أكد الرئيس حسني مبارك أن مصر تقيم علاقتها الخارجية على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وأنها لن تقبل المساس بأبنائها أو التطاول عليهم أو امتهان كرامتهم، وأضاف متحدثا أمام أعضاء مجلسي الشعب والشورى في جلسة مشتركة أمس، أن رعاية المواطنين المصرين في الخارج هي مسئولية الدولة. وكان يشير بذلك إلى الاعتداءات التي طالت عددا من المصريين على يد مشجعين جزائريين في الجزائر والسودان على خلفية مباراة كرة القدم بين منتخبي البلدين، وهي التصرفات التي أثارت استياء الحكومة المصرية ودفعتها لإعادة سفيرها من الجزائر للتشاور في أعقاب تلك التطورات، وإبلاغ السفير الجزائري بالقاهرة احتجاج مصر على ذلك. وأثارت كلمات الرئيس مبارك حماس النواب والوزراء والشخصيات العامة التي حضرت الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى، وقال الرئيس متوجها إلى النواب الذين رفعوا بعضهم علم مصر وطالبوا بإثارة قضية الاعتداءات الجزائريين على المصريين في السودان والجزائر، "مش عاوزين ننفعل بسرعة وأنا معاكم ننفعل بس نمسك أنفسنا". وقد استجاب الرئيس مبارك لدعوات النواب بتكرار عباراته عن حماية المصريين، فقال: أقول بكلمات واضحة إن كرامة المصريين من كرامة مصر، وأكرر لا تهاون مع من يسئ لكرامة أبنائنا، وعندما طالبه النواب بالتكرار، قال لهم مداعبا "إللي بيكرر "أم كلثوم" مش إحنا"، وعاد الرئيس ليؤكد "نحن نقيم علاقاتنا الخارجية على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة". وكانت مصادر برلمانية كشفت عن تلقي مجلس الشعب تعليمات سياسية بتهدئة الأجواء حول أحداث مباراة مصر والجزائر، وذلك بعد أن شهدت اللجنة العامة للمجلس بعد انتهاء الرئيس مبارك من إلقاء خطابه خلافات حادة بين الأعضاء حول المعالجة البرلمانية لهذه الأحداث، وتقرر الاكتفاء بالمناقشات داخل اللجان فقط بعد الإشارات المختصرة للرئيس لهذه الأحداث في خطابه. وكشفت المصادر عن تلقي الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب رسالة من رئيس البرلمان الجزائري حمل فيها الإعلام المصري خاصة بعض الفضائيات الخاصة مسئولية تصعيد الأحداث. في غضون ذلك، طالب أعضاء مجلس الشعب بإعادة النظر في السياسة الخارجية المصرية وتعاملها مع كافة قضايا الدول العربية والأوروبية، داعيين إلى تبنى مواقف سياسية من شأنها وقف الاعتداءات التي ترتكب في حق المواطنين المصريين وإهدار دمائهم وكرامتهم . وأعلن النواب عن تقدمهم بمشروعات قوانين لمناقشتها خلال الدورة البرلمانية الجديدة تهدف إلى حماية المصريين وإعادة هيبة للعاملين بالخارج، حيث شدد النائب مصطفى السلاب، وكيل اللجنة الاقتصادية، على ضرورة وجود آليات جديدة للتعامل مع كافة الدول، وإيجاد قواعد تضمن احترام من يحترمنا وإهانة من يهيننا. وأشار إلى أنه سيتقدم مشروع قانون للمجلس يتضمن العديد من الإجراءات القانونية لمواجهة من يحاول إهانة مصر أو المصريين سواء بالداخل أو بالخارج، وتتضمن العقوبات منع من يحاول إهانة مصر أو المصريين من الدخول إليها نهائيًا، وتجميد شركاته وأمواله وممتلكاته الموجودة على أرض مصر. بينما دعا النائب الرفاعي حمادة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة الخارجية المصرية، وارتداء ثوب جديد للحفاظ على كرامة مصر والمصريين بالخارج، وحمل وزارة الخارجية المصرية المسئولية عن الأحداث الأخيرة، قائلاً: إنني أحمل الخارجية مسئولية ما حدث للمصريين بالسودان على أيدي الجماهير الجزائرية التي كانت في الأصل من أرباب السوابق والقوات الخاصة التي جاءت على طائرات عسكرية إلى السودان . وتساءل: أين مسئولية الأمن في السفارة المصرية في الجزائر أو السودان وأين السفيرين المصريين من هذه الوقائع؟، وهل قامتا السفارتان المصريتان بإبلاغ الخارجية المصرية بهذه الوقائع الخطيرة؟. من جهته، أعرب النائب محمد خليل قويطة، وكيل لجنة العلاقات الخارجية عن أمله في أن يناقش مجلس الشعب خلال هذه الدورة مشروع قانون تقدم به يهدف إلى منح مصر الحق في محاكمة أي أجنبي يهين أو يعتدي على أي مصري بالخارج أمام المحاكم المصرية . وأعرب عن أسفه لعدم وجود أي مادة بقانون العقوبات المصري تضم بهذا النص، قائلاً: للأسف هناك عداءً واضحًا من بعض الدول العربية ضد مصر، رغم ما قامت به من تضحيات سطرها التاريخ لتحرير هذه الشعوب من الاستعمار والجاهلية . في السياق ذاته، حمل الدكتور جمال زهران وزارة الخارجية مسئولية ما يحدث للمصريين بالخارج نظرًا إلى عدم تحركها في الوقت المناسب لموجهة التحرشات والاعتداءات المتكررة والتي نقرأها بالصحف، وأكد أن اعتداءات الجزائريين على المصريين بالجزائر والسودان يستوجب لقاءً عاجلاً يجمع بين الرئيسين المصري حسني مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة لوضع النقاط على الحروف وتضميد الجراح. وأوضح أنه سيتقدم ببيانٍ عاجلِ إلى رئيس مجلس الوزراء ووزراء الخارجية والإعلام والطيران حول الأحداث الأخيرة المؤسفة التي شهدتها مباراة مصر والجزائر، متهمًا وزارة الخارجية بعدم قدرتها على إدارة الأزمة وإلقاء مسئولية ما حدث على إعلام البلدين متناسية دورها في ضرورة معرفة هذا الحادث، بما يحدث وسيحدث لتجنب تلك الأحداث المؤسفة.