المتصوف إذا اشتغل بالسياسة خرج من تصوفه.. والإخوان لا يستمعون للنصائح -السلفيون يقومون بدور الضبط الاجتماعى فى المناطق شديدة الفقر -جبهة الإنقاذ تمثل جزءًا من المعارضة ولكنها تمثل الجزء الهزيل -هناك كثير من الأخطاء منبعها الاستسهال والاستخفاف بالآخرين -الخلافات الدينية البينية بين الجماعات الدينية الواحدة أشد وضراوة من الاختلافات بين أصحاب ديانتين الحوار معه له شكل مختلف فرؤيته الفلسفية للأمور وربطها بالواقع تعطيك قدرة على أن تفهم بسهولة ماذا يحدث حولك. هذا باختصار هو يوسف زيدان الأديب والمفكر المصرى الحائز على جائزة البوكر العالمية ومدير مركز ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية سابقًا، وصاحب البحوث العلمية فى الفكر الإسلامى والتصوف وتاريخ الطب العربى، وكتب أكثر من خمسين كتابًا، وتتوزع أعماله على فروع التصوف وفهرسة المخطوطات العربية والنقد الأدبى ومن أهم مؤلفاته فى التصوف شعراء الصوفية المجهولين فوائح الجمال وفواتح الجلال وفى الفلسفة اللاهوت العربى وجذور العنف الدينى وفى تاريخ الطب العربى رسالة الأعضاء لابن النفيس، والنقرس لأبى بكر الرازى، والشامل الصناعة الطبية، وفى فهرس المخطوطات العربية فهرس نوادر المخطوطات، وفهرس مخطوطات مكتبة رفاعة الطهطاوى، وفهرس مخطوطات أبى العباس المرسى، وفى الأعمال الأدبية ظل الأفعى وعزازيل التى فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية، وطبع منها 16 طبعة أيضًا رواية النبطى. وهو من أكبر الدارسين لموسوعة الشامل فى الصناعة الطبية لابن النفيس التى نشرها ضمن ثلاثين مجلدًا، وهو أضخم عمل فى التراث العلمى الإنسانى، وله صالون ثقافى شهرى فى القاهرةوالإسكندرية، وله إسهامات واضحة فى تطوير فكر الشباب من خلال صفحته على الفيس بوك. وقد اختار دكتور يوسف أن أجرى معه هذا الحوار أمام بحر الإسكندرية فى محاولة لقراءة الأحداث بنوع من الهدوء النفسى الذى منحنى نسيم البحر، وأنا أتابعه بأسئلتى الشائكة عن وضع سياسى ملتبس، وأيضًا هذا المكان قريب من منطقة سير بطل روايته عزازيل الراهب هيبا عندما زار الإسكندرية لأول مرة. * كيف ترى ما يحدث في مصر الآن؟ "لم يحدث الكثير" إذا كنتِ تقصدين الواقع السياسي، فأنا لا أرى اختلافًا في جدلية العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مصر، إنما حدث فقط تغير في الأسماء والشكل الخارجي أما جوهر العلاقة فهو واحد في زمن مبارك والعسكر والإخوان. – ولكن هناك من يرى أن زمن الإخوان فيه حرية أكثر؟ بالعكس فجوهر العلاقة واحد، وهو ما يتمثل في صمم الحاكم عن صراخ المحكوم، فهناك احتكار للسلطة السياسية العليا، فالعند والتعلل للظواهر السلبية الكثيرة تتوالى بلا ضرورة، مما ولد الغضب والحسرة عند جموع المصريين، بسبب سوء الأحوال وتردي الوضع العام، ففي زمن مبارك كان هناك إمعان في اللهو وفي زمن العسكر كان هناك قصدية في إحداث التوتر العام في البلاد، لكي تسير الأمور بحسب الخطط المرسومة أما في زمن الإخوان أصبحت الاضطرابات اليومية هي العلامة الأساسية، ولكن تظل بنية السلطة السياسية هي واحدة. – إذًا الثورة لم تحكم بعد رغم كل ما قدمة الشباب من تضحيات؟ فعلًا الثورة لم تمس قلب هذا البلد بعد فهؤلاء الذين قتلوا ويسمون اصطلاحًا بالشهداء حتى إذا كانوا في ملعب كوة، ولا أدري لماذا وصفهم بالشهداء وهم مجموعة من أفضل شباب هذا البلد قتلوا بغير ذنب، ولكني لا أريد أن أتوقف كثيرًا أمام هذه الصفات المجانية التي تطلق بدون تمييز، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل كثيرة من تلك التي تظهر في واقعنا المعاصر، ولكني أرصد السمات العامة للمراحل الثلاثة التي نعيشها فلا أجد اختلافًا حقيقيًا بين هذه المرحلة أو تلك. – ولكن هناك تكتلات ظهرت باسم الثورة منها جبهة الإنقاذ؟ جبهة الإنقاذ تمثل جزءًا من المعارضة، ولكنها تمثل الجزء الهزيل وغير الحقيقي، نظرًا لأن رموزها قلوبهم شتى ولكل منهم حسابات خاصة، ولا يستطع أي شعب العبور ببلده من حالة إلى حالة إلا إذا خلصت النوايا، أما إذا كان الناس قلوبهم شتى وآراؤهم متفرقة غايتهم لها طابع شخصي، فلا ننتظر خيرًا كثيرًا. – كنت واحدًا مِن مَن دعوا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فهل ترى فى هذا الإجراء حلًا لكثير مما نعانيه؟ عندما دعوت قبل شهرين إلى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة لم يكن هدفي من وراء ذلك رسالة شخصية، لأني بعيد عن السياسة العملية وما أطرحه إيمانًا من رؤى ذات طابع سياسي، وهو نابع من نظرة فلسفية للواقع وليس من قبيل اللعب السياسي كالذي تطرحه جبهة الإنقاذ التي عندما تطرح هذا التصور لإجراء انتخابات يتبادر إلى الذهن مباشرة الصالح الشخصي لهؤلاء، وبالتالي يضيع جوهر المطلب، وهو العبرة في العمل بالنوايا. - وهل العمل السياسي تكفيه النوايا فقط؟ من أجمل الكتب في تراثنا العربي كتاب لابن الحاج العبدلي، وهو كان مشهورًا في القرون الماضية، ولكن المعاصرين لم يسمعوا به لكن ما يلفت نظري إليه الآن هو عنوانه، وهو المدخل إلى تنمية الأعمال بتصحيح النيات"، وهو عنوان فيه رسالة من الماضي إلى الحاضر لن تنمو وتصح أعمالنا إلا لو صحت النيات. – وهل يمكن أن تتوحد النوايا؟ لا النية لا تتوحد فالنية تصفو ولكن الأهداف قد تختلف مع صفاء النوايا يمكن التفاهم حول اختلاف الأهداف، فمثلًا قد يرى شخص أو جماعة أن العقبة الاقتصادية هي العقبة الأخطر التي ينبغي علينا عبورها أولًا، وقد يرى آخرون أن الإصلاح السياسي والضبط الإداري الرشيد هو الذي يعبر بنا من المأزق الحالي، ومن جانبي أرى أن جوهر الصراع الجاري هو صراع ثقافي بين جماعات دينية متشددة بكل وعيها إلى الماضي، وتريد أن تحقق تجارب سابقة عفى عليها الزمان ولكنها غير منتبهة إلى ذلك، وبين قوى تسعى للدخول إلى المستقبل على القواعد التي استقرت في العالم "العلم، المعرفة، العمل الجاد، الإبداع العام في الفكر والعمل والأنشطة الاجتماعية وهذه الاختلافات منهجية، وليس من الصعب الجمع بينها وجميعها تمضي في مسيرات متوازية، ولكن المشكلة الأكبر عندما لا تكون النوايا صافية ولا تكون هناك وضوح للرؤية. - كيف ترى الأداء الحكومي بدءًا من الوزير وحتى الرئيس؟ هناك كثير من الأخطاء منبعها الاستسهال والاستخفاف بالآخرين، وهي صفة عامة في مصر في كافة المؤسسات والمستويات الوزارية الذين يشعرون بأن وجودهم مؤقت، ولذلك لا يستطيعون وضع خطة طويلة المدى، وهذا استخفاف بالشارع، فمن لا يستطيع أن يؤدي واجبه عليه أن يذهب إلى بيته ولا يتصدر الأمر، فإذا حدث ذلك لن نرى تردي الأوضاع المرورية في الشارع والبلطجة، وسوء الخدمات إلى القرارات الكبرى المتخبطة التي تؤثر في البلاد والعباد. - قلت "ما حلمتم به خلال 80 عامًا لا تتصوره أن يمكن عمله في 8 أشهر على الأقل في 8 سنوات" فماذا كنت تقصد بهذه النصيحة ؟ هذه نصيحة قدمتها على الهواء عقب تولي مرسي الرئاسة ولجماعة الإخوان المسلمين، ومقصدي أن يكون لديهم فرصة لدورتين رئاستين رشيدتين دون التعجل، وطبعًا لم يأخذ أحد بهذه النصيحة. فأنا أرى أن الإخوان المسلمين هم إفراز طبيعي للواقع المصري الذي ظل مترديًا طوال 60 سنة، وكان يمكن استيعابهم داخل المنظومة السياسية المصرية عقب قيام ثورة يوليو، لكن ذلك لم يحدث للتشابه الكبير بين بنية الجماعة الدينية وبنية العسكر فدفع بعضهم بعضًا إلى الخارج وانتصر العسكر في المرة الأولى وانتصر الإخوان في المرة الثانية، فهناك نوع من التضاد، وليس التناقض بينهم في هذا السياق. -وهل قدمت النصيحة للرئيس حول هذا المعنى؟ عقب فوز مرسي بالرئاسة كتبت مقالة بعنوان "هل يقع الفرعون الجديد في ثالوث سقوطه"، ونبهت إلى أن هناك ثلاثة مخاطر أساسية محدقة بالرئيس وانتمائه المذهبي، ولكن كل هذه النصائح ذهبت أدراج الرياح، ولم ينتبه إليها أحد، لأن السعار على التوغل في السلطة يصيب الناس بالصمم حتى عن النصح. -وما هي الرسالة التي تعيدها على آذان من يمسك السلطة الآن؟ إن مصلحة الإخوان ومصلحة مصر تقتضي أن يكون هناك نوع من التعقل في محاولة السيطرة، ومع ذلك فأنا لا ألوم على الإخوان حرصهم الشديد على الإمساك بتلابيب السلطة كلها، ولكن ليس بهذا الشكل السريع فهذا يعني تغيرًا في القوانين وتغيرًا في المناصب الإدارية التي يتقافز إليها الإخوان المسلمين بغير رشد ولا هدى ولا كتاب مبين. -وهل تجدهم يستمعون لهذه النصائح؟ تصرفاتهم تؤكد أنهم لا يستمعون وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، فطبيب تحاليل يصبح رئيس مدينة، ودكتور الأطفال يصبح موجهًا عامًا، ويتم تعيين هؤلاء حسب درجة قربهم وارتباطهم بالجماعة، وليس لخبراتهم الإدارية، وهذا مضر للإخوان والبلاد وبالقطع سوف تحتاج مصر زمنًا لكي تخرج منه بعد حين، لأنه لن يدوم ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بهذه المرحلة ولكنه لا محالة سيسقط وبعد سقوطه سوف تحتاج مصر زمنًا آخر لكي تصلح ما أفسده زمن الإخوان، وستضاف إلى الفترة التي نحتاجها، لكي نصلح ما أفسده مبارك والعسكر. - إذا كانت تلك هي اعتراضاتك على العسكر ومبارك والإخوان فكيف ترى شركاؤهم في الحكم "السلفيين" ؟ الاتجاهات السلفية اتجاهات متعددة، وهي أكثر التصاقًا بالناس، ويقومون بدور الضبط الاجتماعي، وأتحدث هنا عن المناطق العشوائية شديدة الفقر التي يصل فيها البؤس الإنساني إلى درجة مريعة وينعدم فيها كل وسائل الضبط الاجتماعي. أما الإخوان يعملون على الطبقة الريفية والطبقة الفقيرة في المجتمع المستقر والانقلاب الاجتماعي الذي حدث في 20 سنة الأخيرة، ونتج عنه هذه العشوائيات المكدسة بالبشر دون أي تخطيط وتنظيم حكومي هي ما أفسحت المجال لإدارة مشايخ السلف على اختلافهم لقلب هذه الأماكن. -إذن السلفيون دورهم اجتماعي وليس لهم في السياسة والحكم؟ ليس صحيحًا أن السلفية كانت بعيدة عن السياسة، بالعكس كانوا موجودين ولكن لهم موقف عام مستلهم من مواقف تراثية قديمة تم إحياؤها، وهي للعجب مواقف متناقضة ففي الاتجاه السلفي العام رأي يقول إنه لا يجوز الخروج على الحاكم في حين أن أيقونه الاتجاهات السلفية "ابن تيمية" كان له دور مع الحكام، ولذلك هناك تناقض خفي في الموقف السلفي تجاه الحكومات في زمن مبارك، حيث تم التراضي على أن يقوم السلفيون بدورهم الدعوي في المناطق العشوائية، وبالتالي إحداث نوع من الضبط الاجتماعي والسيطرة على هذه الأعداد الغفيرة في مقابل عدم تصديهم المباشر للواقع السياسي في زمن مبارك بعد الثورة خرج هؤلاء إلى الشارع مثلما خرج جميع المصريين فبدأت تظهر الاختلافات بين السلفية العلمية والسلفية الجهادية إلى آخره هذه أنماط مختلفة تمامًا في التفكير. -نريد أن تعطينا أمثلة على ذلك؟ المسافة بين شيخ سلفي من نوع الدكتور محمد إسماعيل المقدم وشيخ سلفي من نوع المحامي حازم أبو إسماعيل هي مسافة من الأرض إلى السماء فكلاهما سلفي، ولكن على طريقته والناس لا تستطيع أن تفرق بين هذه الفروق البينية فتصدر أحكامًا عامة غير دقيقة، وبناءً على هذا ننتقل إلى طبيعة تصدي الجماعات الدينية عمومًا للواقع السياسي، فقد ثبت عبر خبرات تاريخية لا حصر لها أن الخلافات الدينية البينية بين الجماعات الدينية الواحدة هي أشد عتوًا وضراوة من الاختلافات بين أصحاب ديانتين فمثلًا حدث بين المسلمين والمسحيين مواقف تاريخية معروفة من الحروب الصليبية، وهذه المواجهات لم تكن يومًا بفظاعة ما جرى بين الصفويين والعثمانيين في الإسلام، وبين الكاثوليك والبروتوستانت.... فلم نسمع عن قتل 800 ألف شخص في يوم واحد إلا في الصراع المسيحي المسيحي في غرب أوروبا في القرن 17، ولم نسمع عن أن حاكمًا كان يضع رؤوس ضحاياه على هيئة أهرمات ويقيس ارتفاعها إلا مع "تيمور لانك" الذي كان يحارب مسلمين هم العثمانيون وبقايا الدولة العباسية المنهارة على يد المغول، ولم يفتك صقر قريش أبو عبد الرحمن الداخل الأموي بمسيحيين في الأندلس بالقدر الذي فتك بالمسلمين، وبالتالي إذا تدخل الدين في السياسة، فالخلافات بين الدين الواحد تكون أشد فتكًا بالخلاف بين ديانتين -إذن فأنت ترى أن صلة حازمون بالإخوان تختلف عن صله حزب النور بالإخوان؟ حزب النور السلفي أحد الأشكال السياسية للاتجاه المسمى بالسلفية العلمية وهذا يختلف تمامًا عن الجماعة المسماة "حازمون"، وكما قلت من سنة وقد تحقق أخشى أن "السلفيين يلعبون بنيران السياسة وسوف يحترقون بها قريبًا". - ماذا تقصد بذلك؟ هذا الكلام قد قلته من سنة، وقد تحقق الآن فقد تم استعمالهم، لأنه في الوهلة الأولى لن نستطيع أن نميز بين السلفية عمومًا وبين تيار الإخوان المسلمين فلا نخلط بين هذا وذاك فحازمون وهم " سلفيون" لهم أجندة معينة، وهي تختلف عن أجندة السلفيين، ولذلك منذ أيام قليله أعلن حزب النور السلفي أنه ضد حصار مدينة الإنتاج الإعلامي التي كان يتبناها "حازمون" وبعض الاتجاهات السلفية الأخرى ثم ظهر أننا بصدد لعب سياسي ظهر في حصار مدينه الإنتاج الإعلامي الذي أعلن حزب النور عدم موافقته على ذلك، وسكت الإخوان عنه وأعطوه الغطاء السياسي ممثلًا في كلمة الرئيس الذي ذكر فيها الأصابع، وغير ذلك من التعبيرات العجيبة والجديدة على لغة الرئاسة في مصر، والتي لا أظن أن حاكمًا مصريًا خلال عدة مئات من السنين قد تحدث بمثل هذه اللغة. -هل ترى أن السياسة لعبة ليست نظيفة وتتناقض مع الصوفية ؟ المتصوف إذا اشتغل بالسياسة خرج من التصوف، لأن السياسة هم من هموم الدنيا والصوفي يطرح هموم الدنيا عنه، وهو يتخذ موقفًا نضاليًا في حالة واحدة إذا تعرضت البلاد لغزو خارجي، فهنا يناديه منادى الشهادة وهذا ما رأيناه في سيرة "نجم الدين" الذي خرج يقاتل التتار في سنة 618 هجري، ورأيناه في الحركات الجهادية التي تولاها السيد محمد بن ماء العينان القادري في الصحراء المغربية والحركة المهدية في السودان وعمر المختار في ليبيا، هنا فقط يصبح للتصوف دورًا في تلبية نداء الواجب والسعي للشهادة فالصوفي لا يرى في الموت بأسًا، وبالتالي يتحرك في هذه الحالة فقط. -تتحدث عن الصوفية التي يرفضها كثير من السلفيين؟ رغم انتماء كليهما للتيار الديني؟ بعض السلفيين يستهدف الصوفية بالكتابة ضدهم والهجوم عليهم بتكفيرهم ولكن لا يمكن أن تجد صوفيًا يكتب ضد سلفي أو يحارب سلفيًا أو يهاجم سلفيًا، فقد تقوم مجموعة تنسب نفسها للسلفية بهدم قبور الأولياء ولكن لا تجد الصوفي يمزق كتابًا لسلفي.. والسياسة العملية التي تشهدها بلدنا الآن يكون الدخول فيها متعارضًا مع مفهوم صوفي بسيط تم إقراره منذ فجر الإسلام، ويتلخص في عبارة واحدة: "إن الصوفي لا ينازع أهل الدنيا في دنياهم وبالتالي ليس أمامه فرصة للدخول في صراع سياسي، فالتصوف هو إجلاء القلب لتتجلى عليه الصفات الإلهية، والتصوف هو الخلوة والجوع والسهر والتفكر، وبالتالي الدخول في السياسة هو علامة على عدم صوفية الشخص الذي ينسب نفسه للتصوف.