خبير استراتيجى: لا يمكن أن تكون هذه اللجان بديلًا عن الشرطة ولن تحقق الأمن بشكل دائم للمواطنين بائع متجول فى التحرير: جميع أصحاب المحلات المحيطة بالتحرير لديهم أسلحة نارية للتصدى للبلطجية مهندس بمول البستان: غير مقبول إن شوية "عيال مبرشمة" يقعدونا فى البيت خبير أمنى: القول بأن هذه اللجان تحل محل الشرطة "عبث"، وأيضًا غير مقبول أن تساعد الشرطة اللجان الشعبية ليست أمرًا مستحدثًا في مصر، فعلى مر التاريخ تعرضت مصر لغزوات من القوى الاستعمارية، وكان المواطن العادى هو الذى يتصدى لمقاومة الجيوش الغازية، والذى طرد حملة نابليون من مصر المقاومة الشعبية، والذى أخرج الإنجليز من مصر هي المقاومة الشعبية، والذى تصدى للعدوان الثلاثى على مصر عام 1956 كانت المقاومة الشعبية، وتجلى ذلك فى بورسعيد بالذات التى ضربت مثلًا يحتذى به ويذكره لها التاريخ، كذلك حينما دخلت قوات الجيش الإسرائيلى مدينة السويس خلال حرب أكتوبر 1973، تصدى لها شعب السويس وكانت هناك ملاحم وطنية عظيمة أبطالها المواطنون العاديون غير المدربين، لكنهم حققوا النصر على الأعداء. وخلال أيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عادت للشعب نفس الروح الوطنية المخلصة حين انسحبت الشرطة، حيث تشكلت لجان شعبية من كل بيت في كل شارع وفي كل حارة، وشكلوا مجموعات تصدت للبلطجية والمساجين الهاربين الذين أطلقوا كالكلاب في الشوارع لترويع الناس، وسهروا الليل أمام المنازل بشكل جعل البلطجية يتراجعوا، وتكاتفوا بشكل مبهر وبشهادة الكثيرين فكانت من أكثر الفترات أمانًا واطمئنانًا. الآن وبعد عامين من قيام الثورة وفي ظل عمليات الحرق والتخريب التي يقوم بها البلطجية وميليشيات مثل البلاك بلوك، وفي ظل قطع الطرق وتعطيل المواصلات وافتعال أزمات دائمة وسقوط قتلى وجرحى وأداء لا يرضي الكثيرين من قبل قوات الشرطة, في ظل كل هذا تعالت أصوات تطالب بتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت الحيوية في حالة وجود أي تهديد لها أو للتصدي لهجمات البلطجية والبلاك بلوك وغيرهم من المخربين على المنشآت العامة والخاصة كالهجوم على اتحاد الكرة والهجوم لأكثر من مرة على فندق سميراميس، وكان من أبرز المنادين بتشكيل تلك اللجان الجماعة الإسلامية وخاصة المهندس عاصم عبد الماجد، والجبهة السلفية، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل. وعن رأي المواطنين بخصوص ضرورة تشكيل اللجان الشعبية من عدمها وما إذا كانوا سيشاركون فيها, يقول محمد ربيع - بائع جائل بأحد مداخل ميدان التحرير -، لقد تعودنا على مواقف صعبة جدًا, فمنذ فترة قريبة هجم علينا رجل سكران من المقيمين في ميدان التحرير وكان يتعرض للمارة شاهرًا سلاحه الأبيض وفور رؤيتنا لهذا الموقف هب الجميع للتصدي لهذا الشخص، ولولا تعاوننا معًا لكانت العواقب وخيمة، وهي ليست الحادثة الأولى من نوعها فهجمات بلطجية التحرير لا تتوقف, وكان لنا دور أيضًا حين هجمت مجموعة من البلاك بلوك على سوق التوفيقية فهرعنا إليهم جميعًا، وقد قررنا فيما بيننا تشكيل نوع من اللجان الشعبية فأخذنا أرقام بعضنا البعض حتى إذا حدث أي اعتداء نكون لهم بالمرصاد, فلن نسمح بمحاربتنا في لقمة عيشنا وكلنا لدينا بيوت نصرف عليها وأولاد نريد تربيتها. وقبل أن ينهي كلامه قال ما أراه أمرًا في غاية الخطورة, وهو أن أغلب أصحاب المحلات والباعة الجائلين في منطقة وسط البلد مسلحين وكثير منهم يمتلك أسلحة نارية وبالطبع غير مرخصة لرد الهجوم عليهم إن حدث، وقد استخدموه بالفعل في مواقف مختلفة. فيما قالت الحاجة زينب - بائعة مناديل عند مدخل ميدان التحرير - نريد من يحمينا من بلطجية التحرير، لأنهم أصبحوا خطرًا على الجميع، فقد كسروا فرع التوحيد والنور في وسط البلد وغيرها من المحال التجارية، هذا بخلاف الاعتداء على المواطنين وسرقتهم بالإكراه, وأضافت: لقد رأيتهم بعيني وهم يتعرضون لسيارة أجرة ماسكين مواسير حديد، وكادوا أن يقتلوا الرجل لولا أني توسلت إليهم ليتركوه دون أن يفعل أحد أي شيء معهم. وأضافت نحن نراهم وهم يأخذون مبالغ كبيرة مقابل أعمال التكسير والحرق والتخريب والغريب في الأمر أن الجميع يخشى التصدي لهم, حتى أن أحد البلطجية المسئول عن عمل حاجز عند بوابة الميدان قال: "لو جاء مرسي بنفسه لن أفتح له بوابة الميدان"، وقالت: نريد من يحمينا.. أين شهامة المصريين؟ يجب أن تكون هناك أعداد كثيرة كي يتمكنوا من التصدي لهم. وقال المهندس هشام - صاحب محل لصيانة الحاسوب في مول البستان الذي تعرض للهجوم والتكسير من قبل البلطجية - إن الهجوم على المول حدث بسرعة رهيبة، فقد ألقت مجموعة من الملثمين زجاجات فارغة على واجهة المول وفروا هاربين، فلم نستطع اللحاق بهم، وأنا لست طرفًا في صراع سياسي أنا مواطن مصري عادي، لماذا يحاربون الناس في لقمة عيشهم؟ ألا يكفي الصعوبات المادية وركود السوق؟ وتساءل: أين الأمن من كل هذا؟ وحتى لو تمكنا من عمل لجان شعبية فنحن غير مسلحين فكل ما نقدر أن نحمله عصا أو ما شابه ذلك فكيف لنا أن نصد هجمات بسلاح ناري, واشتباكنا معهم قد يؤدي إلى سلسلة من العداوات فإذا أصيب أو قتل آي من المعتدين سوف يأتي رفاقه ليأخذوا حقه وتكون غابة, لكن بعد أن تم الهجوم علينا على غرة اتفقنا أن نتكاتف، وأن الكثرة لابد وأن تغلب الشجاعة, وأضاف: "مش ممكن شوية عيال مبرشمة يقعدونا فالبيت". وفي هذا الصدد قال الخبير الاستراتيجي اللواء دكتور زكريا حسين - المدير السابق لأكاديمية ناصر العسكرية -: لن يتكرر سيناريو 25 يناير فنحن الآن أمام أمر مختلف، فهناك شعور عام بعدم الأمان، وما تشكل من لجان شعبية في حينها لن يفلح الآن، فحينها كانت ثورة عارمة وملايين خرجوا في أغلب محافظات الجمهورية متوحدين تحت مطلب واحد ولكن اليوم الموقف مختلف فهناك ضغوط اجتماعية ونفسية كثيرة ألمت بالشعب المصري هذا بخلاف الضغوط المادية التي وتتزايد يوم بعد يوم, و بالتالي لا يمكن المقارنة بين الحالتين. وأوضح الدكتور زكريا أن دعوات إقامة لجان شعبية هي نتاج أهداف خاصة تدفع بها الجماعات الإسلامية، وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين لتفعيل ميليشياتهم, وإذا استمرت تلك الدعوات وتشبسوا بها ستدخل البلاد في فوضى عارمة وحرب أهلية، لأن الشعب المصري غير موهل للقيام بهذا الدور. فيما قال الخبير الأمني محمود قطري إن اللجان الشعبية كلمة حق يراد بها باطل في هذا الوقت بذات, لأنها ستفسد المجتمع تمامًا, إذا كانت وسيط بين الشرطة والمواطنين فهو أمر مرفوض تمامًا بحجة أنها تساعد الشرطة، وتحت إشرافها هذا عبث, فهناك دعوات لتشكيل لجان شعبية كثيرة، وهناك من يدعو لتشكيل لجان تحل محل الشرطة بشكل كامل ومنهم من يدعو لمعاونة الشرطة، وغيرها من الدعوات التي ستضر ولن تنفع. وأكد أن الأمن يجب أن يكون تابعًا للدولة، فلا يمكن أن يكون الأمن العام أمنًا خاصًا, وأنه إذا كانت هذه الدعوات لإدخال عناصر من الإخوان في الداخلية فليدخلوا بشكل قانوني، فلابد أن يعمل الجميع تحت راية الداخلية. وقال إن لابد أن تكون هناك منظومة أمنية معروفة وهي المنظومة الشرعية كي لا يكون هذا باب لتشكيل منظومات بديلة مجهولة. لكنه أكد على أن الاستناد في حل المشكلات على الحل الأمني فقط لن يجدي نفعًا, فحل أصل المشكلة هو الأكثر نفعًا، وأن تكون هناك آلية لاستدعاء المسئول والتحقيق معه، فهذا سيقلل من حالة الاحتقان, ويجب على أجهزة الأمن تفعيل الأمن الوقائي فيكون التعامل قبل وقوع المشكلة وليس بعدها وهذا يعتمد على التعاون بين جهازي الشرطة والمخابرات، لمحاولة تقليل الضرر قدر الإمكان. كما اقترح حل بديل عن استخدام العنف المفرط واللجان الشعبية على حد سواء وهو إرسال عناصر من المخبرين بزي مدني وسط المتظاهرين فإذا رأوا من يحمل سلاح أو مولوتوف أو غيرها من الأشياء إما أن يقبضوا عليه أو يلتقطون له صورًا أو حتى يجمعوا معلومات عنه لتحدث عملية الفرز، وكي لا يضار بريء. وأخيرًا يقول خالد الشريف - المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية - إن اللجان الشعبية دورها اليوم هو مواجهة "الثورة المضادة" والمأجورين المخربين في ظل إضرابات الشرطة، وإنها ستكون من المتطوعين تحت تصرف وزارة الداخلية ويقتصر دورها فقط على مواجهة أعمال التخريب وترويع الآمنين.