يتحدث الناس كثيراً عن الزعماء في مواهبهم وإمكاناتهم وكفاحهم وجهودهم من أجل قضية عادلة واضحة ناصعة البياض أو في تضحياتهم بالنفس والمال والوقت والراحة فيأتون علي أنفسهم وبيوتهم وأهليهم وذريتهم وأعمالهم وأموالهم نصراً للفكرة التي يؤمنون بها وينذرون حياتهم لها وما أكثر هؤلاء الزعماء في تاريخ أمتنا المجيدة يُشار إليهم بالبنان ولاسيما في وقت المحن والشدائد فينهضوا بالأمة ويأخذوا بأيديها إلي بر الأمان يفتح الله لهم وعلي أيديهم يأتي الخير للبلاد والعباد وعلي الجانب الآخر هناك بعض الزعماء يفشلون فشلاً ذريعاً في إثبات زعامتهم رغم ما يبذلونه من جهد ومال وإعلام يحرقون البلاد والعباد لينالون تلك الزعامة الزائفة يمتلك (مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)"الزعيم يلهط علي طول" يفرح بكنوزه ولا يؤدي شكرها يفسد ولا يصلح يبتغي بها الدنيا يتكبر علي العباد يظن في نفسه القوة المطلقة وهو أضعف من بيت العنكبوت يضحي بالشعب من أجل رغباته ونزواته ليعيش ويسعد ويهنأ فلا ضير أن يجعل بعض الشعب معتقلاً أو سجيناً أو جباناً أو لصاً أو مدمناً أو منحرفاً أو معارضاً مستأنساً أو عميلاً أو جاسوساً حتى يتمكن هو من كنز المليارات في البنوك وشعبه لا يجد قوت يومه ينادي بمبادئ وأفكار هو أبعد الناس عنها فينادي بالحرية مثلاً والسجون والمعتقلات ملئ وينادي بالمساواة والعدالة الاجتماعية وتجده يتمايز في كل شؤنه في مأكله ومشربه وملابسه وسيارته وأمواله ولديه الملايين والمليارات التي يكنزها في البنوك والعقارات والعزب والأراضي والممتلكات المتعددة ينادي بالسلم والسلام ويده ملطخة بدماء الأبرياء يدعوا لتداول السلطة ولا يتركها ولا يرضي بغير نفسه بديلاً وينادي بالعدل حيناً وشعبه يئن تحت سياط عدالته يُعمل فيهم قتلاً وتعذيباً ونفياً وإبعادا يتخلص من كل من يخالفه الرأي والفكر والتوجه بل يتخلص من رفقاء الضرب والأصدقاء طمعاً في السلطة وحتى يظل الزعيم الأوحد الملهم الموهوب يقلب الحقائق ويقتل بالمظنة والشبهة ويحارب الفضيلة "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" ينادي بالفضيلة وهو مغموس في الرذيلة (قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) ماهر في التدليس والخداع والتأمر والصدامات والتمثيليات المفبركة ووهم الجماهير ويتخلص من الصالحين المصلحين (شعاره عداوتهم مدي الدهر) يَتهم بالباطل وينسج الخيالات حتى تصير حقائق علي الأرض كل ما يعنيه هو "الكاريزما" "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ" يَعد بما لا يمتلك بلا حدود وبلا ضمير يهيج المشاعر دون الوقوف علي أرض صلبة يجازف بلا علم ولا خبرة بإمكانات وطنه ومستقبل شعبه يُغير المفاهيم ويستخف بالعقول " وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ" يعبد نفسه وذاته تكبر لديه الأنا والأنانية (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) يطلب السلطة والجاه والسلطان بأي طريق ولو علي حساب دينه وآخرته وبني قومه [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]