تقليل الاغتراب 2025.. رابط تسجيل رغبات تنسيق المرحلتين الأولى والثانية المعتمد    رئيس «القومي للطفولة» تزور محافظة الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة والمبادرات    تراجع سعر الريال السعودي أمام الجنيه في 7 بنوك الآن    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس في أسواق مطروح    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار    الصفقة تمت.. بإيرن ميونخ يوافق على انتقال كومان إلى النصر    لليوم الثانى .. إغلاق حركة الملاحة النهرية في أسوان وأبوسمبل لسوء الأحوال الجوية    «تعليم مطروح» تعلن الانتهاء من تجهيزات امتحان الدور الثاني للثانوية العامة    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    بعروض فنية.. انطلاق فعاليات المسرح المتنقل ل «قصور الثقافة» (صور)    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    وزير الصحة يستقبل رئيس هيئة الشراء الموحد لبحث تعزيز التعاون وتوطين صناعة مشتقات البلازما    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سلفيت والقدس    قرار جمهوري بإنشاء حساب المشروعات ب10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي.. تفاصيل    ريبيرو يستقر على بديل ياسر إبراهيم أمام فاركو    خوان جارسيا: لم أتردد لحظة في التوقيع لبرشلونة    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    فراعنة اليد في مواجهة نارية أمام إسبانيا بربع نهائي مونديال للشباب    "بالم هيلز" تستهدف إطلاق مشروعها الجديد في أبو ظبي بمبيعات متوقعة 300 مليار جنيه    إجراء 3 قرعات علنية للتسكين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة.. الإثنين المقبل    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    "بعد فيديو ال 3 سيارات".. التحقيق مع المتهمين بمطاردة فتاتين بطريق الواحات    اليوم.. جنايات القاهرة تنظر محاكمة عاطلين لحيازتهما الآيس بالوايلي    النيابة تحقق فى مطاردة 3 طلاب سيارة فتيات بطريق الواحات    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    فيديو.. أحمد سلامة ينتقد تصريحات بدرية طلبة الأخيرة: النقابة بتعرف تاخد أوي حق الممثل والعضو    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    تطورات الحالة الصحية ل«أنغام»    غدًا .. انطلاق أولى فعاليات مهرجان القلعة فى دورته الجديدة    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    "عربية النواب" تدين تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" وتثمن الموقف المصري    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    وزير العمل يعيد الإنتاج بالعامرية للغزل والنسيج بعد مفاوضات ناجحة    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    بسبب أمم أفريقيا.. الأهلي السعودي يسعى للتعاقد مع حارس مرمى جديد    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان فى عالم التكتلات الاحتكارية [16]
نشر في المصريون يوم 15 - 11 - 2009

وقفت فى الحلقة السابقة عند هذا السؤال: كيف تم تخويف الأطباء من استخدام لاترايل؟ والحقيقة أن كلمة تخويف لا تعبر تعبيرا صحيحا عن المعنى الذى قصدته ، فالأمر كان أمر إرهاب لا مجرد تخويف ، وإليك هذا السناريو: قُدّم "هارفى هوارد" من سليمار بكاليفورنيا إلى المحكمة بتهمة بيع أقراص لاترايل لمرضى السرطان .. وكان أحد شهود القضية أمام المحكمة هو دكتور "رالف ويلرستاين" من وزارة الصحة العامة في ولاية كاليفورنيا .. سأله القاضي عما إذا كان هناك أطباء محترمون حسنُوا السمعة قد وصفوا لاترايل للمرضى؟ فأجاب: "مقدار علمي أن كل طبيب وصف (لاترايل) في كاليفورنيا من سنة 1963 حتى اليوم تمت محاكمته .. ولا يمكن أن يوصف مثل هؤلاء بأنهم أطباء محترمون...! ويعلق جى إدوارد جريفين صاحب كتاب "عالم بلا سرطان" فيقول: يبدو أن المعضلة التي تواجه الطبيب الآن تكمن في إجابته على هذا السؤال: هل يمكن أن يحافظ الطبيب على قسمه الطبي عندما بدأ اشتغاله بهذه المهنة .. وهل يمكن أن يحافظ على شعوره بالواجب الأخلاقي أن يفعل ما يعتقد مخلصاً أنه الأفضل لمريضه، أو أن يلتزم بالقواعد التي وضعها السياسيون مع بعض الأطباء نيابة عن أصحاب المصالح التجارية والصناعات الاحتكارية...؟ ويجيب: ": لأن الطبيعة الإنسانية تبقى على ما هي عليه فسوف يتبع قلّة من الناس المثل الأعلى وأما غالبتهم العظمى فلن تفعل ذلك .. وكان أكبر من تمسك بموقفه وتعرّض للاضطهاد الأليم هو دكتور "إرْنست كريبس" مكتشف دواء (لاترايل) ورائد علاج السرطان بالأغذية الطبيعية .. وقد دخل بسبب هذا في معارك عديدة مع الوكالة .. في خطاب له منشور بتاريخ 9 مارس 1971 منبّهاً صديقاً له هو الطبيب "جون ريتشاردسون" إلى ما ينتظره على يد السلطات إذا استمر في وصفه دواء لاترايل لمرضى السرطان، ومعلقاً في نفس الوقت على مقال لدكتور ريتشاردسون نفسه .. قال: إنه لمن الحكمة أن نؤكد أن الطبيب إذا اقتحم هذا المجال فليس أمامه طريق للهروب من كلماته المطبوعة .. إذ يمكن أن يكون لها آثار مدمّرة على مركزه المهنيّ وعلى أقرب الناس إليه وأعني بذلك زوجته وأسرته بل حتى على سلامة حياته الشخصية، ويتابع: "في محاضرة لى بلوس أنجليس يوم الخميس الماضي .. قامت سيدة مخلصة يبدو عليها القلق الشديد لتسأل هذا السؤال: لقد كنت طبيبة في الاتحاد السوفييتي، ولكني تركت بلادي وهاجرت إلى أمريكا اعتقاداً مني أنها بلد حرّة .. ولكني فوجئت بجمعية الأطباء الأمريكية تهدّدني إذا أصررْت على استخدام لاترايل في علاج السرطان فإنهم سيأخذوني إلى المحكمة ويسحبون مني ترخيص العمل .. إنني مقتنعة بطريقتك في العلاج وأود أن أتّبع أسلوبك فماذا أفعل...؟!". يقول دكتور كريبس: "أجبت السائلة فقلت لها: أعلم أنك تحملين على عاتقك مسئولية كبيرة في مجتمع يعاني من نقص شديد في عدد الأطباء .. إنسيْ لاترايل .. وأبذلي جهدك حيث أنت .. وبهذا يمكنك أن تكوني أكثر فائدة وفاعلية بدلاً من أن تزجّي بنفسك في معركة لست مستعدّة لها .. ولأنك تعلمت في مناخ الديالكتيك المادي ربما ستبتسمين كذلك ...! ربما أن الرّب لم يهيئك للالتحاق بالخدمة على هذه الجبهة الخطيرة ...! أما بالنسبة لي فأنا أعلم أن الرب قد حفزني على ذلك...". يقول جريفين إن إشارة دكتور كريبس إلى احتمال تعرّض حياة دكتور ريتشاردسون للخطر لم تكن إشارة إعتباطية ولابد أنه رأى مبرّرات لذلك .. ففي مكان آخر من رسالة دكتور كريبس نجد شرحاً مفصلاً للمسألة يقول فيه: "كما ستخبرك سكرتيرتي التي كانت معي في المحاضرة التي استغرقت خمس ساعات مثمرة عن السرطان حضرها أربعمائة مستمع .. ستخبرك أن الزجاج الأمامي لسيارتي أصيب بعيار ناري وأنا على الطريق عائداً إلى سان فرنسسكو .. وفي الليلة التالية أصيب الزجاج الخلفي للسيارة بطلق ناري على بعد 300 ميل من موقع الطلقة السابقة .. وكان تعليق رجل الشرطة على الحادث ربما أن شخصاً ما أراد أن يبلّغك رسالة ...! .. ولست أريد التفصيل في هذه الوقائع العنيفة .. ولكن لا ينبغي أن ننسى أن الراحل دكتور "آرثر تى هاريس" قد هُدّد بالقتل بواسطة رجلين إذا هو استمرّ في استخدام لاترايل في علاج مرضاه.. ومنذ ذلك الوقت قسّمنا العمل فيما بيننا بحيث إذا أصيب إثنين منا بطلقات [طائشة ..!] فإن برنامجنا يبقى قائماً حيّاً رغم الضغوط والتهديدات من هذا النوع الشرس .. ذلك لأنه يوجد كثير من الناس يتحدثون عن الشجاعة الأدبية والتمسك بالمبادئ ولكن عندما تتناثر الشظايا في المكان ويجدّ الجدّ فلن يبقى على الساحة إلا قلّة قليلة من الرجال في قلب المعمعة..". ويعلق جريفين قائلاً: "كان دكتور إرنست كريبس أحد هؤلاء الرجال .. منذ دافع (في رسالته لنيل درجة الماجستير) عن علاقة خلايا التروفوبلاست بالسرطان .. ثم كانت له أبحاث وتجارب على فيتامين بى 17 الذي اكتشفه واستخدمه في علاج السرطان، وفي ذلك يقول: لقد أكدّ لي المشرفون على رسالتي أنني إذا لم أطعْهم وأُذعن لإرادتهم وأسير في ركب القافلة وأكفّ عما وصفوه بالجموح فلن يعترفوا بي كباحث أكاديمي، ولن أحصل على درجة علمية ولا وظيفة في أي معهد علمي .. فقلت لهم: لا يهمّني كل ذلك فنحن ما نزال في بلاد يتمتع الناس فيها بالحرية ولسوف أخرج من هنا لأنشئ معملاً للأبحاث خاص بي..". لابد أن نذكر في هذا السياق قضية الدكتور "كانيما تْسُو سوجويرا" من مركز أبحاث كينزنج للسرطان الذي أعلن أن دواء لاترايل هو أفضل علاج ضد السرطان بين جميع الأدوية الأخرى التي قام بفحصها .. وكانت النتيجة أن رؤساءه شنّوا عليه حملات هجومية لمدة ثلاث سنوات لتجريحه وتجريح أبحاثه وتشويه سمعته العلمية ...!.
مأساة دكتور ريتشاردسون: في 2 يونيه سنة 1972 أُلْقي القبض عليه لانتهاكه قانون وكالة الأغذية والأدوية في كاليفورنيا باستعماله لاترايل في علاج مرضى السرطان .. هبط على عيادته ضباط الشرطة ومعهم مصورون من الصحف لتسجيل الواقعة ونشرها باالصوت والصورة على الملأ .. وضُعوا القيود الحديدية في يديه واقتادوه أمام مرضاه واثنين من مساعديه بعد أن بعثروا كل شئ في مكتبه واستولوا على أوراقه وملفّات مرضاه وأدوات أخرى وحملوه إلى السجن.. وكانت معركة دكتور ريتشاردسون القانونية معركة طويلة ومريرة جاهد فيها لتأكيد الحرية الطبية .. وبعد أن أنفق عليها أموالاً طائلة استهلكت كل مدّخراته أعلن القاضي أن الأدلّة غير كافية ومع عدم إجماع المحلفين على اعتباره مذنباً وأطلق سراحه .. ولم تستسلم وكالة الأغذية والأدوية لهذه الهزيمة وإنما بدأت تلجأ إلى أساليب مكيافيلية أخرى فاتصلت بجميع مرضاه لعلها تجد واحداً منهم متأفّفا من علاج دكتور رتشاردسون فتغريه برفع قضية ضده، وإغرائه بأنها ستقوم بدفع كل تكاليف القضية نيابة عنه .. ولكن لا أحد من هؤلاء المرضى قبل العرض، فيما عدا والد إحدى المريضات، كان دائم الاعتراض على علاج إبنته بأدوية غير مألوفة وكان يردّد مقولة الوكالة الدعائية بأن لاترايل مجرد نصب ودجل .. فرفع القضية ضد دكتور ريتشاردسون، ولكن عندما أستدعيت إبنته المريضة للإدلاء بشهادتها أدهشت المحكمة بدفاعها عن العلاج مؤكدّة أنها قد تحسّنت عليه فرُفضت الدعوى وأُطلق سراح المتهم البريء...!. بعد ذلك قامت الوكالة بثلاث هجمات لاقتحام العيادة وتفتيشها فلم تجد مخالفات تُذكر.. ومن ثم اتجهت إلى مراقبة رسائله البريدية المنقولة بحثاً عن دواء لاترايل موجّه إلى مرضاه الكثيرين في أنحاء الولايات .. صادرت هذه الرسائل وأقامت ضده عدداً من القضايا في كل ولاية بتهمة نقل دواء محظور بالمخالفة للقانون وبهذه الطريقة الجهنمية أجْبرته على توكيل محامٍ عنه في كل ولاية وأن يحضر للتحقيق في هذه المحاكم المتعدّدة .. وأصبح معرضاً [للمرمطة] في المحاكم والانتقال والتحقيقات التي لا تنتهي .. ولم يكن في طاقته القدرة على أن يتحمل كل هذا من حيث النفقات أو الوقت الضائع .. ولم يكتفوا بذلك بل سلطوا عليه مصلحة الضرائب فاجتاحت مكتبه مرة أخرى واستولت على كل دفاتر حساباته بحثاً عن أخطاء .. ثم طالبته بوضع مبلغ كبير من المال في مصلحة الضرائب على ذمة القضية ...! وهددته بتكرار هذه الهجمات على منزله ... يقول دكتور ريتشاردسون لقد انتصرت الوكالة وشعرت أخيراً بأنني هُزمت ...! لماذا يقف أي إنسان ضد علاج ممكن للسرطان؟ إنه السؤال الذي وجهه القاضي إلى دكتور جون ريتشاردسون سنة 1971 وهو نفس السؤال الذي جعل مؤلفاً متميّزًا مثل "جى. إدوارد جريفين" ينفق سنتين ونصف السنة من عمره ليبحث عن إجابة لهذا السؤال قبل أن يشرع في تأليف كتابه الشهير (عالم بلا سرطان) .. لقد سأل نفسه: ما هو الدافع أو الدوافع التي تجعل أناساً يقفون هذا الموقف..؟! وجاء بحثه عن الإجابة مسجلاً في كتاب كامل نستعرض بعض لمحات منه يقول فيها: "لطالما قررت في مناسبات عديدة حقيقة أن الغالبية العظمى في أولئك العاملين في الخدمة الطبية والصيدلية والبحث العلمي، وأولئك الذين يجمعون تبرّعات أهل الخير لعلاج المحتاجين .. كل هؤلاء يتمتعون بضمير حي كأفراد مخلصين لمهنهم وأعمالهم التطوّعية، ويعتقدون أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لخير الإنسانية، وينسحب الحكم أيضاً على الأطباء الذي تلقّوْا قليلاً من المعرفة عن علم التغذية، والذين لم يسمعوا عن شئ اسمه تروفوبلاست في علاقته بالسرطان، والذين لم يُمنحوا الفرصة لكي يجرّبوا لاترايل في علاج السرطان، والذين لم يقرأوا شيئاً عن العلاج بالفيتامينات في أي مجلة طبية معتمدة رسمياً .. وليس لديهم أي سبب يجعلهم يتشككون في ثقتهم بصدق الخبراء الذين يزعمون أنهم قاموا بأبحاث علمية ووجدوا نتائج كذا وكذا...! وأسوأ ما يمكن أن يُوجّه إلى هؤلاء جميعاً من نقد هو أنّهم متحيّزون ضد شئ ليسوا على بيّنة من أمره ألا وهو العلاج بالفيتامينات .. إنهم متعصبون بإخلاص .. فنحن جميعاً متعصبون لما نعتقد أنه صحيح .. ويمكن القول بأن عقولهم مغلقة في كثير من القضايا مثلنا جميعاً لا أكثر ولا أقل...! فتحيّزهم ضد العلاج بالفيتامينات مفهوم .. إنه تحيز مأسوف عليه ولكنه ليس شراً ...! فإذا نزلنا درجة أسفل تحليلاً في قائمة الدوافع فسنجد شيئاً يمكن أن نسميه المهنيّة.. وهذا أيضاً ليس شراً .. لأن صاحبه لا يعاني من دافع مصلحي طاغٍ يقف حائلاً بينه وبين الموضوعية .. أما ذلك النوع من المصلحيّين فيتمثل في أولئك الذين يقفون حجر عثرة في وجه أي تطوّر أو تغيير مقترح في أساليب معالجة مشكلات صحية تحولت إلى معضلات .. لأن لديهم مصلحة طاغية للمحافظة على الأوضاع الراهنة وإبقاء المشكلة بكل أبعادها وبمشاعر الإحباط التي تنفثها في حياة مرضى السرطان ... هذا النوع الغريب من المصْلحيّين كان دائماً معنا طول الوقت .. إنهم أولئك الناس الذين يعرفون الإجابة عن سر المشكلات الطبية التي لا تجد حلاّ جذرياً بوسائل العلاج التقليدية ولكنهم يتشبثون بها .. ويقاومون بعناد وإصرار أي حل مقترح فيه احتمال بالتهديد لأنانيتهم المقدّسة.
الجمعية الأمريكية للسرطان: والكلام عنها لجى. إدوارد جريفين يقول: هنا تجد أناساً يفكرون بهدوء في إطلاق وتنظيم مشروعات ناجحة لجمع تبرعات من الجماهير لمساعدة مرضى السرطان .. لقد تمكنوا مع الوقت وبالإعلانات المصمّمة بأساليب فنية مبتكرة وبالعلاقات العامة الذكية والمدروسة بطريقة علمية .. تمكّنوا من تجنيد مليوني متطوّع من طلبة وطالبات المدارس والنساء والأطفال في جمع الأموال والتبرعات التي تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنوياً.. رُبْعها فقط يذهب للأبحاث والدراسات .. ولا شئ منها على الإطلاق يُخصّص لبحث عناصر الغذاء الطبيعي وفاعليتها في علاج السرطان .. لماذا؟ يقول جريفين لأنهم إذا فعلوا هذا وفتحوا باب الغذاء الطبيعي كعلاج للسرطان فسوف يدخل عليهم الحل ليقف على بُسطهم القطيفية ويصيح فيهم: لقد انتهى دوركم .. ولم يعد لكم مكان هنا .. اذهبوا إلى حال سبيلكم...! ولسوف يتحقق الوعد الذي يتصدر منشورات الجمعية الرسمية والذي يقول: "الجمعية الأمريكية للسرطان هي مؤسسة طوارئ مؤقتة تسعى في إطار حملتها المستقلة المقدسة للحصول على أموال كافية لتشنّ حرباً لا هوادة فيها على السرطان...!". يقول (جريفين): شكراً لعالم النفس فُرويدْ الذي كشف لنا عن حقيقة النوايا الجوّانية عندما تنطلق سهواً من أفواه أصحابها فيما سماه "فلتات اللسان" .. وفلتة اللسان الكاشفة هنا تكمن في عبارة "محاربة السرطان" .. إنهم لم يقولوا "هزيمة السرطان" فإذا لم ينهزم فستظل الجمعية قائمة إلى الأبد لجمع الأموال...! وذلك بالمخالفة الصارخة لتعريفها المبدئي الذي حدد وظيفتها بأنها "مؤسسة طوارئ مؤقتة ...!". [وهذا ما حدث بالفعل فقد نشأت هذه الجمعية الطارئة المؤقتة سنة 1913 وهي باقية إلى اليوم وقد اقترب عمرها من القرن ولا تزال تجمع الأموال...!]. ومع ذلك (كما يقول جريفين) فنحن ما نزال نتحدث عن رجال ونساء أقرب إلى البراءة منهم إلى الشرور والنوايا الخبيثة .. فإذا إنحدرنا إلى أسفل درجة أخرى في قائمة الدوافع فسوف نجد فئة الباحثين عن الأرباح .. والربح ليس خيراً أو شراً فى حد ذاته.. ذلك لأن الأمر يتوقف هنا على الظروف التي يتم بها الحصول على الربح .. فهو خير طالما أُكتسب من حلال وليس عن طريق الغشّ أو القهر .. وطالما أن هناك حرية اختيار عند المستهلك: أن يشتري أو لا يشتري .. أو يتوجه بالشراء من مصدر آخر غير المعروض عليه .. إنه خير طالما كانت الاتفاقات المعقودة بين البائع والمشتري .. بين المقرض والمقترض تتم وتنفّذ بأمانة تامة .. فالربح الناتج هنا هو ريح حلال لا شر فيه. أما إذا كان أحد الطرفين واقعاً تحت حالة إذعان أو ابتزاز من ناحية الأسعار أو الشروط ولو كان غيرها موجوداً ومتاحاً له لرفض الصفقة .. أو كانت اختياراته قد حُصرت وأحيط بها فأصبحت محدّدة بنوع من التآمر أو بأي قوّة خارج إطار المنافسة في السوق الحرة .. في هذه الحالة يكون الربح الناتج من هذه الصفقة حراماً وظلماً وإجحافاً مهما قلّت قيمته .. ظالم لأنه أُكتُسب بالغش أو بالقهر أو بهما معاً .. ولا يهم بعد ذلك إذا جاء هذا الظلم من جهة حكومة أو مؤسسة تجارية، أو احتكار كارتلات أو من عصابات الجريمة المنظمة فاكتساب المال بواسطة الغش والقهر هو جوهر السرقة واستلاب أموال الناس وحقوقهم المشروعة .. وقد كانت هذه هي السياسة السائدة للشركات متعدّدة الجنسيات حيث تتمكن من تخفيض المنافسة فيما بينها فيما يعرف بالكارتلات لكي تحدّ من اختيارات المستهلك ولها في ذلك أساليب لا حصر لها... نتابع بحول الله وقوته فى حلقة قادمة إن شاء الله....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.