يندرج تحت القيم الخلقية كل القيم المتعلقة بتكوين السلوك الخلقى الفاضل عند المسلم ليصبح سجية وطبعًا يتخلق به ويتعامل به مع الآخرين لتكوين مجتمع إسلامى فاضل تسوده المحبة والوئام. ومن أبرز القيم الخلقية (الصدق والبر والأمانة والأخوة والتعاون والوفاء والصبر والشكر والحياء والنصح والرحمة). أما القيم الأخلاقية للمجتمع الإسلامى، فهى تقوم على هذه القاعدة الشاملة: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). وعلى هذا المثل الأعلى للعدالة – مع المسلمين ومع غير المسلمين – يتوقف قيام الدولة الإسلامية. فإذا تنكبت عن جادة هذا المبدأ القويم انهارت وأصابها الوهن والاضمحلال. وهذه الدولة ليست فى الحقيقة سوى الجهاز السياسى لتحقيق هذا المثل الأعلى. إن مبررات قيام الدولة فى الإسلام تنحصر فى أن تجعل من شريعة الإسلام القانون المهيمن على شئون الحياة كى يسود الحق والعدل والخير، وتنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين الناس بحيث يتاح لكل فرد أن يحظى بالحرية والأمن والكرامة. وبذلك تتحقق الأهداف الأخلاقية التى دعا اليها الإسلام. لا فى مجال العقيدة فحسب، ولكن فى مجال الحياة العملية أيضًا. كما تتحقق لرعايا الدولة غير المسلمين كل مقومات الأمان الفعلى والحرية التامة فى عقائدهم وطقوسهم الدينية، إلى جانب حقوقهم الاجتماعية الأخرى. فإذا حققت الدولة هذه الأهداف كانت خليقة بأن تتصف بأنها إسلامية حقًا، وأنها: (خليفة الله فى الأرض)، وكان لها أن تكتسب – من وجهة النظر الشرعية – صفتها القانونية، أى بأن يكون لها على الناس حق الطاعة والولاء على أساس هذا النص القرآنى القاطع: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم). وفى هذه العبارة الموجزة يضع القرآن الكريم عدة مبادئ عامة تتصل بطبيعة الدولة الإسلامية، هى أن أول واجبات الدولة تنفيذ الأحكام الشرعية، وقد أكد ذلك الآية الكريمة: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون). وعلى هذا فإن الدولة لا يمكن أن تعتبر إسلامية إلا إذا كانت أحكام الشريعة فى الأمور ذات الطابع العام هى التى يجب أن تشكل القاعدة التى لا يجوز أن تشذ عنها كل الإجراءات التى تصدر عن الدولة. وهذه الأحكام الشرعية هى أساس بنيان الدولة والمهيمنة على عملها، ولكنها لا تستطيع بطبيعتها الإجمالية المختصرة أن تمدنا بكل ما قد نحتاج إليه لإدارة شئون الدولة. ويلاحظ أن الأمر القرآنى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول). يعقبه فى الحال: (وأولى الأمر منكم)، أى من جماعة المسلمين. وهذا يعنى أن فرض أية سلطة على المسلمين من خارج جماعتهم لا يجعل لها عليهم حق الطاعة بأية حال من الأحوال. بينما تعتبر طاعة الحكومة الإسلامية التى جاءت بالطريق الشرعى واجبًا دينيًا. إن طاعة الحكومة التزام من أهم التزامات الرعية نحو الدولة، وهذا مبدأ أساسى معترف به فى كل المجتمعات المتمدينة، بيد أنه من الأهمية بمكان أن نعلم أن هذه الطاعة فى الدولة الإسلامية تظل واجبًا ما لم تبح الحكومة لنفسها أن تحلل ما حرمته الشريعة، أو تحرم ما حللته. ففى مثل هذه الحالة تخلع طاعتها من أعناق الأمة كما نص على ذلك الحديث الشريف: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). وعلى هذا فإن رضا الشعب عن الحكومة وعن تصرفاتها يعتبر من أهم العناصر التى تستند إليها الدولة الإسلامية فى قيامها. ولا شك فى أن ضرورة الحصول على رضا الشعب تفترض سلفًا أن تأتى الحكومة إلى الوجود على أساس الاختيار الحر من قبله. ومن حسن الحظ أن الطبقات المثقفة فى كثير من الدول الإسلامية قد بدأت تطالب فى إلحاح بأن يكون (الشعب) هو المصدر الوحيد للسلطة فى الدولة، بحيث تكون إرادته وحدها هى العامل الحاسم فى تكوين أجهزة الدولة جميعًا، وفى ميدان التشريع كذلك، وبذلك تكون له السيادة المطلقة على كل شىء فى الدولة. فوزى فهمى محمد غنيم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.