أكرمني أخي الكاتب بصحيفة الوطن السعودية عبدالرحمن الوابلي بالتعليق عن مقالة سابقة خصصتها عن التعليم والمعلم، وأتفهم ايماءته - ابتداء- عن برنامج طاش الرمضاني – وقد صورني في مقالته بأنني أزعم أن حلقة طاش نسفت التعليم ..كذا!!- فهو أحد كتّاب السيناريو بذلك البرنامج، وأحمد له حلقة عن اللبرالية السعودية- كانت بيضة الديك في ذلك البرنامج- ولم تكرّر بسبب ما جوبهت به من سخط الليبراليين. وهذه وقفات مع مقالة أخي الوابلي، وكلي أمل في اتساع صدره، فهو يذكر في مقالته (قسمتك ياقاسم قسمة ضيزى...!) بتاريخ 24 ذو الحجة 1430 أنني تطرقت لأسباب كثيرة أدت إلى انحدار مستوى التعليم، ثم يرجع ليقول: إنني "حصرت مشكلة التعليم في رسوم كاريكاتيرية وحلقة أو حلقتين من مسلسل طاش ما طاش"، وكلمة (حصرت) هنا لها معنى واحد لا يختلف عليه اثنان، وهو معنى يخالف ما ذكره الوابلي، الذي كان يكتب تحت عنوان (القسمة الضيزى)!! فالزميل العزيز يضع صورة نمطية عن المقالة ثمّ يناقش هذه الصورة التي نمّطها في ذهنيته الخاصة لوحده، ليدخل عبرها في النوايا. فمع وضوح فكرتي التي طرحتها، إلا أن الزميل يرى أن مقالتي لها ظاهر وباطن، فظاهرها الدفاع عن حق المعلم المهضوم مادياً ومعنوياً إدارياً، وباطنها إنكار وجود منهج خفي وفئة متشددة تسيطر على مدارسنا. وذهب أخي الوابلي كي يثبت وجود منهج خفي وفئة متشددة تسيطر على التعليم، بالاستشهاد بأن خادم الحرمين خصص تسعة مليارات لإصلاح التعليم، فمن أين للزميل مثل هذا الربط، وهو يقرّ في بداية مقاله بالتردّي الإداري والمادي في قطاع التعليم عندنا - وقد نصصت في مقالي إلى وجود خلل ينبغي إصلاحه وأن من واجب الإعلام المساعدة في ذلك- فمن أين لأخي الوابلي أن تلك المبالغ مخصصة لتخليص التعليم من ذلك المنهج الخفي الذي يتحدث عنه، مع أننا لم نسمع يوماً من أي مسؤول تصريحاً بأن هذا المبلغ مخصص للقضاء على منهج خفي في المدارس، أو فئة متشددة تسيطر على التعليم العام. فإن كان لدى الوابلي شيئاً من هذا فليكرمنا به. يفترض بأخي الوابلي أن يطرح فكرته على أنها وجهة نظر، وليس له أن يحوّلها إلى حقيقة مسلمة يحاسب عليها الآخرين، فإن كان هو يرى أن التعليم عندنا تسيطر عليه فئة متشددة، فنحن درسنا في المدارس ودرَّسنا فيها، ومرت بنا نماذج عالية من المعلمين القدوات في الوسطية والاعتدال، سوف نحتفظ بذكراهم ما حيينا، ولم نعرف شيئاً عن هذا المنهج الخفي، اللهم إلا إذا كان التشدد عند الوابلي رديفاً للتدين، فنحن نقرّ له أن المعلمين في مدارسنا يغلب عليهم طابع التدين الوسطي الذي عليه المجتمع وولاة أمر هذه البلاد. عموما، مقالة العزيز الوابلي تنتمي لتيار (ردة فعل سبتمبر)، حيث سادت موضة تجريم مناهج التعليم، بل وجميع برامج الدولة (التعليمية والدينية)، وأصبح هذا التجريم حقيقة مسلمة لا يجوز لأحد أن يتشكك فيها، فإن كان الزميل يرغب في أن يواصل التمسك بهذه الموضة، والسير بهذا الاتجاه، فليس له أن يلزم غيرَه بالسير معه، فنحن سنحتفظ بمنطق العقل الذي يقبل النقد المتزن، لكن –في الوقت نفسه-، يرفض التعامل مع شؤوننا الداخلية بمنطق الإدانة والتجريم. وبرأيي، لو أطعنا هؤلاء، فإننا سنجحد نعمة الوسطية التي تغلب على أهل هذا البلد، والتي أنجبت أجيالاً وقدواتٍ من أهل الاعتدال، لا يضرهم شذوذ من شذ تحت ضغوط مظالم أجنبية يبصرها الأعمى. يطلب مني الزميل العزيز أن أنادي بتحصين التعليم، مع أنني لم أطلب في مقالتي أكثر من هذا، فمن أهم طرق تحصين التعليم، رفع مستوى المعلم ومكانته الاجتماعية وقناعته وفخره بمهنته، وحمايته من رسامي الكاركتير المغالطين وممثلي الدراما الفجُج المنحازين لأجندة فكرية. استشهد أخي الوابلي بتقرير صادر عن لجنة من لجان المناصحة التابعة للداخلية، وأسأل كيف يستطيع أن يغفل الرفض الشعبي القاطع والمعلن لسلوكيات القاعدة، ثم يذهب ليتعلق بتقرير أولي يتحدث عن مدارس في جهة معينة...أليست هذه هي القسمة الضيزى. ثم مارأي الزميل في تصريحات لوزير الداخلية نفسه، تنفي وجود فكر متشدد أو دعوة للتطرف في مناهج التعليم؟ هل سيقبلها كما يقبل تقرير من إحدى لجان المناصحة؟ وأخيرا، انتقد أخي الوابلي قطعة نقلها من مقرر المطالعة للصف الأول ثانوي، جاء فيها أن فلسطين لن ترجع إلا بالجهاد المقدس. واعتبر أن هذا النص يعبر عن (تحريض ودموية)،وأتمنى عليه العودة إلى (غوغل) ومطالعة ما قاله ولاة أمر هذه البلاد ابتداء من الملك المؤسس ومرورا ببقية ملوكنا الغرر، وألفت انتباهه إلى حوار تلفازي للملك الشهيد فيصل يرحمه الله يتمنى فيها الشهادة بالقدس، وهآ نحن نرصد الكيفية التي استجاب فيها اليهود لمبادرة الملك عبدالله. وأخيرا، أقول: بل وَبلك يا وابلي : عارضٌ عرم، وتاريخ مقالتي(6 /12 وليس 6 /11)، ردا على تصحيحه لتاريخ المسرحية، وواحدة بواحدة –أخي الحبيب- والبادي:أجمل. [email protected] * إعلامي سعودي