قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنه مع التحسن المستمر لصحة الرئيس حسني مبارك الذي يمضي فترة النقاهة حاليًا بعد إجرائه عملية جراحية لإزالة الحوصلة المرارية بمستشفى هايدلبرج الألماني، وتراجع الشائعات حول حالته الصحية بعد ظهوره على التلفاز في لقطات حية، فإن المصريين والمعلقين السياسيين عادوا إلى موقفهم الأساسي بالاعتقاد أن القليل أو لا شيء سيتغير في أولويات أو إدارة الدولة وإن الرئيس سوف يبقى في السلطة لسنوات قادمة. وأضافت أنه على الرغم من أن الأمور قد هدأت بعد ظهور الرئيس على شاشات التلفزيون إلا أن مرضه وغيابه أكدا مدى الارتباك حول مستقبل الدولة العربية الأكبر في الشرق الأوسط وأحد أهم حلفاء واشنطن بالمنطقة، وأشارت إلى أنه على الرغم وجود قوانين تنظم عملية انتقال السلطة إلا أن هناك اعتقادا واسعا بأن القرار سيتم اتخاذه من قبل أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة قبل حتى أن يدلي الناخبون بأصواتهم. وعلى ما نقلت الصحيفة عن خبراء سياسيين، فإن الرئيس وحده هو الذي يعرف ما تفكر فيه وتخطط له كل واحده من أقوى المؤسسات في البلد، وهي الجيش وأجهزة الأمن والحزب "الوطني" الديموقراطي الحاكم، بما في ذلك تلك التي تنحاز للحزب الحاكم، وقالت إنه في العادة تفضل أجهزة الأمن والجيش العمل في الخلفية تاركة مظهر السلطة للحكومة المنتخبة ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أنه في مسألة الرئاسة فإنه في الغالب سيكون لها القرار الحاسم. ونقلت في هذا الإطار عن محمد سلماوي رئيس تحرير جريدة "الأهرام إبدو" الصادرة بالفرنسية، ورئيس اتحاد كتاب مصر، وصفه للرئيس مبارك بأنه "منسق ممتاز"، وقال: "إذا لم يوجد مبارك يمكنك أن تتوقع نوعًا من الصراع على السلطة بين كل هذه القوى ولا نعرف من سوف يهيمن". وأشارت الصحيفة إلى أنه في مايو سيبلغ الرئيس مبارك عامه الثاني والثمانين وسيكون قد حكم لمده 30 عامًا تقريبًا وأن ولايته تنتهي العام المقبل لكن لا أحد متأكد مما إذا كان يخطط لتولي الحكم لخمس سنوات أخرى، أو أن يسمح لشخص آخر بتمثيل الحزب "الوطني" الحاكم، أو أن يتنحى عن منصبه مبكرًا الأمر الذي سيتطلب إجراء انتخابات في غضون 60 يومًا. وقالت إن كل هذه الأسئلة زادت أهميتها في السادس من مارس عندما أعلنت الحكومة أن الرئيس مبارك قام بإزالة المرارة في مستشفي هايدلبرج بألمانيا، ثم في البيان التالي أعلنت أن الجراحين قاموا بإزالة ورم صغير أيضًا إلا أنه ثبت أنه حميد مما أدى إلى إطلاق الشائعات، الأمر الذي دفع الحكومة للسعي إلى نشر بعض الفيديوهات والصور وأي شيء لتهدئة الأوضاع. وأضافت أنه بعد مرور نحو أسبوع من الجراحة انتشرت شائعة بسرعة كبيرة على شبكة الإنترنت والرسائل النصية والشبكات الاجتماعية تقول إن الرئيس قد مات، غير أن الحكومة سارعت بنفي الأمر وسحبت التقرير من على الإنترنت إلا أن الضرر قد حدث، فقد انخفض سوق الأسهم وتزايدت السخرية من التقارير الحكومية القائلة بأن الرئيس يتحسن، حيث أصبح غياب مبارك مصدرًا للتهكم السياسي بلهجة ساخرة غالبًا، مثل أغنية "مبارك مات" التي انتشرت على الإنترنت. وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن الصور والفيديوهات التي أطلقتها الحكومة للرئيس مبارك بعد الجراحة ساهمت في استعادة ثقة المستثمرين وانتعاش سوق الأسهم وتهدئة الأوضاع مرة أخرى، إلا أنها لم تجب على أي من الأسئلة طويلة المدى التي تواجه المصريين وحكومتهم. وقالت غادة شهبندر الناشطة في مجال حقوق الإنسان: "السؤال لم يتغير: ما الذي سيحدث بعد مبارك؟ فلدينا رئيس وهو في الثمانينات من عمره وخضع لعملية جراحية، ولذلك فإن الناس بالطبع فضوليون ويريدون أن يعرفوا ما الذي يحدث"، وختمت قائلة: "لا أحد خالد وهذه حقيقة".