عادت مجددًا شركات النصب عبر الإنترنت تتاجر بأحلام المواطنين وتبيع الوهم للاحتيال عليهم وسرقة أموالهم، فقط عليك أن تدفع 500 دولار، وتشاهد مجموعة من الإعلانات تحصل على 50 دولارًا كل أسبوع، فعليك أن تؤسس موقعًا على الإنترنت، ثم تبدأ فى جذب شخصين، والشخصان يجذبان أربعة، والأربعة يجذبون ثمانية، وهكذا فى شكل هرمى من الأكبر إلى الأصغر، أو شكل شجرة تبدأ من الأصغر إلى الأكبر، ومن حيث أنواعها، فهناك من يسوق للسياحة، وهناك من يسوق لإعلانات وآخرون يسوقون لمنتجات مختلفة، ولا وجود مطلقًا لشيء مما سبق على أرض الواقع، هذه ببساطة هى أكبر عملية نصب حدثت من بعض شركات توظيف الأموال فى الثمانينيات، إنه التسوق الشبكى عبر الإنترنت، فلك أن تعرف أن 97% ممن اشتركوا فى إحدى هذه الشركات الكبرى مصريون، ولك أن تعرف أن من فقدوا أموالهم من خلال هذه الشركات فى مصر تجاوز 200000 مصرى، ولك أن تعرف أن حجم الأموال التى هربت من مصر إلى خارج البلاد من ثمانى شركات فقط بلغ مليارًا و200مليون دولار أمريكى، ولذلك فقد حرصت "المصريون" على كشف هذه القضية.. فى البداية، أوضح حاتم حجازى، أحد خبراء تكنولوجيا المعلومات فكرة التسويق الشبكى، ببساطة هى عبارة عن مال يأتى بمال، فبدلاً من أن أبيع وأشترى على أرض الواقع أستبدل ذلك بالبيع والشراء على الإنترنت، من خلال رؤيتى لمجموعة من الناس أعرض عليهم المنتج - الذى فى الأصل لا وجود له - أيًا كان هذا المنتج.. سيارات عقارات أو حتى إعلانات، ويتم التسويق عبر لجان إلكترونية، وأما عن الكيان الذى يقوم بعملية النصب، فلن تجد له مقرًا محددًا، فهم يتنقلون من مكان إلى آخر، وتكون أماكن اجتماعاتهم فى الكافيهات والفنادق وغيرها من الأماكن العامة التى لا تستطيع أن تصلح مقرًا واضحًا لهم، أما عن طريقة النصب فتكون كالآتى: يدخل الشخص ويدفع قيمة الاشتراك وتتفاوت المبالغ من 5 إلى 8 آلاف جنيه، ثم كل أسبوع يتم "لايك" على المنتج ويكسب 50 دولارًا، كما أن هذا المشترك يستميت فى الحصول على مشتركين آخرين يشتركون من خلاله وتتراوح نسبته على كل مشترك من 10 إلى 12%، هذا بخلاف ما يأخذه كل أسبوع وهكذا، وهذه الأموال إما بالدولار أو بالجنيه المصرى، ويضطر أصحابها للذهاب لشركات الصرافة لتحويلها بالدولار، وهذا هو السبب الرئيس فى أزمة الدولار فى الفترة الأخيرة، فحينما بدأت تنكشف هذه الحوادث وتتوقف عمليات التحويل، بدأ سعر الدولار ينخفض ومن الشكاوى التى بدأت تتوالى علينا أنهم يجمعون الأموال لمنتج وهمى، ليس له وجود على أرض الواقع، وبالتالى لا استثمار لهذه الأموال إلى جانب عدم وجود مقرات حقيقية لهذه الشركات، وعن مخاطر هذا الأمر على الاقتصاد، فرغم كل هذه الأموال الطائلة، فلا تستطيع الدولة أن تجمع الضرائب على هذه الأموال، وبالتالى فلا يوجد مظلة قانونية تحمى من يدفع هذه الأموال، كما أنه ليس لهم مقر محدد تستطيع أن تحاسبهم من خلاله، فقد كان حجم الأموال خياليًا، كما صرح رئيس مباحث الأموال العامة الأسبوع الماضى بأن حجم أموال التحويلات لثمانى شركات فقط بلغ مليارًا و200 مليون دولار، هذا إلى جانب أنه دعوة للكسل، فقد بدأت بعض الناس تترك أعمالها حتى تستطيع أن تحصل على مشتركين أكثر وتربح نسبًا أعلى مما تحصل عليه ورءوس هذه الشركات أجنبية، فمنها شركات تنتمى إلى ماليزيا وأخرى تنتمى إلى أستراليا وغيرها، وقد أغلقت 40 دولة عربية وأوروبية هذه المواقع لخطورتها على الاقتصاد، فلا تستطيع أن تدخل مثلاً من السعودية على هذه المواقع، وقد حرصت "المصريون" أن تعيش المشكلة مع أصحابها الذين وقعوا فى شراك هؤلاء النصابين وضاعت أموالهم فى هذا التسويق الشبكى. فهذه وسام تعمل بإحدى الشركات الكبرى إحدى ضحايا النصب عن طريق التسويق الشبكى تروى حكايتها مع إحدى الشركات، فقد سعت هى وأصدقاؤها إلى الاشتراك، وذلك بعدما سمعت أن كثيرًا من لاعبى الكرة والمشاهير مشتركون فى هذه الشركة واشتركت بثلاثة "أكونتات"، قيمة الاشتراك فى كل أكونت 500 دولار، وكانت تربح على الثلاثة فى الأسبوع 150 دولارًا فى مقابل أننى أشاهد إعلاناتهم كل أسبوع، وكان الأمر يسير طبيعيًا إلى أن بدأت وسائل الإعلام فى الكشف عن حقيقتهم، ففوجئنا بإغلاق المواقع، وكان هناك أشخاص على اتصال ببعض رءوس هذه الشركات فوجدوا هواتفهم مغلقة. أما رحاب، فتحكى تجربتها، وهى تسخر من نفسها "ما لحقتش أتهنى"، فقد دفعت قيمة الاشتراك 3759 جنيها، ولم يمر أربعة أيام حتى أغلق الموقع، وقد دفعنى للاشتراك أن ذلك يمكن فيما بعد أن يغنينى عن العمل وأعمل من البيت، ويكون ذلك أحد أشكال الاستثمار، حتى أن زملائى فى العمل قد عاتبونى لماذا لم تدخلى بأكثر من أكونت؟ والحمد لله أننى لم أسمع كلامهم. ومن أشهر الأسماء التى سمعنا عنها إنجى حبيب وأخوها محمد، والعجيب أن إنجى حاصلة على دبلوم تجارة، وهى محبوسة الآن على ذمة القضية، وأخوها محمد لكنه هارب ولا يعرف أحد عنه شيئًا. ويقول المهندس حسين: اشتركت مع شركة "ساى يور واي" فى شهر ديسمبر 2012 ب 7 أكاونت، وسعر الأكاونت 2100 جنيه مصرى، واستمر الأمر بدون مشاكل ومنتظمًا حتى شهر مارس، فوجدت أننى استرددت كل مالى، فدفعنى ذلك إلى الاشتراك ب20 أكاونت، سعر الأكاونت 2010 دولارات، أى بما يعادل 420000 جنيه، والذى دفعنى إلى ذلك أننى وجدت شجرة، فأردت أن أملأ فروعها، ولم يستمر الأمر إلا أسبوعًا، وفى الأسبوع الثانى وقعت حادثة النصب وكنت أتعامل مع الشركة مباشرة، وكانت فى شارع السبأ بجانب الميرلاند، وكانت لافتات الشركة منتشرة فى كل مكان، لكن الذى أثار انتباهى، أنه بداخل الشركة، كنت أرى لافتة أخرى لشركة استيراد وتصدير وكانت هى الغطاء لتعاملات هذه الشركة، وكانت إنجى حبيب، وهى التى كنت أتعامل معها توهمنا أنها تحول الحساب على بنك "لبيرتي"، والذى اكتشفنا فيما بعد أن الحساب، لا وجود له، وقد قمنا بعمل بلاغات، ووكلنا أكثر من محامٍ، ومنهم أحمد راشد عبد الرحمن الذى فوجئنا أنه مشترك بمبلغ 420000 جنيه، يقول: اشتركت ب200 أكاونت، والتى تمثل المبلغ السابق، وقد أعطى ذلك لى الحق فى أن أربح 120 جنيهًا فى الأسبوع على كل أكاونت من ال200 أكاونت، كما أن ذلك أعطى لى الحق للاشتراك لمدة 52 أسبوعًا، ولم يستمر الأمر سوى خمسة أسابيع، ووقعت الكارثة، وأود أن أكشف عن أمر خطير هنا، وهو الذى ظهر لنا فيما بعد أنها لم تكن تحول دولارات ولا غيره، وإنما كانت تأخذ من هذا وتعطى آخر، وهكذا أو كما يقول المثل الشعبى "تلبيس طواقي"، وقد حرر لهذه الشركة فقط حوالى 7000 محضر، وكلت فى 3000 منهم، حتى الآن، وقمنا بإنشاء صفحات على فيس بوك تجمع المنكوبين فى تلك الكوارث، ومنها منكوبى "ساى يور واي". أما عن الجانب الأمنى، فقد أكد الرائد تامر العيسوى من مباحث الأموال العامة، أن مثل هذه الجرائم تخص إدارة مكافحة جرائم النقد والتهريب وإدارة مكافحة جرائم غسيل الأموال. وحول الآليات التى يواجهون بها مثل ذلك قال: نحتاج إلى تنظيم تشريعى لمواجهة هذه الجرائم، يجرم التسويق الشبكى أو يقننه، بحيث يضع له قواعد وضوابط يجرم من يخرج، ومن هنا تأتى ضرورة نص صريح يجرم أو يقنن التسويق الشبكى، وكذلك المنتج نفسه ومدى خضوعه للمواصفات القياسية للمنتجات ومدى خضوعه للبيئة ومدى خضوعه للتمويل، فعدم تناسب سعر المنتج مع قيمته، فمثلاً أدفع 2000 دولار فى مقابل أن تحصل هى على (3) أيام فى أوتيل، هذه أشياء خيالية، هذا بالإضافة إلى إحجام الناس عن التبليغ، فالناس لا تبلغ إلا عندما يحدث الخراب، فنحن إذا رصدنا شيئًا لا نتركه، فهناك شركات رصدناها قبل تقديم بلاغات، فقد بدأت البلاغات تتوالى بعد رصدها شركات مثل "تى بى آي" و"أوبيس". وعن تطور الجهاز من حيث الأجهزة والفنيين، ذكر أن هناك إدارة أنشئت حديثًا تسمى إدارة التدريب والبحوث الفنية، وفيها مجموعة من المتخصصين على أعلى مستوى ونعمل جميعًا كمجموعة عمل واحدة. وعن زعم بعض النشطاء السياسيين أن مثل هذه الجرائم ما كان لها أن تظهر لولا انشغال الجهاز بتتبع النشطاء السياسيين وإغفالهم لدورهم الحقيقى فى تتبع الاحتيال عبر الإنترنت، قال: لا يمكن أن يقضى الأمن الجنائى على الأمن السياسى، فكل منهما له دوره وعمله الخاص به، فأنا وزملائى مثلاً فى الأمن الجنائى ليس لنا صلة لا من قريب ولا من بعيد بالأمن السياسى، فأنا متفرغ تمامًا للأمن الجنائى، فضابط الأموال العامة ليس له أى دور سياسي.