هو الإحساس الذي يجعلك تتوارى خجلا عن مواجهة الآخرين، أو يجعلك تنطوي على نفسك ناقما على حياتك، يقول عالم النفس و.ج جالبريد: "لا يهتم أغلب الناس بالعيوب الجسمانية أو المظهر الخارجي الذي ليس لنا عليه سيطرة ولا يشعرون بالخجل والعار منه، فإن كان لشخص ساق مشوهة أو عين تالفة أو إذا كان لون الشعر لشخص لا يتفق مع اللون الغالب أو إذا ذهب اللون قبل الأوان فإن الآخرين لا يهتمون كثيرا فهم يهتمون أكثر من ذلك بروح الشخص وخدماته للمجتمع فالفرد لا يقدر لجماله وتنسيق جسمه ولكن بسبب فائدته للمجتمع"وفي الحقيقة كلنا في هذه الدنيا لديه نقص ما، وهذه الحقيقة هي طابع لحياة الإنسان، فالنقص هو دافعك للوصول إلى صورة مثالية، وربما كان وراء ذلك كله الأمل الذي بدونه تفقد الحياة معناها وتتجرد من أهم خصائصها، إن علم النفس يرى أن الشعور بالنقص هو استعداد كامن لدى أي إنسان، وإن هذا الشعور يجد ما يثيره عندما يرتبط بنقص ما مثل التعثر في الكلام أو ضعف يعتري العضلات أو تشوه أو عيب بالجسم، أو جراء تخلف في مادة دراسية، هنا يبرز الإحساس بالنقص فإذا لمس خسرية الآخرين، وتهكمهم فإن هذا الإحساس يتحول مع الوقت إلى عقدة تسيطر على الذهن وتجعل صاحبها عاجزا عن مجابهة المواقف التي يمكن أن تكشف نقصه، وقد يؤدي به هذا في نهاية المطاف إلى العزلة والوحدة والبعد عن المجتمع، وذلك حتى يتجنب كشف نقصه للناس وعندما يصل الشخص إلى هذا الحد من تأثير هذا الشعور عليه فإن عزيمته تتزعزع وتقل ثقته بنفسه، وهو غالبا لا يستقر عند غاية أو هدف لأنه ليس على ثقة من قدرته على الوصول إلى هدف يتمناه أو أمل يريد تحقيق هوالمصاب بالشعور بالنقص يبذل الجهد الكبير لإخفاء ما يشعر به من نقص، وقد يكون هذا الإخفاء لا شعوريا، فقد يتخذ الشعور بالنقص مظهر الشعور بالهوان، فلا يجد لذة في أي شيء سواء في بيته أو عمله، فتبدو له الأمور وقد فقدت طعمها ويتسم سلوك هذا الشخص باللامبالاة وعدم الاكتراث والاستهتار، ويتخذ هذا الشعور صورة من الحساسية المرهفة أو قد يتخذ صورة الهجوم على الآخرين وتحقيرهم أو التهوين من شأن المجتمع والتشكيك في القيم السائدة به، على أن هناك أنواعا من الشعور بالنقص أعراضها ليست على درجة من الخطورة، وإنما هي مجرد جنوح إلى التعويض الذي لا ضرر منه تقول الدكتورة مارجيري ويلسون: "إننا لنلاحظ أن الرجل القصير القامة يجتهد أن يظهر بمظهر الخيلاء وانتفاخ الأوداج، وإذا سمعنا شخصا يتحدث بلهجة التعالي أو التعاظم مع أنه في مركز عادي جدا، وغير مرموق فنلعلم على الفور أنه يعاني شعورا بالنقص من الناحية العملية، أو المكانة أو النسب أو أن ظروفه العائلية ليست طبيعية، كأن تسيطر عليه زوجته وتذله وتتحكم في شئونه كذلك من يكون جاهلا بحقائق العلوم ومصطلحاتها، ومع ذك يقحم في أحاديثه ألفاظا ومصطلحات علمية في غير مواضعها أو في غير ضرورة أو يتخلل أحاديثه تعبيرات أجنبية لا تمت لمقصود حديثه بصلة، فهذا الرجل يستشعر في قرارة نفسه أنه مطعون في ثقافته ولا شك في أن المبالغة في التأنق سواء عند الرجل أو المرأة إنما هو لون من ألوان المبالغة في حب الظهور ومنفذ من منافذ تعويض الشعور بالنقص، وأكثر هذه الحالات ذيوعا عند نساء أثرين بعد فقر، وممثلات ذاع صيتهن بعد خمول، لأن التأنق بارتداء الثياب الغالية الفاخرة والتزين بالمجوهرات البراقة يبدو لهن تغطية لماضيهن الجاف، وهناك وسائل خطيرة لا تخلو من غرابة لتعويض النقص يلجأ إليها الأشخاص الذين تتسم تصرفاتهم بالشراءة والتحرش بالناس لتعطيل الأعمال من غير داع أو سبب فيلجأ هؤلاء إلى إظهار أهميتهم بالإيذاء والتنفير لتغطية عدم قدرتهم وعجزهم عن إظهارة قوتهم بالتعاون النافع ولا شك أنك قد رأيت الكثير من هذه الصور حولك، لأناس قابلتهم يوما، وربما كان بك نقص جسماني أو اجتماعي، وكنت تحاول إخفائه بواحد من الأعراض التي ذكرتها، عموما ليس المهم أن تشعر بالنقص إنما المهم هو كيفية النظر إلى هذه المشاعر، وماذا تعمل تجاهها؟ هل تدفعك إلى الأمام لتبرز وترتفع في مركزك وقيمتك أو تتوارى وتقتنع بها وتسمح لها بأن تضعف شخصيتك فتضعف قواك وتؤثر على عملك وصحتك؟