6 آلاف لاجئ سورى يصلون يوميًا إلى المخيمات الحدودية سوريا تعانى كارثة إنسانية ونظام بشار رفض دخولنا لإغاثة ضحايا الثورة أعددنا استراتيجية عاجلة لمواجهة الأوبئة و نقوم بإعداد استراتيجية لمكافحة الإيدز. أكدت السفيرة ليلى نجم مدير إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية بجامعة الدول العربية، أن الأنظمة العربية حاصرت مواطنيها بالقهر والظلم والاضطهاد موضحة أنه بالرغم من ثورات الربيع العربى انطلقت منذ عامين إلا أنها لم تمنح شعوبها قبلة الحياة. وقالت نجم، إن الدول العربية من حقها طلب دعم إنسانى وصحى من إدارة المساعدات الإنسانية بجامعة الدول العربية فى حالة الكوارث الإنسانية والحروب الداخلية والخارجية، مشيرة إلى أن مصر لم تطلب أى مساعدة إنسانية او صحية رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعانيها منذ اندلاع ثورة 25 يناير. وأوضحت نجم، إلى أن أكثر الدول العربية معاناة هى سوريا التى يخرج منها يوميًا أكثر من 6 آلاف لاجئ سورى يصلون إلى المخيمات الحدودية ويضطرون للحياة فى المناخ قارص وظروف صعبة، مبينة أن سوريا تعانى كارثة إنسانية خاصة أن نظام بشار الأسد رفض كثيرًا دخول لجان جامعة الدول العربية لإغاثة ضحايا الثورة من الأطفال والنساء. وإلى نص الحوار: ** فى البداية.. كيف ترين المشهد العربى فى ظل الأوضاع الراهنة؟ فى حقيقة الأمر نحن فى حاجة ماسة إلى حل سياسى حاسم، فالحل السياسى هو الحل الوحيد لإنهاء هذه الأوضاع الإنسانية المتردية فى العالم العربي، فلقد مر عامان على المواطن العربى ولكنه للأسف مازال يتعرض للظلم والقهر والاضطهاد مما يضطره للهرب إلى الحدود ولكنه يجد نفسه كمن يستجير بالرمضاء من النار. ** هل يمكن أن نصل لهذه المرحلة فى مصر؟ بالطبع لا.. لن نصل لهذه المرحلة فالظروف مختلفة تمامًا، كما أن لدى إيمانا قويا بالشعب المصرى العريق. ** لماذا اذًا مازلنا نعيش فى الأزمة؟ عندما يكون لديك بخار محكم الغطاء بمجرد رفع هذا الغطاء ينطلق ضغط البخار فيحرق وجه من يصادفه وهذا ما يحدث الآن، فنحن نعانى من حالة الاحتراق نتيجة اندفاع هذا البخار، فالفترات الانتقالية هى الأصعب كما يخبرنا التاريخ، وأى دولة حدثت فيها ثورات كما حدث بمصر تمر بتلك الظروف، وبالرغم من الظروف الصعبة التى تمر بها مصر إلا أننى أرى جانبا إيجابيا فى هذه الأزمة، فهى رسالة لنا من الله حتى نتغير ولن نخرج من هذه الأزمة حتى نصحح أخطائنا فهناك أشياء كثيرة فى المجتمع يجب تصحيحها، فنحن كشعب مصرى لديه العديد من السلبيات، شعب اتكالى يستهلك أكثر من إنتاجه و 75% من الشعب المصرى لا يريد أن يتحمل المسئولية. ** وما الحل للخروج من هذه الأزمة؟ فى القاعة الكبرى بجامعة الدول العربية سنجد آية "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هذا هو الحل فيجب أن نبحث داخل أنفسنا عن الإيجابيات ونعيد تفعيل طاقتنا واستثمارها، لكن للأسف كل منا ينتظر الآخر ليقدم الحلول ولا أحد يفعل شيئا. ** معنى هذا أننا لا نحتاج إلى حل سياسى؟ أتفق معك.. نحن لا نحتاج لحل سياسى بل نحتاج لحل من داخلنا حتى نصل إلى الطريق الصحيح. ** أليس من الغريب أن مصر فى ظل ما تعانيه منذ 25 يناير لم تطالب بأى مساعدات من جامعة الدول العربية كما فعلت لبنان والعراق بالرغم من أننا نسعى للحصول على قروض ومنح من الدول الأجنبية؟ يجب أن تعلمي.. إن أى دولة من حقها أن تطلب من مجلس وزراء الصحة العرب دعم القطاع الصحى لديها فى حالة وجود أى أزمة لديها، وجامعة الدول العربية للدول العربية كافة، وأى دولة من حقها أن تتقدم بطلب المساعدة، ولم يتأخر مجلس وزراء الصحة العرب فى دعم أى دولة تحتاج لهذا الدعم. ** ماذا عن طبيعة عمل إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية؟ إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية إحدى الإدارات التى يضمها قطاع الشئون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، وعملها يتصل بمجلس وزراء الصحة العرب، وهذا المجلس يجتمع مرتين فى العام، الأولى فى شهر مارس والثانية فى شهر مايو والتى تكون متزامنة مع انعقاد دورة الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، فيتم طرح عدد من الموضوعات التى تهم القطاع الصحى فى الدول العربية، وتكون مهمة الإدارة من خلال ما يسمى الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب بمتابعة تنفيذ هذه القرارات. ** لماذا ليس لها نشاط ملموس فى وقت يعانى فيه بعض الدول العربية من أزمات إنسانية؟ من قال هذا.. إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية من انشط الإدارات بالجامعة، ففى الدورة الخاصة بمجلس وزراء الصحة العرب والتى عقدت فى مارس 2012 بالعاصمة الأردنية عمان تم رصد دعم مالى لخدمة هذا القطاع، وكان واجب التنفيذ بعد صدور القرار من قبل الوزراء، وهذه تكون أحد مهام الأمانة الفنية والتى هى جزء من إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية، كما عقدت الشهر الماضى قمة اقتصادية عربية تنموية واجتماعية فى الرياض، وكان أهم الموضوعات التى طرحت على جدول أعمال القمة التصدى للأمراض غير المعدية بما أنها بتشكل عبئا على اقتصاديات الدول وتعوق عملية التنمية، فالأمراض غير المعدية تستنزف ميزانيات الأمراض فى الدول العربية كالأمراض السرطانية، وأمراض القلب، والأمراض التنفسية المزمنة وغيرها من الامراض. ** لماذا لم نسمع من قبل عن إنجازات تلك الإدارة؟ يجب أن نعترف أن للإعلام دور فى ذلك، فنحن قمنا بالعديد من الإنجازات، ودعنا نعترف ببعض الإنجازات على الأقل حتى نتشجع فى العمل، فعلى سبيل المثال أثناء اجتياح وباء “AH1N1” أو ما يطلق عليه أنفلونزا الخنازير اجتمع مجلس وزراء الصحة فى دوره طارئة فى العاصمة الرياض فى 2009 فور اندلاع الوباء، وخرج إعلان الرياض الذى نص على ضرورة العمل فى البدء فورا فى إعداد استراتيجية عاجلة لمواجهة الأوبئة، وكان أول وباء نوجهه فى هذه الاستراتيجية هو “AH1N1” لوضع استراتيجية عربية ليس فقط لهذا الوباء بل لمواجهة أى وباء يواجه المنطقة فيما بعد. ** وماذا عن الأمراض الخطيرة والتى بدأت تنمو بشكل بشع كالإيدز؟ يجب أن تعلمي.. إن“الإيدز” ليس مرضا ولكنه فيروس نقص المناعة البشرى المكتسب HIV، ونحن نقوم بإعداد استراتيجية لمكافحة الإيدز أو نقص المناعة البشري. ** ولماذا لا يوجد خريطة لانتشار الإيدز فى البلاد العربية؟ الأسباب العلمية معروفة ومحددة علميا ونحن كجامعه عربية نناقش خطط عمل مشتركة، ولكن من حق كل دولة أن يكون لها سياستها التى تتبع وزارة الصحة، ودورنا كجماعة عربية سيتوقف على توفير الخبرات الفنية التى تدعم أى نظام صحى ضعيف فى دوله ما، فنمدهم بخبراء فنيين يقومون بدعم صحى أو بدعم فنى فى البداية، وهذا ما نحاول تأسيسه من خلال استراتيجية عربية تضع خطه للرعاية الصحية الدولية. ** وماذا عن المساعدات الإنسانية؟ فى الحقيقة جزء كبير من عمل الإدارة يقوم بتقديم مساعدات إنسانية فى العديد من الدول العربية، وقد قمت بزيارة غزة ودخلت القطاع وقمت بزيارة مستشفيات القطاع وكنت على رأس قافلة للمساعدات الإنسانية وإمداد مستشفيات غزة بأحدث بأجهزة غسيل الفشل الكلوى عام 2010 عقب زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية، بعدها قمت أثناء اندلاع أعمال العنف التى شهدتها ليبيا بزيارة ليبيا على رأس قافلة تضم 9 شاحنات كبيرة وعربات إسعاف مجهزة ووحدة عناية مركزة، وكان هناك لجنه تقصى حقائق تعرفنا على كل الفاعليات فى المجتمع الليبى أثناء الحرب تعرفنا على حماسهم وعرفنا أنه لم يكن هناك أى بنية اجتماعية موجودة فى البلد ورغم هذا الثوار والمرأة الليبية وكل المواطنين خلقوا نوعًا من النشاط الاجتماعي، حتى يقوموا برعاية كبار السن، بالإضافة للذهاب إلى الحدود الأردنية السورية والحدود اللبنانية السورية لأننا عجزنا عن دخول سوريا لفشلنا فى الحصول على ترخيص من النظام السوري، فتم التنسيق والتعاون مع منظمة الصحة العالمية بإيصال الدعم الذى قرره مجلس وزراء الصحة العرب للمتضررين فى سوريا وتم إيصال هذا الدعم عن طريق منظمة الصحة العالمية . ** هناك تعاون مع منظمات دولية فى مجال المساعدات الإنسانية؟ هذا صحيح.. ففى أثناء اندلاع أعمال العنف فى ليبيا قمنا بعمل ورشة عمل مع المنتدى الإنسانى فى بريطانيا وهى منظمة غير حكومية وغير هادفة للربح، فقام رئيس المنتدى وقتها بزيارة ليبيا وعمل دورات تدريبية لأهل ليبيا تهدف لكيفية التعامل مع الآثار المترتبة على النزاع والحرب، وكيفية التعامل مع المرضى والمسنين على أرض الواقع أثناء اندلاع عمليات العنف، وكان من نتيجة هذه الورشة أيضا تبرع عدد من المنظمات الخيرية مثل بنك الطعام وجمعية رسالة وجمعية الأورمان بمساهمات تم إرسالها إلى ليبيا، فهذه الورشة لم تكن حبرًا على ورق وإنما ترجمت على أرض الواقع، كما كانت هناك بعثة مشتركة بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى برئاسة الجامعة العربية، وكانت هذه البعثة مزودة بشاحنات عملاقة بها مواد طبية وأدوية، وسيارات إسعاف مجهزة عن طريق البر، كما قمنا بنقل الحالات التى تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية للمستشفيات بالتعاون مع جمعية الأورمان وجمعية رسالة، كما كان هناك تعاون بين جامعة الدول العربية وبين جمهورية سيلوفينيا حيث استضافوا عددًا من جرحى أعمال العنف لإعادة تأهيلهم فى سيلوفينا. ** وماذا عن سوريا.. المواطن العربى يرى أن كل دور جامعة الدول العربية هو الشجب والإدانة خاصة أن أموال الصندوق التى تم تخصيصها لسوريا لم نسمع عنها حتى الآن؟ هذا غير صحيح.. فالصندوق الذى تم تخصيصه لصالح سوريا لم يكن أموالا، فكل دولة من الدول الأعضاء قامت بتسديد مساهماتها على أرض الواقع، فالمملكة السعودية قامت بعمل مستشفى ميدانى فى مخيم الزعتري، كما قدمت مساحة تسع 20 ألف لاجئا فى مخيمات على أعلى مستوي، كما قامت البحرين بإنشاء مدرسة نموذجية فى مخيم الزعترى على أعلى مستوى، بالإضافة إلى أنها مدرسة مكيفة حتى لا تحرم الأطفال الذين نزحوا فى ظروف قاسية من العنف والقتل من التعليم، وهنا كدول قامت بإنشاء رياض للأطفال لأن أكثر من يعانوا داخل هذه المخيمات النساء والأطفال والتى تبلغ نسبتهما 75% من اللاجئين النازحين من الشعب السوري. ** ماذا عن الأوضاع داخل هذه المخيمات؟ الوضع صعب للغاية نتيجة التكدس البشرى داخل هذه المخيمات، فالأعداد تتزايد يوما بعد آخر فعندما وصلنا للزعترى وجدنا 6000 لاجئ فى يوم واحد ينقلهم الهلال الأحمر الإماراتي، ورغم كل هذه الضغوط إلا أن الدول المضيفة تبذل قصارى جهدها خاصة أن كل هذه الدول ذات اقتصاد ضعيف وتعانى من أزمات مالية، وقد رصدنا أثناء بعثتنا الشهر الماضى التداعيات الاجتماعية لهؤلاء من خلال النازحين للمخيمات، علاوة على الظروف المناخية الصعبة على الحدود. ** وهل مازالت جامعة الدول العربية تقدم مساعداتها؟ بالطبع.. مساعدات جامعة الدول العربية مستمرة ومتواصلة ولا تنقطع، فنحن نقوم بحملات وطنية لمساعدة النازحين والدول الخليجية تقدم بسخاء، كما أننا قمنا بعرض نتائج لجنة تقصى الحقائق الخاصة بالبعثة فى المؤتمرالدولى للمانحين والذى عقد فى الكويت نهاية الشهر الماضي، فتم جمع مليون ونصف المليون دولار لدعم اللاجئين السوريين فى دول الجوار بالتنسيق مع الدول اللى تستضيف اللاجئين والمنظمات الدولية مثل المفوضية لشئون اللاجئين ومنظمة الطفولة العربية اليونسيف. ** وما أهم المشاكل التى تواجهها الإدارة فى مساعدتها للدول العربية التى تعانى مشاكل؟ قسم المساعدات الإنسانية قسم وليد، ورغم ذلك سجل اهتمام منظمات إغاثة فى انجلترا أو جمعيات خيرية فى مصر، وأبدوا مدى التجاوب حينما قمت بمخاطبتهم فى القوافل كانت استجابتهم استجابة عظيمة جدًا، ولكن تبقى الميزانية محدودة جدا وتحتاج إلى دعم، خاصة أن النظام الأساسى لمجلس الوزراء العرب يسمح بالهبات والتبرعات، وتستطيع أى هيئة كبيرة معنية بالمساعدات الإنسانية أن تقدم هذا، ولكننا نطمح مع تنامى هذا الشأن الإنسانى الذى أصبح ضرورة ملحة لما تتعرض له منطقتنا العربية ليس فقط من كوارث طبيعية أو كوارث من فعل الإنسان. ** ولكننا نعانى من البيروقراطية التى لا تهتم بالتعاون الخيرى وتقديم المساعدات الإنسانية؟ أعتقد أن الظروف التى تمر بها المنطقة العربية ستفرض على العالم العربى ضرورة العمل الخيرى والجماعي، فلن يكون هناك وقت للاختيار خاصة وأن العمل الجماعى دائما ناجح.