل فريد شلبي المعلم بالأزهر بمقر أمني بكفر الشيخ    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    الطب الشرعى يحل لغز وفاة أب وابنائه الستة فى المنيا.. تفاصيل    سلاح النفط العربي    نحن ضحايا «عك»    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    مواعيد مباريات اليوم الخميس 31 يوليو 2025 والقنوات الناقلة    طريقة عمل سلطة الفتوش على الطريقة الأصلية    المهرجان القومي للمسرح يحتفي بالفائزين في مسابقة التأليف المسرحي    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق فايد بالإسماعيلية (أسماء)    مؤامرة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين وتغيير الديموغرافيا    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة العربية .. صراع للعُجْمة وفَوزٌ في المعركة

هو أول مقال نشر للعلامة عبد السلام هارون ظهر بصحيفة الأهرام ( بتاريخ 22 مايو 1935م أي منذ 75 عاما ) يتحدث فيه عما أصاب الفصحى ودور المؤسسات في النهوض باللغة العربية ووسائل مقاومة العجمة .
***
اللغة العربية ..
صراع للعُجْمة وفَوزٌ في المعركة
العلامة : عبد السلام هارون
إن التفاؤل الذي تسرى نشوته في أنصار اللغة الفصيحة وحركات التطهير التي تنبعث من كل صوب ، تبغي القضاء على تلك الفوضى التي أصابت لغتنا الكريمة لما يبشر بازدهار الفصحى وتفوقها على العامية .
لقد كنا لسنوات مضت يستحي منا المتكلم أن يدخل القاف العربية في تضاعيف كلامه ، وهو إن تَجاسر مرة ، وُجِّهت إليه سهام السخرية ، ولكنه اليوم ينطق بها فخورًا ، وجرت القاف اليوم أيضًا على ألسنة الكريمات فَزِدْنَها جمالاً ، واقترب حينُ القضاء على تلك العجمة الساخرة .
ومبلغ الظن أن لغة لم تصب بمثل ما منيت به اللغة العربية في مصر ، من تطفل العناصر الغريبة عليها ، فتجد اللفظ التركي إلى المصري واليوناني ، إلى الإيطالي والفرنسي والإنجليزي والفارسي والأسباني والفينيقي ، وبعض اللهجات العربية الوضيعة .
ومرجع ذلك – فيما يظهر – إلى اضطراب حبل السياسة في تلك العصور الغابرة ، وتواتر الغزوات والهجرات الطامعة في خصب مصر ونعيمها .
وقد كان داء العجمة مُستفحلاً فيما مضى ، إذ لم يكن هناك وسائل جدية لمقاومته ، فلم يكن له بد من أن يستطير وينشر ظله الثقيل في كل مكان يحل به ، وأضف إلى ذلك ما طُبع عليه المصري من كرم وتسامح ، ولين جانب ، أطمع فيه ضيفه فألقى بأحمال لغته في تلك الساحة الكريمة ، ثم أبى أن يرحل بها !
* * *
أما الآن فهناك وسائل تتعاون جميعًا على تلك المقاومة . وتبدو لنا في تلك المدارس العامة المنتتشرة في أرجاء القطر . وهي لو جرت على النمط القويم في معالجة ودائعها لنهض جيل يدور لسانه بلهجة ظاهرة ، ومنطق سليم ، ولكن أمام المدرسة عقبات كأداء ، أهمها البيت .
- فلغة البيت : لها تأثيرها القوي في أعصاب أطفالنا وفتياتنا ، والبيت هو المعهد الأول الذي يثقف فيه الصبي لغته وكلامه . لذلك كان من الواجب الوطني والقومي أن نقضي على هذا المرض بأنفسنا في بيوتنا ، وقد ذهب عصر الظلمة ، ونام أذناب العجمة العاجزون . ومما يؤذن بالنصر أن نرى البيت اليوم يطرح وراء جدرانه كثيرًا من تلك الهمهمات المنقرضة ، ليفسح المجال لهذه اللغة الكريمة .
- والصحف الذائعة : مفخرة من مفاخر جيلنا ، ولها السلطان الأعظم على المتعلمين وتوجيههم نحو الفصحى ، بدعايتها المستمرة ، وقدوتها الصالحة ، وقد خصص بعض منها صفحات محترمة للانتقادات اللغوية ، وهي وإن سارت أحيانًا إلى حد الإسراف ، فهي ذات أثر بين في لغة الكاتبين . وقد كانت إلى عهد قريب تتسامح في نشر الإعلانات باللغة العامية ، ولكنها اليوم قد أبعدت هذا التسامح . وأبت عليها كرامتها أن تخط حرفًا عاميًا إلا لضرورة قصوى . ومن دواعي الغبطة أن نشهد فلاحنا المصري ذا الجلباب الأزرق ، قد ضم إليه صحيفة يومية أو مجلة مصورة ، وهو لا جرم ، يختلط لسانه بكلمة أو كلمات مما قرأ فينشرها بين عشيرته وذويه ، رسالة طاهرة مباركة .
- ودور الخيالة والتمثيل سلاح ، ولكنه اليوم ذو حدين ، ونرجو في القريب أن يبقى على حد واحد يصرع تلك العجمة بما له من عظيم التأثير والمصريون من أصحاب تلك الدور لهم رقابة من أنفسهم على جهادهم الذي يكلل بالظفر ، أما الأجانب فما على حكومتنا الرشيدة إلا أن تمدهم بتراجمة اختصاصيين يعملون على إبعاد تلك المزعجات ، من هذه الأساليب الهلهالة ، والتعريب المضحك المبكي ، فإن أعجزها ذلك فلا أقل من أن يكون انتخاب هؤلاء تحت إشرافها ورقابتها .
- والمطابع وسيلة فعالة ، وإن ما تقوم به دار الكتب المصرية من إحياء الآثار العربية ، لمجهود مثمر ، لكنه تعوزه السرعة في الإنتاج ، وذلك لا يكون إلا بكثرة الأشخاص العاملين ، والكفيل به أن تزيد وزارة التعليم في مخصصات هذه الدار حتى تضطلع بمهمتها . أما أمر المطابع الأخرى فمن الخطل أن يسند أمرها إلى قوم لا يعرفون الكتابة ، وهم إن عرفوها لم يتجاوز أحدهم بمعرفته أن يكتب سند التسلم والتسليم . ذلك شأن معظم أصحابها – وإن كان فيهم العالم الجليل ، والأديب الكبير ، والإمام الديني ، وفيه الضرر كل الضرر من تشويه معالم اللغة وتحريفها بحيث يخفى ذلك على الكثيرين .
فمن المستحسن إذن ألا تسمح الحكومة بإدارة مطبعة إلا لشخص حَصَل على ثقافة تؤهله لذلك . وكما تجتهد الحكومة في محاربة المشعوذين والمحتالين يجب ألا تأذن بنشر تلك الوضعية التي تفسد الخلق قبل أن تفسد اللغة ، وتلك النشرات التي تؤذى السمعة المصرية في الخلق واللغة كذلك .
* * *
بقي أمران محدثان :
أما أولهما : فهو هذا ( المذياع ) الذي يطالعنا في كل صباح ومساء بمحاولاته القيمة في هذا الجهاد اللغوي ، وهو فتح جديد للغة الفصيحة وودنا لو عنى المحاضرون بفحص ألفاظهم وأساليبهم ، فحصًا دقيقًا قبل إلقائها ، فإن من المؤسف حقًا أن تصغي إلى كاتب من أكبر كتبانا ، أو أديب من أشهر أدبائنا فلنرى الأخطاء تشيع في كلامه . وهو هو القدوة المتبوع !
ومن الأمور الواجبة أن تؤلف لجنة فنية دائمة بمحطة الإذاعة ، تكون مهمتها الإشراف على لغة المحاضرات . أما مندوبو الحكومة فمن اليسير أن تختر محاضراتهم في إدارة المطبوعات ، وبها من جمهرة الأدباء من لا يستهان بشأنهم . وأما المذيعون بالمحطة وهم من صفوة الشبان . فإنه لا يرضيهم أن يقال عنهم أنهم يخطئون في الكلام المعتاد .
أما الأمر الثاني : فهو ذلك الاتحاد الشرفي ، المتمثل في المجمع اللغوي الملكي ، وهو سيف العربية القاطع في تلك المعمعة ، وقائدها البصير ، وهذه تباشير فجره يهلل لها أنصار الفصيحة ، لكن دعايته إلى الآن لم تتجاوز إصدار الجزء الأول من مجلته ، ولم يعرفها إلا خاصة الخاصة وذلك لعسر طريقة الحصول عليها ، وأجدر بمجتمعنا أن يعمل على تذليل تلك العقبة . وفي اليقين أن هذه الدورة الثانية ستنتج إنتاجًا فعليًا له ما بعده ، وإن المجمع سوف لا يدع وسيلة من طرق الدعاية إلا تعلق بها .
هذه هي وسائل مُقاومة العُجْمة ، التي تحدّ من أفكار الكثير من كتابنا ، وتذهب بمجهود أساتذة اللغة العربية أدراج الرياح . وإن يوم اليوم النصر لتخفق أعلامه الساعة فوق ربى النيل والفرات وبردي ، وسائر الأقطار العربية الشقيقة .
عبد السلام محمد هارون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.