من الثابت في أي دولة محترمة أن هناك فرقا بين "حرية الرأي" و"قلة الأدب".. الأولى من المفترض أن يحميها القانون والثانية يعاقب عليها القانون.. ويوم أمس 5/4/2010 على سبيل المثال عقدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مقارنة بين موقف الدولة من "النقاب" في كل من أمريكا وفرنسا.. وقالت : إن العلاقة بين الكنيسة والدولة في فرنسا مختلفة عما هي عليه في أمريكا، حيث "العلمانية الوطنية" الفرنسية تحمل معنى عسكريا، أي أن الدولة يحق لها التدخل لحماية العلمانية، وهذا هو المبرر الذي قد يستخدمه ساركوزي لحظر النقاب". باريس .. عاصمة "التوير" و"النموذج" الحداثي الذي لا يزال ملهما ل"الليبرالية" المصرية، منذ سفر رفاعة الطهطاوي إلى فرنسا عام 1826 على متن السفينة الحربية الفرنسية "لاترويت" وإلى اليوم لا زالت تحتفظ لنفسها وكما قطعت بذلك الأمريكية "وول ستريت جورنال" بحق "التدخل عسكريا" حال استشعرت بأن هويتها "العلمانية" باتت مهددة.. حتى لو كان من "شارة" مثل الحجاب أو النقاب! إنها إشارة ضمنية تكشف عن وجود "مؤسسات ظل" تتدخل وقت اللزوم غير عابئة ب"الديمقراطية" و"حرية الرأي" حتى لوكانت فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا ذلك إذا أُسيئ لهويتها أو شعرت أن ثمة ما يتهدد "مُثُلها العليا" والأسس الأخلاقية التي تعتمد عليها في "غسل" تاريخها التي تأسست بمقتضاه وعلى شرعيته. حتى اليوم تظل نظرية "النشوء والارتقاء" ل"داروين" في منزلة "المقدس" في فرنسا وفي أمريكا.. فالأولى صادرت "أطلس الخلق" للتركي "عدنان أوكطار" المعروف ب "هارون يحيى" وتم جمعه بقرار من وزارة التربية والتعليم الفرنسية من جميع المدارس بعد توزيعه على الطلاب.. وذلك لمخالفته نظرية "داروين".. وفي أمريكا "محظور" مناقشة أو دراسة أية نظرية أخرى لتفسير "التطور الإنساني" غير تلك التي قدمها داروين في نظريته الشهيرة "البقاء للأقوى".. وذلك لأن "النظرية" تظل هي "المبرر الأخلاقي" لعمليات النهب والقتل والمذابح التي ارتكبها الاستعمار الأوروبي والأمريكي لدول العالم المستضعفة .. باعتبارها "فائضا إنسانيا" يحق للرجل الغربي "الأبيض السوبر" أن يحيلها إلى "عبيد" أو يستنزف ثرواتها بوصفها "عالة" لا تجيد استغلال مواردها! ومصر.. دولة عربية مسلمة.. وتظل هويتها تستقي حضورها وتميزها من هذين المصدرين: العروبة والإسلام.. وكل من تعاقبوا على جكم مصر، يستقون شرعيتهم من شرعية "الفاتح" العربي المسلم عمرو بن العاص رحمه الله ومن المفترض "واجبا" سياسيا ودستوريا، أن تظل العروبة والإسلام في منزلة "المحرمات" التي تعصمهما القوانين من التطاول عليهما وأن تتحرك أجهزة الدولة حال تعرضا للإساءة لا أن تدعهما عرضة للاستباحة والتسافل وقلة الأدب. منذ أيام تعرض الصحابي عمرو بن العاص لكلام جارح ومن "متطاول" قبطي معروف بأنه أشهر "مقاول" في بزنس "حقوق الأقباط" ولم يتعرض له أحد ولا حتى بالنقد.. ويوم أمس الأول وكعادة نشطاء الأقباط.. تملق وتزلف بشكل فج وصارخ صاحب كتاب "البرادعي والثورة الخضراء" النظام وكال الشتائم للمعارضة بل اتهم البرادعي بأنه "محاط" بمن يريدون إعادة مصر 14 قرنا إلى الوراء.. يقصد "عصر النبوة والوحي".. وهو كلام جارح وفج من المفترض أن يعاقب عليه قانونا لوكنا في دولة تحترم دينها ولغتها وهويتها وشرعيتها ومصادر تلك الشرعية "الإسلام" . لابد أن نقولها صراحة.. إذا كان النظام الحالي غير قادر على حماية مشاعر الأغلبية المسلمة من كل هذه الاستفزازات والتي تبلغ أحيانا مبلغ السفالة.. بزعم أن الإسلام يمثل التيار السياسي الأساسي وعليه تحمل استحقاقات احتواء الأقلية الدينية مهما بالغت وتطرفت في ابداء مشاعر العداوة للمسلمين المصريين.. فإنه بذلك يلعب بالنار.. ويضع أمن مصر القومي في واحدة من أخطر الاختبارات منذ نشأة مصر الحديثة في بدايات القرن التاسع عشر. [email protected]