ما زال " العمدة " فى محافظة الأقصر يمثل الهيبة والوقار والشخصية التى يرجع إليها فى كافة الأمور إلا أنه وبعد الثورة تراجع دوره بشكل لافت للنظر مما أدى إلى اندثار مصطلح العمدة وشيخ البلد . أكد أساتذة وخبراء علم الاجتماع بالمحافظة أن تغيير وتعدد العوامل الاجتماعية التى ظهرت مؤخرًا وانتشرت بفعل تعدد وسائل الاتصال الحديثة ساهمت بشكل ملحوظ فى خلق نوع من العزلة الاجتماعية بين المواطنين وأدت إلى حالة من التفكك الأسرى والمجتمعى وبالتالى عصفت ببعض العادات والتقاليد والموروثات القديمة التى تعبر عن حال القرى والنجوع فأصبح العمدة وشيخ البلد فى بعض القرى مجرد موظف يمثل السلطة التنفيذية . يقول محمد عبد النبى مدرس بقرية البعيرات، إن العمدة أو شيخ البلد أصبح مجرد مسمى ومصطلح وظيفى ليس له دور حيوى وفاعل فى بعض القري، خاصة القرى والنجوع التى اقتربت من المدنية وانغلقت على نفسها وأصبح أهلها مشغولين بحياتهم ومعيشتهم اليومية . وأضاف أن قرى غرب الأقصر مازالت متمسكة بمثل هذا النمط أو النوع من الحكم حيث قرى قامولا والغرب والقرنة تتعامل بمبدأ "الكبير " والسمع والطاعة لذوى الرأى والمشورة وأهل الحل والعقد أحيانا وبالتالى فإن شيخ القرية وعمدة البلد ذو نفوذ وسطوة بين المواطنين هناك، ولذلك هناك محاولات كبيرة من الأحزاب السياسية وفى مقدمتها الأحزاب الكبيرة للسيطرة على منصب العمدة والمشايخ وهناك من يستجيب وهناك من يواجه هذا الأمر بشدة.
أما قرى شرق الأقصر كالمنشأة والكرنك والعوامية فهى أقرب إلى المدنية وبلغ بها الحال إلى أن يكون دور العمدة تقليدى كالظهور فى الواجب وتقديم العزاء ودخول الدواوين والمندرة وحضور الأفراح وجلسات الصلح وتلبية الدعوات من العائلات الخاصة بإقامة الولائم أو الاحتفالات فى المناسبات الخاصة والعامة . ومازالت العمودية فى قرية منشأة العمارى تلقى بظلالها على بعض العائلات والبيوت، فأهالى العمارى وعطيتو وعبد العاطى هم الأكثر انتشارًا فى القرية، وتتعدد انتماءاتهم السياسية ما بين مؤيدين ومعارضين للنظام القديم ومناصرين لجماعة الإخوان المسلمين وحكم الرئيس محمد مرسي، ومع تنوع توجهاتهم الإيدلوجية تظل فكرة العصبية القبلية هى المسيطرة فى ظل تكتفات عائلية وقبلية طغت على المواطنين وأصبحت تتحكم فى صناديق الانتخابات إلا أنه رغم الحشود الغفيرة التى تتكدس أمام لجان الاقتراع فى موسم الانتخابات لا يمكن الجزم تمامًا بمن سيحسم الأمر سواء نظام قديم وحزب وطنى وقوى إسلامية مسيطرة فى قرى ونجوع الأقصر .
وأوضح عبد الهادى حافظ - من سكان قرية المنشأة - أن العمدة أحيانا لا يكون له تأثيرا واضحا على اتجاهات المواطنين وميولهم السياسية إلا أنه فى بعض العائلات الكبيرة تصبح الكلمة الأولى والأخيرة فى الاختيار للعمدة أو كبير العائلة ويظهر ذلك فى الانتخابات حينما تقوم عائلة بمساندة أو دعم مرشح فإنها تدفع بكل أبنائها لمساندته حيث قام العديد من أبناء قرية المنشأة بمساندة ودعم المرشح الرئاسى "أحمد شفيق والذى حاز على نسبة أصوات عالية بالأقصر .
ورغم ذلك لا تخلو قرى شرق الأقصر من معاقل للإخوان والسلفيين يؤثرون بمختلف الطرق على المواطنين لإقناعهم بمرشحهم الذى يدغدغ مشاعرهم من خلال اللعب على الأوتار العاطفية والدينية للأهالى هناك .
أما قرى غرب الأقصر القرنة والبعيرات وقامولا لا يميلون للتيار الإسلامى نظراً لاعتمادهم وارتباطهم بالسياحة فى الأساس. وهذا ما ظهر جلياً فى الانتخابات السابقة عدا الاستفتاء .