شهد اجتماع لجنتي الإسكان والإدارة المحلية بمجلس الشعب أمس برئاسة عبد العزيز مصطفى وكيل المجلس وحضور وزيري التنمية المحلية والإسكان ومحافظ القاهرة اتهامات برلمانية للحكومة بمخالفة تعليمات وتكليفات الرئيس حسني مبارك بمساندة محدودي الدخل. واتهم النواب خلال مناقشة البيان العاجل المقدم النائب مصطفى السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة باستخدام الأساليب "الإرهابية" في إزالة المساكن المأهولة بالسكان في منطقة عزبة الهجانة، حيث وصل الأمر إلى حد إنزال السيدات بقمصان النوم ومنهم زوجات ضباط شرطة. وحذر النواب من خطورة الموقف وحالة الاحتقان والغليان التي أصابت الرأي العام جراء قمع السكان، وقال فكري زلط النائب عن الحزب "الوطني" في سخرية شديدة: "صحي النوم يا حكومة كنتِ فين في الفترة الماضية"، وطالبها بالابتعاد عن استخدام القمع والإرهاب ضد المواطنين بعزبة الهجانة. وطالب النائبان حازم حمادي وأحمد أبو حجي بضرورة محاسبة محافظ القاهرة والمسئولين فيها بتهمة التقاعس على مدار السنوات الماضية في التغاضي عن عمليات البناء هناك دون الحصول على موافقات، وقالا إن الفساد والرشوة وراء ظهور العديد من العشوائيات على مستوى محافظات القاهرة. وأكد أبو حجي أنه يحزن على موقف حكومة الحزب "الوطني" الذي ينتمي إليه، وقال إنها حكومة ينقصها ثقافة الاعتراف بالخطأ، وأضاف: لن ينصلح حال تلك الحكومة التي تخطئ في حق الشعب المصري، ولا يعقل في بلد منيلة بستين نيلة أن تصدر قرارات بإزالة أبراج عزبة الهجانة المأهولة بالسكان. وتساءل: أين الدولة عندما بدأت تلك المخالفات، وقال: للأسف لدينا نظام مفكك ولا نستطيع أن نصف حكومتنا بأنها حكومة مستقرة، مشيرا إلى أنه عندما كان في الصين أكد له العديد من القيادات الصينية أن مصر لن تحدث فيها تنمية بسبب البيروقراطية وعدم التزام الحكومة المصرية بأي التزامات دولية. بدوره، شدد النائب مصطفى السلاب النائب عن دائرة مدينة نصر التابعة لها عزبة الهجانة على ضرورة الوقف الفوري لقرارات الإزالة، وقال: إننا أمام قضية جماهيرية بكل المقاييس وأمام مواطن وطفل وامرأة يصرخون ويشردون في الشارع بعد إزالة وحداتهم السكنية، وحذر من أن الوضع صعب جدًا وخطير والمواطن غير مسئول عن شرائه وحدة سكنية لتلك العقارات التي لم تحصل على أي تراخيص بعد أن رفض حي مدينة نصر إعطائها أي تراخيص. وقال إن عزبة الهجانة يسكنها نحو مليون و200 ألف مواطن نحاول تهدئتهم منذ سنوات ماضية بسبب حرمانهم من كافة المرافق والخدمات والتي لم يأت منها سوى القليل منذ أربع سنوات فقط، وأشار إلى أن تلك المنطقة يوجد بها نحو عشرة آلاف عقار بدون ترخيص والقضية ليست في 28 عقارًا أو 700 عقار. وشاطره الرأي النائب عصام مختار، قائلا إن هذه المباني لم تقم في يوم وليلة، وإن الأصل الوقاية قبل العلاج، وتساءل: أين كانت الدولة من تلك المخالفات ولماذا لم تصدر نشرات توعية للمواطنين كما تفعل في قانون الضرائب العقارية وقانون المرور، وتابع: للأسف الحكومة تقوم بعمل هذه النشرات التي تجلب عليها الأموال في صورة جباية. وأيده في ذلك النائب علاء عبد المنعم، الذي طالب بإحالة كافة المسئولين بمحافظة القاهرة وحي مدينة نصر إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، وقال: لماذا نحاسب الآن المواطن ولا نحاسب الموظف المسئول، وتساءل: أين الحكومة ومحافظة القاهرة من "كبار القوم" الذين قاموا ببناء أبراج مخالفة بالعبور بمدينة نصر ومبنى الرقابة الإدارية؟، واستدرك: للأسف القانون يطبق على الغلابة فقط. وأكد النائب رجب هلال حميدة "أننا مع تطبيق القانون لكن هناك من تجاهل القانون ولم يقم بتنفيذه وهم رجال الإدارة المحلية"، وقال: علينا أن ندافع عن الفقراء ومحدودي الدخل وأن نخرج بقرارات لصالح هؤلاء القاطنين بتلك المنطقة. في المقابل، طمأن الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة النواب، قائلا إن قرارات الإزالة لن تقترب من قريب أو بعيد من الأبراج المأهولة بالسكان، وقال إن الإزالة تتم حاليا لعقارات مازالت في بدء الإنشاء، وإن عدد العقارات الصادر بها قرارات إزالة هي 28 عقارا فقط وليس كما ذكر في البيان العاجل. ونفى بشدة أن يكون قرارات الإزالة شاملة هذا العدد الكبير من العقارات، وقال إنه لا يستطيع مختل عقليا أن يصدر قرار بإزالة 700 عقار سكني مرة واحدة، ودافع في الوقت ذاته عن المسئولين بالأحياء وقال إنهم قاموا بواجبهم في إصدار قرارات وقف المباني وعمل محضر باستمرار العمل بالمباني، وتابع: في النهاية لا نستطيع عمل أي شيء ونحيل الأمر للنيابة التي يمثل الأمر للقضاء الذي يصدر حكمه بعد عام ونصف العام. وانتقد وزير بشدة سلوكيات الشعب المصري، وقال: للأسف نحن شبعنا عشوائي وفوضوي والقانون في مصر لا يتم احترامه، وقال نريد أن نحترم القانون، مشيرا إلى أنه تلقى تقريرين يحملان العديد من التحذيرات ويتوقعان وقوع كوارث مستقبلية داخل عزبة الهجانة، الأول من وزارة الإسكان والآخر من وزارة الطيران المدني. وتساءل المحافظ: من يتحمل الكارثة هل مجلس الشعب أم الحكومة؟، وقال إنني لن أتحمل هذه الكارثة ولن أنتظر أن نخرج المواطنين من الأنقاض، وحذر من أن ترك الأمور بهذه الصورة أمر خطير وسوف تعود ثورة العطش وثورة الجراكن وستعوم مدينة نصر على بحيرة من الصرف الصحي إذا تركنا هذا الامتداد السرطاني، على حد تعبيره. وحذر وزير من تكرار الكارثة في مناطق أخرى بالقاهرة يتسم فيها البناء بالعشوائية، وأضاف: نحن واقعين في تلك المصيبة أيضا في المرج وفوضى شارع الترعة التوفيقية ولقد حذرت محافظة القاهرة في عام 2008 في صحيفتي الأهرام والأخبار المواطنين من الوقوع في مثل هذه الأمور. وقال: إنني لا ألوم النائب مصطفى السلاب في تقديمه للبيان العاجل حيث أنه يدافع عن أبناء دائرته، لكن يجب أن نوضح الحقائق، وإننا نحاسب أي مسئول أخطأ، وهناك رؤساء أحياء تم عزلهم، وهناك من حكم عليهم بالسجن، وهناك من يتم محاكمتهم، وختم قائلا: نريد وقفة من أجل هذا البلد لأنه لا يوجد كرسي دائم لأحد. من ناحيته، قال أحمد المغربي وزير الإسكان إنه يعتقد أن أبراج عزبة الهجانة لم يقم ببنائها المواطن البسيط لكن الذي بناها "حوت" على أرض ملك للدولة وللشعب، وأضاف: أننا أمام قضية تحمل صفة العمومية، ونحن قادرون على إيجاد الحلول، واصفا نفسه بأنه من الجيل الذي كتب عليه أن يحمل مشاكل سنين مضت. لكن النائب علاء عبد المنعم وصف ما تناوله المحافظ بأنه غير صحيح وأنه يجب الرد عليه، وقال إن المحافظ يؤكد أن قرارات الإزالة تمت لمساكن خاوية من السكان في حين أكد نائب الدائرة مصطفي السلاب أن هذا غير صحيح وأن هناك سيدات تم إخراجهن بقميص النوم، وقال: "إما نحن كذابون أو المحافظ هو الكذاب". نائب عكس التيار أمام لجنة برلمانية. وعلى خلاف النواب، حذر النائب فايز أبو حرب نائب شمال سيناء من خطورة عدم تطبيق القانون علي الأبراج المخالفة، وقال إن مافيا الاستيلاء علي أراضي الدولة تقوم ببناء الأبراج وتقوم بإعطاء عدد من الوحدات السكنية إلي كبار المسئولين في الدولة من قضاة ومستشارين وقيادات أمنية حتى يمكن لهؤلاء التصدي للقرارات الصادرة بالإزالة. وقال إن يتم أعطاء هؤلاء الوحدات السكنية بمبالغ بسيطة في صورة هدية، مشيرا إلى أنه نفسه اشترى وحدة سكنية سوبر لوكس 180 مترا بمدينة الحرفيين مقابل 90 ألف جنية، لكن بعد شرائها بهذا المبلغ الزهيد اكتشف أن هذه الأبراج الموجودة بالمنطقة لن يدخل إليها عدادات للكهرباء رغم وجود التيار الكهربائي بها والمرافق، وقال: عندما علمت بذلك قمت ببيع الشقة وكسبت فيها حتى لا يقال أن نائبا بمجلس الشعب قام بشراء وحدة سكينة بعقار مخالف. وقررت اللجنة عقد اجتماع آخر صباح الأربعاء القادم لإعداد تقرير عاجل يعرض على مجلس الشعب في جلساته القادمة.