دعا جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن الإدارة الأمريكية إلى الاستمرار في الضغط على النظام المصري من أجل تحقيق قدر أكبر من الإصلاح والمشاركة السياسية. وأكد في مقال له بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحت عنوان "الطريقة الخطأ للتأثير في مصر" أن الحكومة المصرية تدرك أن أساليب السيطرة السياسية قد عفا عليها الزمن ، إلا أنها تسعى إلى التكيف مع الوضع الجديد. وأوضح أن الكثيرين في واشنطن يظنون أن السياسات المصرية قد تغيرت عما كانت عليه في العام الماضي بعد إصرار الرئيس الأمريكي الواضح على ضرورة دفع عجلة الإصلاح السياسي في البلاد ، بينما ارتأى فريق آخر أن القيادة السياسية في القاهرة عادت لأساليبها القديمة والسقيمة ، في الوقت الذي تشتت فيه تركيز الرئيس الأمريكي. ونفى وجود تغيير جذري على الساحة السياسية في مصر ، مشيرا إلى أنه رغم حماس بعض الأمريكيين لعدد من التغييرات التي تجري في مصر، إلا أن مستوى مشاركة المصريين السياسية يؤكد مشاركة أقل من 5 في المائة من جمهور الناخبين في الاستفتاء على التعديل الدستوري الذي جرى في مايو من العام الماضي، فضلا عن مشاركة حوالي 20 في المائة منهم فقط في الانتخابات الرئاسية نفسها. ورفض ألترمان محاولات بعض السياسيين الأمريكيين ربط المساعدات الأمريكية لمصر بالإصلاحات السياسية ، مشيرا إلى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة ينبغي عليها تصعيد الضغط على النظام المصري وربط مساعدتها بإصلاح سياسي متواصل . ونوه إلى أن الحكومة الأمريكية عليها الاستمرار في الضغط من أجل الإصلاح في مصر كما ينبغي عليها مراقبة المساعدات التي تقدمها للقاهرة عن كثب ، مشددا على أن الربط بين الأمرين ستكون نتيجته عسكية إن لم تكن كارثية. وأشار مدير برنامج الشرق الأوسط إلى أنه عندما كان السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب في سبعينيات القرن الماضي حلما خياليا ، وعندما كان اقتطاع مصر من الكتلة الشرقية تحول كبير في الحرب الباردة ، كانت مصر ساعتها تستحق كل بنس من مليارات الدولارات التي تتلقاها في شكل مساعدات من الولاياتالمتحدة. واعترف بمساعدة مصر للولايات المتحدة في عدد كبير من القضايا ، وبخاصة في ملفات مكافحة الإرهاب والتطبيع العربي الإسرائيلي، إلا أنه استبعد في الوقت ذاته أن تكون المساعدة المصرية عامل حسم في نجاح أية مهمة أمريكية حساسة. وألمح إلى أن ال 60 مليار دولار التي تلقتها مصر كمساعدات أمريكية على مدى الثلاثين عاما الماضية ولدت قدرا محدودا من الرضا في الشارع المصري تجاه واشنطن ، مشيرا إلى أن الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة جالوب الشهر الماضي أظهر أن 72 في المائة من المصريين يعتقدون بأن أمريكا ليست جادة بشأن تحسين الظروف الاقتصادية في الشرق الأوسط . ودلل على أهمية عدم ربط المساعدات الأمريكية بالإصلاح السياسي في مصر بحاجة واشنطن للتعاون الاستخباراتي والأمني مع القاهرة للتوصل لأرضية مشتركة بشأن التهديدات المشتركة ، ولاسيما ما يتعلق بالحركات الراديكالية . وأوضح أن المسئولين المصريين يشعرون بأن الأجانب يجهلون إلى حد كبير التهديدات التي تمثلها الجماعات الراديكالية في الداخل، والتي تسعى إجراءات الأمن القمعية في مصر إلى استئصالها ، فضلا عن فرط حساسية المصريين على مدى قرن إزاء الفرمانات الخارجية لأسباب تاريخية تتعلق بالاحتلال .