لم تنتشر مقوله كذوبة مثلما انتشرت مقوله ان السادات صنع التيار الاسلامى ..ومن العجيب انها لاقت قبولاو ذيوعا ..وتأسست عليها ابحاث ودراسات وبنيت عليها مواقف واختيارات ..وتبقى نظريه جوبلز وزير دعاية هتلر ..اكذب ثم اكذب ثم اكذب ..فإذا كذبت فأكذب ثانيه ..فان بعض ما تقوله سيتحول الى حقيقه..وهذا للاسف ما حدث مع ظاهرة (الصحوة الاسلامية). كتبت الأستاذة نجلاء بدير فى دستورالجمعة23يوليو عن طلقات الرئيس السادات لقتل ثورة23يوليو(الانفتاح وكامب ديفيد والتيار الاسلامى)قاصدة بالتيار الاسلامى الصحوة الاسلاميةالتى عمت أرجاء العالم الاسلامى – ومنه مصر- فى السبعينيات..وكى نكون أكثر دقة فقد كانت هناك صحوة دينية عامة فى كل العالم وكانت رد فعل لتيار التفكك الاخلاقى العارم الذى اجتاح العالم كله فى هذه الفترة ..كلنا يعلم ذلك يقينا واهم دليل عليه هوالسينما والملابس .إذا جاز لفن السينما أن يكون بوابه للدراسات الاجتماعية (انظر الدراسة الرائعة التي كتبها د حسن حنفىفى هذا المعنى - الحياة اللندنية 16/7) .. وإذا جاز اعتبار الملابس وسيلة تعبيرغير ناطقه عن الثقافة والذوق والسلوك. نعم كانت هناك صحوة دينية عامة فى كل بلاد الدنيا فى هذه الفترة بحثا عن اليقين والوعي بالنفس والذات والمصير.كون الإيمان (مرفأ ترسو عليه بشرية الإنسان بأوهامه ومخاوفه وأحلامه أيضاً ولا يؤنس الإنسان شئ كصلته بربه مهما حلق في الفضاء وهبط علي سطح كوكب أو آخر فما أوتي من العلم إلا قليلا) كما تقول بنت مصر د نعمات احمد فؤاد. تاريخ الحضارة فى مصر هو تاريخ الدين ..وأهم شيء فى حياه المصريين هو الدين و النيل كما نعلم جميعا. كان طبيعيا بعد هزيمة 1967م أن تكون هناك مراجعات لكل شيء..وكانت أهم مظاهر هذه المراجعة هو الموقف من الدين الذى كان هو النغمة المرشحة للسيادة كما قال غالى شكرى فى كتابه(الثورة المضادة فىمصر) وبالفعل بدأت هذه السيادة .. وطبيعي أن يلجأ الناس إلى الله خالقهم وبارئهم حين تلتبس عليهم الأمور. لم يكن السادات قد جاء بعد ولم يكن الإخوان قد خرجوا من المعتقلات بعد .. والشواهد على حاله التدين فى الفترة من 1967 إلى 1973 كثيرة وتحتاج إلى مقال منفصل . سنه 1974خرج الإخوان المسلمون ليجدوا المجتمع الذى توقعوه ليس على ما توقعوه .. وجدوا مساجد ممتلئة بشباب ملتحي وفتيات فى عمرالزهور يرتدين الحجاب . وهنا لابد من تساؤل بسيط ..هل كان لابد لمعتقلي الإخوان أن يستمروا فى السجون مدى الحياة ؟ وكأن من يروج لهذه القصة يتلبسه الحرج من الإعلان صراحة عن حزنه العميم للإفراج عن الإخوان كبشر لهم حقوق. هل كان لا بد وان يموتوا في السجون!!؟ لماذا لا نعلن آرائنا مباشرة ودون التواء..؟ لا أريد أن أزيد أحزان هذا الفريق من الباحثين بالحديث عن الانفراجة التى شهدها الإخوان فى السجون بعد 67 مباشرة.وهو ثابت فى مذكرات كثير منهم. خرج الإخوان كما ذكرت ووجدوا الدين فى قلوب ودروب المصريين ..وهو الشكل الذى اكتسب أروع مظاهره بصيحة الله اكبر فى حرب 73- فى إحدى حفلات أم كلثوم بعد الهزيمة كانت هناك لافته معلقه فى القاعة كتبت عليها الآية الكريمة(ولينصرن الله من ينصره )_ لم يفعل الإخوان شيئا ولم يفعل السادات شيئا. كانت الأحداث التاريخية الصادقة تكتسب معناها وتعبر عن نفسها كما هى دون تدخل من مخلوق . كان طبيعيا أن تكون الطبقة الوسطى هى خير معبرعن تفاعلات المجتمع ومراجعاته وكانت ابرز تجلياتها فى الجامعات..فكان التدين التلقائي الذى حكى عنه الرائد الكبير د.عبد المنعم ابو الفتوح فى شهادته عن الحركة الإسلامية من 71-81م والتى نشرت وقت اعتقاله الأخير فى أغسطس الماضي.. وللدكتور عبد المنعم مكانة خاصة عند الأستاذة نجلاء بدير وكانت قد وصفته مرة فى إحدى مقالاتها بأنه نموذج (البطل) فى خيالها وهو بالفعل كذلك لكثيرين غيرها..ليس لكلمته الشهيرة عن النفاق للرئيس السادات..ولكن لريادته الحركية وشجاعته الفكرية ومواقفه النبيلة التي يعرفها كل من اتصل به . هذا التدين التلقائي ما كان ليكون لولا هزيمة 67 ولولا تيار الانحلال العالمي ولولا المكانة العظمى للدين فى نفوس المصريين..مسلمين ومسيحيين .هذه ببساطة شديدة الحالة التي لاقاها الرئيس السادات فما كان منه إلا أن ساسها وسايرها..ولم يفعل شيئا أكثر من ذلك ..لم يعط الإخوان تصريحا قانونيا بالعمل المنظم مثلا ..لم يرفع سيطرة الدولة عن الأزهرمثلا..لم يفعل شيئا جوهريا باتجاه هذه الصحوة اللهم إلا(حركات سياسية)..من شاكلة الرئيس المؤمن ودولة العلم والإيمان وأنا رئيس مسلم لدولة مسلمة..وهو الذى كان يجيد هذه الحركات جيدا هذا ما أردت أن أقوله عن حكاية تأسيس السادات للتيار الاسلامى وهى الحكاية التى من كثرة تردادها باتت كأنها حقيقة من حقائق السبعينيات..وليس لها أي رصيد من التحقق الفعلي .