واشنطن تتحفظ على دعم موقف مصر فى المفاوضات مع صندوق النقد.. والأوروبيون طالبوا بإجراءات قاسية وصل إلى القاهرة أمس وفد خبراء صندوق النقد الدولى فى زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يلتقى خلالها مع عدد من المسئولين لاستكمال مباحثات الصندوق بشأن منح مصر قرضا بقيمة 4.8 مليار دولار. وقالت مصادر مطلعة كانت فى استقبال الوفد لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه من المتوقع أن يتم إنجاز تقدم كبير فى هذه الجولة من المفاوضات بين مصر والصندوق خاصة بعد تنفيذ عدد من الخطوات المهمة فى طريق الإصلاح الاقتصادى، وإنه من المتوقع أن يتم تغيير حجم القرض بناء على طلب مصر وطبقا لاحتياجات البلاد حيث سيتم مراجعة احتياجات التمويل لمصر. يأتي هذا فيما كشفت مصادر مطلعة عن أن مصر تخوض جولة المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولى دون غطاء دولى لهذه المفاوضات، بعد أن تحفظت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما على دعم موقف مصر التفاوضي بشكل يجنبها إجراءات حادة قد تفتح الباب أمام اضطرابات اجتماعية قد تهز النظام الحاكم. وربطت واشنطن بين تقديم خطاب ضمان أمريكى خاص بمصر لصندوق النقد وتبنى حكومة الرئيس مرسى نهجًا يقترب من مواقف المعارضة والوصول إلى توافق معها فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية والكف عن أى ممارسات تمس بحرية الإعلام أو المساس بالرموز السياسيًّة. وطالبت واشنطنالقاهرة بخوض المباحثات مع صندوق النقد على أسس اقتصادية بحتة وإقرار عدد من خطوات هيكلة الاقتصاد لمواجهة العجز المتزامن فى الموازنة وعدد من المشكلات المزمنة، وهو ما دفع القاهرة لاتخاذ قرارات قاسية فى استقبال بعثة الصندوق، منها رفع أسعار أسطوانة الغاز من 260قرشًا إلى ثمانية جنيهات ومن قبلها رفع الضرائب على مائة سلعة. ولم تستبعد المصادر أن تدفع ضغوط صندوق النقد، الحكومة المصرية إلى اتخاذ إجراءات أشد قسوة منها إجراء خفض جديد فى قيمة عملتها الرسمية الجنيه ورفع أسعار الطاقة والمحروقات وعلى رأسها السولار والبنزين بشكل يشعل تضخمًا لا تستطيع حكومة مرسى ذات الشعبية المتآكلة مواجهته خلال المرحلة القادمة. وقالت المصادر ذاتها، إن صندوق النقد الذى تلعب القوى الأوروبية، الدور الأهم فى تحديد مسار مفاوضته تلقى تعليمات من عواصم أوروبية مؤثرة بضرورة تبنى سياسات متشددة حيال الحكومة المصرية ودفعها لتبنى قرارات جريئة فيما يخص الحد بشكل كبير من الدعم النقدى والعينى والخاص بملف الطاقة لإنقاذ الاقتصاد المتعثر دون أن تضع فى الاعتبار تبعات مثل هذه الخطوات. ويرى الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن حالة البرود النسبية التى تمر بها العلاقات المصرية الأمريكية قد أثرت بالسلب على الموقف الأمريكى من جهود مصر للحصول على القرض، حيث ربطت واشنطن بين تهدئة الأوضاع السياسية والتقارب مع المعارضة لدعم محاولات مصر للحصول على القرض. وكشف الدكتور حمدى عبد العظيم، العميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، عن أنَّ جولة المفاوضات التى بدأت بين صندوق النقد الدولى وحكومة الدكتور هشام قنديل ستكون الأصعب، حيث ستطالب بعثة الصندوق القاهرة باتخاذ إجراءات قاسية فيما يتعلق بالدعم العينى المقدم لشرائح واسعة من المجتمع، فضلا عن تحريك ملحوظ لأسعار المحروقات بشكل يقود لاشتعال ثورة غضب بين الغالبية العظمى من الشعب التى لن تتحمل مثل هذه الإجراءات القاسية فى ظل حالة الركود التى تعانى منها مصر خلال الفترة الأخيرة. رجح ألا تستطيع جولة المفاوضات الحالية إحداث اختراق مهم فى هذا الصعيد رغم استجابة مصر الملحوظة لمطالب الصندوق ومنها تحريك الأسعار وإعادة هيكلة الدعم وزيادة الضرائب والرسوم الجمركية على عدد من السلع والبضائع، مشيرًا إلى أن اجتماعات مجلس إدارة الصندوق التى ستقعد واشنطن أوائل الشهر القادم.